دولة المناطق العازلة… كيف يسعى الاحتلال الإسرائيلي لإعادة رسم حدود غزة؟
الحرب على غزة
6 دقيقة قراءة
دولة المناطق العازلة… كيف يسعى الاحتلال الإسرائيلي لإعادة رسم حدود غزة؟تتواصل مفاوضات وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل بشأن قطاع غزة، وسط تباينات حادّة أبرزها قضية تمركز قوات الاحتلال داخل حدود القطاع، والمناطق التي يُفترض أن تنسحب منها بموجب أي اتفاق مستقبلي.
بدأت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بتنفيذ خطة لإقامة منظومة دفاع أرضية ثلاثية الطبقات تمتد على طول الحدود مع قطاع غزة ومناطق أخرى. / Reuters
19 يوليو 2025

وتُصرّ إسرائيل، بحسب ما يتسرّب من المفاوضات، على الاحتفاظ بمنطقة عازلة داخل حدود غزة، يتراوح عمقها بين 700 متر إلى كيلومتر واحد، وتُعدّها خط الدفاع الأول في مواجهة أي تهديدات محتملة من داخل القطاع. 

وفي هذا النطاق، يعمل جيش الاحتلال على إنشاء سلسلة من المواقع والتحصينات العسكرية التي تُشكّل امتداداً لنموذج "الحزام الأمني" الذي عرفته إسرائيل سابقاً في جنوب لبنان.

وتشير التطورات الميدانية إلى أن السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما تلاه من انهيار مواقع فرقة غزة الإقليمية، وتدمير متتالٍ للجدار الحدودي، دفع إسرائيل إلى إعادة النظر جذرياً في فلسفة تأمين حدودها، ليس فقط مع غزة، بل على امتداد حدودها مع لبنان وسوريا، وحتى الأردن ومصر.

 وقد بدأ هذا التحوّل ينعكس ميدانياً من خلال بناء تحصينات ثابتة، واعتماد منظومات دفاعية متعددة الطبقات، وسط مقاربة جديدة تقوم على التمركز العميق والردع الاستباقي.

بلد المناطق العازلة 

في تقرير نشره المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، روني بن يشاي، في مطلع العام الجاري، كشفت الصحيفة أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بدأت فعلياً تنفيذ خطة لإقامة منظومة دفاع أرضية ثلاثية الطبقات، تمتد على طول حدودها مع قطاع غزة ومناطق أخرى.

وبحسب التقرير، فإن الطبقة الأولى من هذه المنظومة ستُقام داخل الأراضي الإسرائيلية، وتشمل نقاطاً عسكرية دائمة، وحواجز ميدانية مكوّنة من جدران أو سياج معدني، مدعومة بأنظمة استشعار متطورة لرصد أي تحرك على الحدود.

 كما تتضمن الخطة تشييد شبكة طرق عسكرية سريعة لتعزيز القدرة على الانتشار السريع، إلى جانب نشر وحدات احتياطية، ومنظومات دفاع جوي ومدفعية في مناطق التماس.

أما فيما يتعلق بقطاع غزة، فتوضح يديعوت أحرونوت أن إسرائيل تسعى إلى إنشاء منظومة مشابهة، تفصل بين أراضي القطاع وبلدات "غلاف غزة"، لكنها تختلف في طابعها عن تلك الموجودة على الحدود مع لبنان.

 ففي حين اعتمدت الأخيرة على معسكرات مؤقتة متنقلة، تسير الخطة في غزة على إقامة مواقع عسكرية دائمة ومحصّنة قادرة على الصمود والتصدي لأي هجوم مفاجئ.

وتتحدث الصحيفة عن الطبقة الثانية من المنظومة الدفاعية، التي من المقرر أن تُقام داخل أراضي العدو، وتُشكّل ما يُعرف بـ"الدفاع الأمامي"، وهو نموذج مستوحى من تجربة "الشريط الأمني" الذي أقامته إسرائيل في جنوب لبنان بين عامي 1984 و2000.

 ويشمل هذا النموذج إقامة منطقة أمنية داخل قطاع غزة، تُبقي جيش الاحتلال الإسرائيلي حاضراً هناك بشكل دائم أو عبر أدوات مراقبة واستخبارات متقدمة.

