وقال أبو عبيدة في الكلمة المصورة الأولى له منذ استئناف حرب الإبادة في مارس/آذار الماضي: "نراقب عن كثب ما يجري من مفاوضات، ونأمل أن تُسفر عن اتفاق وصفقة تضمن وقف الحرب على شعبنا، وانسحاب قوات الاحتلال، وإغاثة أهلنا".
واستدرك بقوله: "لكن إذا تعنَّت العدو وتنصَّل من هذه الجولة كما فعل في كل مرة، فإننا لا نضمن العودة مجدداً بصيغة الصفقات الجزئية، ولا لمقترح الأسرى العشرة"، مؤكداً أن الفصائل الفلسطينية جاهزة لخوض معركة استنزاف طويلة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأعرب أبو عبيدة عن دعم “القسام” بكل قوة موقف الوفد التفاوضي للمقاومة الفلسطينية في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، منوهاً إلى أنه "جرى مراراً خلال الأشهر الأخيرة عرض عقد صفقة شاملة نسلم فيها كل أسرى العدو دفعةً واحدة، لكنَّ مجرم الحرب نتنياهو ووزراءه من الحركة النازية رفضوا هذا العرض".
وأردف قائلاً: "تبيّن لنا أن حكومة المجرم نتنياهو ليست معنية بالأسرى كونهم من الجنود، وأن ملفهم ليس أولوية، وأنهم هيّأوا الجمهور في الكيان لتقبّل فكرة مقتلهم جميعاً، لكننا تمسكنا بالحفاظ عليهم بقدر المستطاع حتى الآن".
عمليات ضد جيش الاحتلال
ولفت أبو عبيدة إلى أن مقاتلي القسام حاولوا خلال الأسابيع الأخيرة تنفيذ عمليات أسْر لجنود إسرائيليين، لكن الاحتلال استخدم أسلوب القتل الجماعي لجنوده المشكوك في تعرضهم للأسر، مضيفاً: "أوقعنا المئات من جنود العدو بين قتيل وجريح، إلى جانب آلاف المصابين بأمراض نفسية وصدمات، في وقت تزداد فيه أعداد الجنود المنتحرين بسبب فظاعة ما يرتكبونه من أفعال دموية، وهول ما يواجهونه من المقاومة".
وذكر أنّ مقاتلي القسام "يفاجئون العدو بتكتيكات وأساليب جديدة ومتنوعة، بعد استخلاصهم العبر من أطول مواجهة في تاريخ شعبنا"، مبيناً أنّ "العمليات النوعية مستمرة، وتشمل استهداف الآليات بالقذائف والعبوات، والاشتباك المباشر مع القوات الإسرائيلية، وقنص الجنود، وتفجير المباني وفتحات الأنفاق، وتنفيذ كمائن مركَّبة وعمليات إغارة".
وأردف: "بعد مرور 21 شهراً على معركة طوفان الأقصى والحرب الصهيونية النازية على شعبنا، نؤكد أن مجاهدينا وإخوانهم في فصائل المقاومة في جهوزية تامة؛ لمواصلة معركة استنزاف طويلة ضد الاحتلال، مهما كانت أشكال عدوانه".
وتطرَّق أبو عبيدة لعملية الاحتلال التي أطلق عليها "عربات جدعون"، قائلاً: "واجهنا هذه العملية ولا نزال، بسلسلة عمليات (حجارة داوود)، ونخوض جنباً إلى جنب مع المجاهدين والمقاومين من إخواننا في فصائل المقاومة خصوصاً إخواننا في سرايا القدس، مواجهةً غير متكافئة، بإيمان منقطع النظير وبأس شديد".
واستكمل قائلاً: "قتالنا أمر مبدئي وحق لا جدال فيه، وواجب ديني ووطني مقدس، ولا خيار لنا سوى القتال بكل قوة وإصرار وبأس شديد، بعون الله وتأييده. سنقاتل بحجارة الأرض وبما نمتلكه من إرادة ورجال مؤمنين يصنعون بالقليل من السلاح المعجزات المبهرة بفضل الله".
ونوه إلى أنّ "استراتيجية وقرار قيادة القسام في هذه المرحلة هو تأكيد إيقاع مَقتَلة في جنود العدو، وتنفيذ عمليات نوعية مركّزة من مسافة الصفر، والسعي لتنفيذ عمليات أسر لجنود صهاينة".
رسالة إلى قادة وعلماء الأمة
ووجَّه أبو عبيدة حديثه إلى قادة الأمة الإسلامية والعربية، قائلاً: "أنتم خصومُنا أمام الله عز وجل، أنتم خصومُ كل طفل يتيم، وكل ثكلى، وكل نازح ومشرّد ومكلوم وجريح ومجوَّع، إن رقابكم مثقلة بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء الذين خُذِلوا بصمتكم".
وتابع: "هذا العدو المجرم النازي، لم يكن ليرتكب هذه الإبادة على مسمعكم ومَرآكم، إلا وقد أمِنَ العقوبة، وضَمِن الصمت، واشترى الخذلان. لا نُعفي أحداً من مسؤولية هذا الدم النازف، ولا نستثني أحداً ممن يملك التحرك، كلٌّ حسب قدرته وتأثيره".
وشدد أبو عبيدة على أنّ "كل مبادرات وتضامن الأحرار في العالم، سواء نجحت أو أُجهِضت بإملاءات من الصهاينة، هي محطة فخر واعتزاز من شعبنا، وندعو إلى تصعيدها وتواصلها وفضح هذا العدو بكل السبل وفي كل الميادين والمجالات".
وأشار إلى أن "محاولات توظيف مرتزقة وعملاء للاحتلال بأسماء عربية هي دلالة على الفشل، ووصفة مضمونة للهزيمة، ولن يكون هؤلاء العملاء سوى ورقة محروقة في محيط وعي شعبنا وكرامته ورفضه للخيانة، وسيكون ما ينفقه العدو عليهم حسرة ووبالاً وخسراناً مبيناً للاحتلال ولعملائه".
وتواصل إسرائيل الحرب على غزة بموازاة مفاوضات غير مباشرة تُجريها مع حركة حماس في قطر منذ 6 يوليو/تموز الجاري، لإبرام اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار، وسط تقارير بتقدم المفاوضات.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلاً وتجويعاً وتدميراً وتهجيراً، متجاهلةً النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.