الضفة الغربية…40 ألف فلسطيني يمر عليهم رمضان دون الوجود في منازلهم
سياسة
4 دقيقة قراءة
الضفة الغربية…40 ألف فلسطيني يمر عليهم رمضان دون الوجود في منازلهميستمر الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على مخيمات شمال الضفة الغربية وفي مساعيه لإعادة تشكيلها أمنياً وهندسياً، ما انعكس على سكانها المهجرين الذين يعيشون "رمضان مختلفاً وصعباً" هذا العام، جراء العدوان الإسرائيلي الموسع منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي.
قوات جيش الاحتلال تواصل عمليات التجريف في مخيم جنين / AA Archive
5 مارس 2025

وقال سليمان بشارات، مدير مركز "يبوس للدراسات الاستراتيجية"، إن التصعيد الإسرائيلي المستمر في الضفة الغربية المحتلة قد يُفضي إلى "مواجهة شاملة" تشمل مختلف فئات المجتمع الفلسطيني.

 وأوضح بشارات أن ما يجري في الضفة الغربية يشبه محاولة لمحاكاة تجربة غزة، حيث يعتمد الاحتلال الإسرائيلي على سياسة التدمير الممنهج لإحداث تغييرات جغرافية وديمغرافية.

 وأشار إلى أن الاحتلال يسعى إلى خلق فواصل بين التجمعات السكانية عبر شق طرق عسكرية، مستشهداً بتصريحات قادة الاحتلال الذين تحدثوا عن "إعادة تجربة نتساريم" في مخيمات الضفة الغربية، وهو ما بدأ بالفعل في مخيم جنين.

 وأضاف أن إسرائيل تهدف إلى إعادة رسم الخريطة الديمغرافية في الضفة الغربية كجزء من مخطط الضم، إلى جانب محو هوية المخيمات الفلسطينية التي تعد رمزاً للنضال الوطني. وأكد أن الاحتلال يعمل على تفكيك المخيمات وإعادة توزيع اللاجئين بطرق مختلفة، في محاولة لفرض واقع جديد مشابه لما حدث في غزة.

كما أشار بشارات إلى أن الاحتلال يسعى إلى إنشاء بنية تحتية عسكرية تسهل عملياته، وتحدّ من أي نشاط مقاوم، من خلال فتح الطرق العسكرية وإقامة نقاط تفتيش وحواجز، حيث وصل عددها إلى 900 حاجز في الضفة، ما يفرض واقعاً يجبر الفلسطينيين على القبول بالاحتلال أو يدفعهم للهجرة الداخلية أو الخارجية.

وخلال أشهر العدوان على غزة، دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي مئات المباني على جانبي "محور نتساريم"، بهدف إقامة منطقة عازلة وسط القطاع، وتعزيز وجوده العسكري من خلال إنشاء بؤر عسكرية وأبراج اتصالات وتحصينات دفاعية، ما حوّله إلى خط عسكري محصّن. وهدفت إسرائيل، من خلال السيطرة على هذا المحور بين محافظتي غزة والوسطى، إلى تقسيم القطاع ومنع حركة الفلسطينيين ومركباتهم بالقوة العسكرية.

و حذر بشارات من أن هذا الضغط العسكري المكثف قد يؤدي إلى اتساع نطاق المواجهة، ما قد يدفع مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني إلى الانخراط في العمل النضالي.

رمضان الأصعب

يصف الفلسطيني طالب أبو سليم (67 عاماً)، الذي يقيم في مركز إيواء ببلدة ذنابة قرب مخيم طولكرم، شهر رمضان هذا العام بأنه "الأصعب" على الإطلاق.

يقول أبو سليم: "منذ 30 يوماً، أعيش هنا بعد أن اضطررت إلى النزوح من المخيم، ولم يُسمح لي بأخذ أي شيء من مقتنياتي. شاهدت منزلي يُهدم بجوار عشرات المنازل الأخرى التي دُمّرت كأنها لم تكن موجودة".

ويتابع بأسى: "رمضان في البيت يعني دفء العائلة واجتماع الأهل، كنا نعيش أجواء من التكافل والسهرات والحياة، أما اليوم فقد فقدنا كل شيء". أكثر ما يؤلمه هو غياب الاجتماع السنوي للعائلة، إذ يقول: "اليوم كلنا في مراكز النزوح، الأخ والعم أصبح كل منهما بعيداً عن الآخر".