وتؤكد يديعوت أحرونوت أن إسرائيل تُصرّ على الاحتفاظ بحق العمل العسكري داخل هذه المنطقة الأمنية، سواء عبر وجود دائم، أم من خلال دوريات برية وجوية، أو عبر وسائل مراقبة إلكترونية. وتشير الصحيفة إلى أن هذا الإصرار يُمثّل عنصراً محورياً في أي اتفاق تسوية محتمل بشأن مستقبل قطاع غزة.

15 موقعاً 

في تقرير ميداني نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت في أبريل/نيسان الماضي، أشار الصحفي الإسرائيلي يؤاف زيتون إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنشأ نحو 15 موقعاً عسكرياً جديداً على امتداد الشريط الحدودي مع قطاع غزة، ضمن ما يُعرف بـ"المنطقة العازلة".

وبحسب ما نقلته الصحيفة، تُعرف هذه المواقع باسم "بم/ك"، وهي اختصار لـ"قاعدة ميدانية أمامية"، وقد أُقيمت داخل الحزام الأمني الذي يمتد داخل أراضي قطاع غزة بعمق متغير، وتهدف إلى تشكيل خط دفاع أول.

وفي تعليقه لـTRT عربي، يرى الباحث والمحلل العسكري عماد ناصر أن هذه المواقع تُبنى غالباً على مقربة من مناطق العمليات، وتُوظف كـ"مراكز دعم وإسناد" للقوات المتقدمة، إضافة إلى دورها في تعزيز الدفاعات الأمامية أو إطلاق عمليات هجومية سريعة وحفظ الأمن داخل القطاع الحدودي".

وتُظهر الصور الجوية أن الجزء الأكبر من هذه المواقع العسكرية يقع على عمق يصل إلى 500 متر داخل أراضي قطاع غزة، وتربط بشوارع شُقَّت حديثاً مع المواقع العسكرية داخل حدود دولة الاحتلال. 

وأفادت يديعوت أحرونوت أن المواقع الجديدة تستضيف في الأغلب وحدات من قوات المشاة والمدرعات، وتحيط بها سواتر ترابية مرتفعة على غرار التحصينات التي استخدمها الجيش خلال المناورات البرية السابقة داخل القطاع.

 كما أوضحت أن حجم القوات في هذه النقاط لا يزال محدوداً، في ظل أزمة في القوى البشرية، ما دفع الجيش للاعتماد بشكل أساسي على كتائب الاحتياط منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

أما من حيث ظروف المعيشة، فذكرت الصحيفة أن الجنود ينامون داخل وحدات مصفحة مسبقة الصنع من نوع "ميغرونيت"، أو في خيام ميدانية تقليدية، تبعاً لطبيعة كل موقع.

وتخضع هذه المواقع لإشراف مباشر من فرقة غزة الإقليمية التابعة للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي. 

وفي سبتمبر/أيلول 2024، نظّمت القيادة العسكرية الإسرائيلية مراسم تسلّم وتسليم لقيادة الفرقة، تولّى خلالها باراك حيرام المنصب خلفاً لآفي روزنفيلد، وذلك في أحد المواقع العسكرية التي أقيمت داخل المنطقة العازلة قرب بلدة بيت حانون.

واعتبرت يديعوت أحرونوت أن اختيار هذا الموقع تحديداً لإقامة المراسم يحمل دلالات رمزية، ويعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لهذه التحصينات، التي باتت تشكل عنصراً محورياً في بنية الردع والدفاع على الجبهة الجنوبية.

وخلال المراسم، أكد القائد الجديد باراك حيرام إصرار الجيش على مواصلة بناء وتعزيز هذه المواقع، في إطار ما وصفه بـ"تحصين الحزام الأمني" المحيط بقطاع غزة، مشدداً على أن الهدف الأساسي من هذه الخطة هو منع تكرار هجمات مباغتة كالتي وقعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

موقع "إسرائيل" بدلاً من فلسطين 

في تقرير ميداني نشرته صحيفة جيروزالِم بوست، كشفت الصحيفة عن تفاصيل موقع عسكري سري جديد أقامه جيش الاحتلال الإسرائيلي في شمال قطاع غزة يحمل الاسم الرمزي "إسرائيلا"، ويهدف إلى منع أي اجتياح مستقبلي محتمل من جانب حركة حماس باتجاه الأراضي الإسرائيلية.

