رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا.. هل يمهّد الطريق لتعافي الاقتصاد المنهك؟
سوريا الجديدة
4 دقيقة قراءة
رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا.. هل يمهّد الطريق لتعافي الاقتصاد المنهك؟وصف خبيران اقتصاديان قرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا بأنه "خطوة تاريخية" تفتح آفاقاً جديدة أمام الاقتصاد السوري، لكنها تتطلب في الوقت ذاته إصلاحات جذرية في البنية الاقتصادية والإدارية للدولة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ينهي العقوبات المفروضة على سوريا / AA
4 يوليو 2025

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد وقّع، مطلع يوليو/تموز الماضي، أمراً تنفيذياً يقضي بإنهاء العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، وفق بيان رسمي صدر عن البيت الأبيض.

وأوضح البيان أن رفع العقوبات لا يشمل الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، ولا الداعمين الرئيسيين له، ولا أولئك المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، أو في تجارة المخدرات، أو في برامج الأسلحة الكيميائية.

كما أبقى القرار العقوبات المفروضة على المنتمين إلى تنظيم "داعش" الإرهابي والفصائل التابعة له، إضافةً إلى الفصائل التابعة لإيران في المنطقة.

يأتي هذا القرار في وقت يترقب فيه المجتمع الدولي أثر هذه الخطوة على اقتصاد سوريا، الذي قُدّرت خسائره بنحو 800 مليار دولار خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وفق تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).

ورأى الباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية، عبد المنعم حلبي، أن قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا يمثل "منعطفاً تاريخياً"، ويُعد استكمالاً لمسارٍ انطلق منذ إعلان الرئيس دونالد ترمب، في مايو/أيار الماضي من العاصمة السعودية الرياض، عن توجه واشنطن إلى تخفيف الضغط الاقتصادي على دمشق.

وفي حديث لوكالة الأناضول، أكد حلبي أن الأهمية الحقيقية للقرار لا تكمن فقط في تخفيف الإجراءات العقابية، بل في كونه جزءاً من استراتيجية أمريكية متكاملة، تتجاوز نطاق التدخلات المرحلية أو المعالجات الفنية، إلى رسم مسار جديد لتعافي الاقتصاد السوري وإعادة دمجه في النظام المالي الدولي.

وأشار إلى أن سوريا بدأت خلال الأشهر الأخيرة تشهد مؤشرات أولية على تعافٍ اقتصادي محدود، لكنه قابل للتوسع، متوقعاً تسارع هذه الدينامية في المرحلة المقبلة، لا سيما مع احتمال دخول شركات تطوير عقاري كبرى إلى السوق السورية، ما قد يمثّل بداية جدية لمرحلة إعادة الإعمار.

وفي ما يخص استمرار تصنيف سوريا ضمن قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، أوضح حلبي أن هذا التصنيف يعود إلى عام 1979.

وأنه "فقد مضمونه العملي والسياسي"، خصوصاً أن الدوافع الأصلية له، وعلى رأسها العلاقة مع إيران، لم تعد قائمة، وفق تعبيره.

وتطرَّق الخبير الاقتصادي إلى مؤتمر بروكسل الذي عُقد في مارس/آذار الماضي، وتعهَّد خلاله المانحون بتقديم 6.3 مليار دولار لدعم السوريين، مؤكداً أن "التجربة أثبتت أن الإعلان وحده لا يكفي، إذ إن تنفيذ الالتزامات ظل معطلاً بفعل العقوبات وتعدد الجهات المسيطرة على الأرض".

وأضاف أن "رفع القيود سيسهم في تسهيل صرف جزء كبير من هذه التعهدات، خصوصاً مع دخول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) على خط التنفيذ بشكل أكثر فاعلية".

أما بالنسبة إلى قانون "قيصر"، الذي لا يزال ساري المفعول، فرأى حلبي أنه لا يزال يشكل "عامل ضغط ثقيل على الاقتصاد السوري"، لكنه كشف عن وجود تحركات داخل الإدارة الأمريكية لتمديد تعليق العمل ببعض بنوده، مع احتمال الدفع باتجاه إلغائه بشكل تشريعي من خلال الكونغرس.

واختتم حلبي حديثه بالتأكيد أن "الفائدة الأهم من هذا التحول لا تكمن فقط في تخفيف العقوبات، بل في تمكين سوريا من الوصول مجدداً إلى التكنولوجيا المتقدمة، لا سيما في قطاعات الطاقة والمصارف".

رفع العقوبات عن سوريا لا يعني نهاية الأزمة

يرى الخبير الاقتصادي السوري فراس شعبو أن رفع معظم العقوبات المفروضة على سوريا، رغم أهميته، لا يعني تلقائياً انتعاشاً سريعاً للاقتصاد، بل هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل وشاق.