أما حازم مسروجي، النازح من مخيم نور شمس، فيعيش مع زوجته وأطفاله الأربعة بلا مأوى، معتمداً على ما يقدمه المتبرعون لسد رمقهم. يقول بحزن: "كانت لنا بيوت وأعمال، كنا نعتمد على جهدنا في تأمين قوتنا، لكن اليوم بتنا مشردين بلا منازل ولا شيء، الجيش الإسرائيلي دمّر منزلي وطردني منه".

يضيف متألماً: "لم يعد لديَّ شيء، بعتُ كل ما أملك، واليوم لا أستطيع حتى تلبية أبسط احتياجات طفلتي ذات العامين. أنتظر نهاية اليوم على أمل أن يقدم لنا أحد المتبرعين وجبة طعام". ثم يختم بحسرة: "وصلنا إلى مرحلة الذل والموت. في كل رمضان، كنا نجتمع حول مائدة الإفطار مع إخوتي وأخواتي، أما اليوم فباتت تلك الذكريات مجرد حلم بعيد".

من جهتها، تتحدث نهاية الجندي، النازحة من مخيم نور شمس ورئيسة "جمعية نور شمس لتأهيل المعاقين"، عن الألم الذي تعيشه، وتصف أول إفطار لها في رمضان بعيداً عن منزلها بأنه كان "أصعب لحظة في حياتها". تقول: "انهمرت دموعي ودموع زوجي وابنتي في تلك اللحظة".

وتوضح الجندي، التي تقيم مؤقتاً في شقة متواضعة قرب المخيم: "أجزم بأن كل نازح، وكل امرأة فقدت بيتها، شعرت بنفس الحزن والقهر. حتى لو كان الإفطار أمامها مليئاً بأشهى الأطعمة، يظل الحنين إلى المنزل الذي احتوانا، وإلى أدواتنا وحياتنا وخصوصيتنا، حاضراً وموجعاً".

وتختتم قائلة بأسى: "لا يمكنني أن أغفر هذا الألم لمن تسبب فيه، فكيف بمن دُمّرت منازلهم وأُحرقت في أول أيام رمضان؟".

ومنذ 21 يناير/كانون الثاني المنصرم، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على شمال الضفة مستهدفاً مدينتَي جنين وطولكرم ومخيميهما، ما أدى إلى نزوح نحو 40 ألف فلسطيني من المخيمات، حسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

يأتي توسيع العمليات العسكرية شمال الضفة الغربية بعد تصعيد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين اعتداءاتهم في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، منذ بدء الإبادة في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 929 فلسطينياً، بينهم 187 طفلاً، وإصابة نحو 7 آلاف شخص، واعتقال 14 ألفاً و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

وبدعمٍ أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية في غزة خلَّفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.




اكتشف
غزة.. شهداء بمجزرة جديدة للاحتلال بحق نازحين وأونروا تُحذر من "التجويع المتعمّد" في القطاع
انتقاد أممي وأوروبي لـ”تسييس” إسرائيل لمساعدات غزة واستخدامها سلاحاً ضد الفلسطينيين
عقيدة التفكيك الإسرائيلية.. الدروز هدف وليسوا حليفاً
تجاوزت نسبته 25%.. تشوهات الأجنة تهدد قطاع غزة وسط قصف سامٍّ وحصار خانق
أكثر من 32 شهيداً في مجازر جديدة بغزة.. والاحتلال يقرّر توسيع الإبادة في رفح
الحوثيون: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الأمريكي-الإسرائيلي على الحديدة إلى 4 شهداء و39 مصاباً
ويتكوف يعلن عن مبادرات بشأن مساعدات لغزة وسط تحذير أممي من تفاقم المجاعة
رشيدة طليب تتهم واشنطن بالتواطؤ في "الإبادة الجماعية" ضد الفلسطينيين
حماس: تصديق الكابينت الإسرائيلي على توسيع الحرب تضحية بالأسرى وتجديد لدورة الفشل
جيش الاحتلال يعلن "مرحلة أعنف" من الإبادة في غزة.. والكابينت يصدّق على الخطة
جيش الاحتلال يواصل حملته في طولكرم وجنين.. ويعيد اعتقال محررين ويهدم منازل
وسط انهيار صحي وشيك.. أكثر من 50 شهيداً في يوم دامٍ عقب تصعيد الاحتلال غاراته على غزة
الرئيس الفنزويلي: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة والمجتمع الدولي شريك بالصمت
محامو الطالبة التركية المعتقلة بأمريكا: أوزتورك محتجزة في ظروف سيئة وحالتها الصحية تتفاقم
مشيخة عقل الدروز في سوريا تدين العدوان الإسرائيلي وتدعو لإعادة الأمن ونبذ الفتن
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us