وبحسب التقرير، فإن هذا الموقع، إلى جانب موقعين عسكريين آخرين في محيطه، يقع على مرتفع استراتيجي يوفّر رؤية بانورامية شاملة تمتد إلى بيت حانون، بيت لاهيا، جباليا ومدينة غزة، ما يمنح الجيش الإسرائيلي أفضلية استخبارية ونارية على محاور الحركة في شمال القطاع.

وأشارت جيروزالِم بوست إلى أن العقيد في الاحتياط ت.، قائد كتيبة 969 التابعة للواء الشمالي ضمن تشكيلات فرقة غزة (الفرقة 99)، صرّح بأن عملية إنشاء الموقع استغرقت عدة أسابيع، وذلك بعد استكمال السيطرة على المنطقة في أعقاب العمليات البرية التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2023. 

كما عبّر الضابط عن أمله في أن يُبقي الجيش تمركزه في هذا الموقع الاستراتيجي لفترة طويلة، بدعم من المستوى السياسي الإسرائيلي.

وبناءً على المعطيات الواردة في التقرير، إضافة إلى تحليل الصور الجوية للمواقع العسكرية الإسرائيلية المُقامة داخل قطاع غزة، يُرجّح أن الموقع المشار إليه يقع شمال بلدة بيت لاهيا، وجنوب مستوطنة "نتيف هعسراه"، في منطقة كانت تضم سابقاً موقعاً لكتائب القسام يُعرف باسم "فلسطين"، الذي سيطرت عليه القوات الإسرائيلية خلال الموجة الأولى من عملياتها البرية في غزة.

وتتميز هذه المنطقة، بحسب التقرير، بموقعها الجغرافي الحاكم الذي يوفّر قدرة رصد ناري واستخباري شاملة على كامل شمال قطاع غزة، ما يجعلها محوراً مركزياً في بنية الدفاع الإسرائيلية الجديدة على الحدود.

مصدر:TRT عربي - وكالات
اكتشف
"تلتزم تحقيق السلام مع لبنان".. المبعوث الأمريكي يدافع عن إسرائيل رغم اعتداءاتها المتواصلة
البرغوثي: نواجه مخططات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين.. وأمريكا تواصل انحيازها الكامل لإسرائيل
مظاهرة داعمة لفلسطين أمام البيت الأبيض احتجاجاً على زيارة نتنياهو
جيش الاحتلال يعلن اعتقال خلية يزعم أنها تتبع فيلق القدس الإيراني جنوبي سوريا
ترمب يتوعد الدول المتحالفة مع بريكس برسوم جمركية إضافية بنسبة 10%
ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في تكساس إلى 82 قتيلاً وسط استمرار البحث عن مفقودين
ترمب: أمامنا فرصة جيّدة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة هذا الأسبوع
قادة "بريكس" يدعون إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية ويُدينون الهجمات على إيران
القسام تستهدف تجمعات لجيش الاحتلال بخان يونس وتقصف مستوطنتين محاذيتين لغزة
بلا نتيجة حاسمة.. انتهاء الجلسة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل
جيش الاحتلال يستهدف مواني ومحطة كهرباء في اليمن والحوثيون يعلنون التصدي للهجوم
الضفة.. شهيدان في نابلس وإخطارات بالهدم في الخليل و296 انتهاكاً إسرائيلياً في سلفيت
الدوحة.. جولة مفاوضات جديدة غير مباشرة بين حماس وإسرائيل لأجل وقف إطلاق النار في غزة
"بملايين الدولارات".. تقرير بريطاني: شركة أمريكية تخطط لتهجير فلسطينيي غزة عبر المساعدات الإنسانية
عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب باتفاق شامل تزامناً مع مفاوضات الدوحة
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us