وفي حديث لوكالة الأناضول، أوضح شعبو أن "العقوبات كانت تشكّل قيداً فعلياً على الاقتصاد السوري، وتُعدّ أحد أبرز العوامل التي حدّت من قدرته على النمو، لكن إزالتها لا تعني نهاية المعاناة التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة".

شعبو شدّد على أن أي أمل بتحقيق تعافٍ اقتصادي حقيقي يتطلب إصلاحات جذرية في البنية الاقتصادية، تبدأ من ترشيد الإنفاق العام، وتحسين إدارة الموارد المتاحة، وصولاً إلى تعزيز دور القطاع الخاص.

وأضاف أن النظام المالي في سوريا "ضعيف للغاية وغير قادر على تمويل عمليات إعادة الإعمار"، مشيراً إلى أن رأسمال أكبر مصرف في البلاد لا يتجاوز 10 ملايين دولار، في حين تتراوح رؤوس أموال باقي البنوك (وعددها 16 بنكاً) بين 500 مليون و3.5 مليار دولار، وهو ما يُظهر الفارق الهائل في الإمكانات، ويعكس محدودية الجهاز المصرفي في المرحلة المقبلة.

ويرجّح شعبو أن تشهد البلاد خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بعض مظاهر التحسن التدريجي، خصوصاً في سعر صرف العملة المحلية، والتحسن النسبي في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية. كما أشار إلى إمكانية بدء ظهور استثمارات جزئية، لكنه ربط ذلك بضرورة استعادة الثقة وتوفير بيئة استثمارية مستقرة، إذ "لا يمكن للمستثمر الأجنبي ضخ أمواله في سوق غارقة في الضبابية".

وفي ما يخص الأبعاد الاجتماعية للأزمة، أكد شعبو أن مكافحة الفقر يجب أن تكون أولوية قصوى في المرحلة القادمة، ليس فقط عبر المساعدات المادية، بل أيضاً من خلال تعزيز التعليم والرعاية الصحية، وحماية الفئات الأكثر هشاشة عبر برامج دعم مباشر ومنح ومعونات تقلل من أعبائها المعيشية.

تُظهر تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) حجم الانهيار الذي أصاب الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب. فالناتج المحلي الإجمالي تراجع بنسبة 50%، فيما ارتفع معدل الفقر من 33% قبل الحرب إلى نحو 90% حالياً.

كما بات 75% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة تشمل الرعاية الصحية، والتعليم، والأمن الغذائي، والمياه، والطاقة، وفرص العمل.

مصدر:TRT عربي - وكالات
اكتشف
منتِج وثائقي يتهم "BBC" بمحاولة إسكات فريقه بعد رفض بث فيلم عن الأطباء في غزة
سوريا.. اندلاع حريق قرب قصر الشعب في دمشق والدفاع المدني يتدخل
رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا.. هل يمهّد الطريق لتعافي الاقتصاد المنهك؟
جيش الاحتلال يعترف بمقتل 31 عسكرياً بـ"نيران صديقة" في الحرب البرية على غزة
الاحتلال يواصل استهداف منتظري المساعدات في غزة.. وبوريل: مرتزقة أمريكيون قتلوا 550 فلسطينياً في شهر
روبيو يبحث مع وزير الخارجية السوري مراجعة قوائم الإرهاب ويؤكد استمرار العقوبات على الأسد وأتباعه
تخفيضات بقيمة 4.5 تريليون.. الكونغرس الأمريكي يوافق نهائياً على قانون ترمب للضرائب
الحوثي: تهديدات إسرائيل تزيدنا عزماً على مواصلة الرد حتى وقف الإبادة في غزة
حماس تعلن بحث مقترح وقف إطلاق النار المقدّم من الوسطاء مع الفصائل الفلسطينية
رمز لوحدة البلاد ونهضتها.. الرئاسة السورية تطلق الهوية البصرية الجديدة للجمهورية
القسام وسرايا القدس تعلنان تنفيذ عمليات نوعية ضد قوات الاحتلال في غزة
ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 57 ألفاً و130.. وموظفو مساعدات يطلقون النار على الجوعى
بفعل الرسوم الجمركية.. العجز التجاري الأمريكي يرتفع إلى 71.5 مليار دولار في مايو
بوتين لترمب: لن نتخلى عن تحقيق أهدافنا في أوكرانيا وندعو لتسوية نزاعات الشرق الأوسط دبلوماسياً
لبنان.. مقتل شخص وإصابة 3 جراء قصف الاحتلال سيارة جنوبي بيروت
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us