وذكر المكتب الحكومي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي من خلال ارتكابه لتلك المجازر ركز على قصف "مراكز الإيواء والنزوح المكتظة بعشرات آلاف النازحين، والاستراحات العامة، والعائلات الفلسطينية داخل منازلها، والأسواق الشعبية والمرافق الحيوية". إلى جانب ذلك، فإنه ركز أيضاً على "قصف وقتل المدنيين المُجوّعين في أثناء بحثهم عن الغذاء"، وفق البيان.
وأكد المكتب الحكومي أن "غالبية الشهداء من النساء والأطفال، وكلهم من المدنيين العزل"، الأمر الذي "يعكس تعمّد الاحتلال استهداف الفئات الأكثر ضعفاً". وشدد على أن هذه الجرائم تتزامن مع المحاولات الإسرائيلية من أجل "إسقاط ما تبقى من المنظومة الصحية، من خلال قصف المستشفيات واستهداف الطواقم الطبية ومنع دخول الإمدادات الحيوية".
من جانبها، ذكرت مصادر طبية في مستشفيات قطاع غزة أن 116 فلسطينياً استُشهدوا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على عدة مناطق في القطاع منذ فجر اليوم الأربعاء، بينهم 40 في مدينة غزة، و24 من المجوّعين منتطري المساعدات، بالإضافة إلى استشهاد 11 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على مدرسة مصطفى حافظ التي تؤوي نازحين غربي مدينة غزة، فجر الخميس.
في الأثناء، كشف تحقيق لصحيفة الغارديان البريطانية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم قنبلة وزنها 500 رطل عندما هاجم مقهى الباقة على شاطئ البحر في غزة يوم الاثنين الماضي، في مجزرة راح ضحيتها 34 شهيداً وعشرات الجرحى.
وقال التحقيق إن القنبلة التي استخدمت تُعد سلاحاً عشوائياً يتسبب في موجة انفجار هائلة وينشر شظايا على مساحة واسعة، فيما أكد خبراء قانونيون للصحيفة أن الحفرة الكبيرة التي خلفها الانفجار تُعَد دليلاً على استخدام قنبلة كبيرة وقوية مثل "إم كيه-82″.
وأشارت الصحيفة إلى أن استخدام مثل هذه الذخيرة غير قانوني على الأرجح وقد يشكّل جريمة حرب.
تهجير قسري لـ80 ألفاً
ذكرت الأمم المتحدة، أن إسرائيل أصدرت أمراً جديداً بـ"التهجير القسري" في أحياء يقطنها 80 ألف شخص بمدينة خان يونس.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفي، الأربعاء إن “حوالي 85% من أراضي غزة تخضع حالياً لأوامر تهجير أو تقع ضمن مناطق عسكرية، مما يعوق، بشكل خطير، وصول الناس إلى الدعم الإنساني الأساسي وقدرة موظفي الإغاثة على الوصول إلى المحتاجين".
وأفاد دوجاريك بأن حوالي 714 ألف فلسطيني قد نزحوا قسراً مرة واحدة أو أكثر من مرة في غزة، منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي. وأشار إلى أنه على الرغم من وجود مئات الآلاف من النازحين الجدد، لم يُسمح بدخول أي مساعدات إيواء إلى غزة لمدة 4 أشهر. وأوضح أن المسوحات التي أجراها شركاء الأمم المتحدة أشارت إلى أن 97% من النازحين ينامون في أماكن مفتوحة.
من جانبه، قال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية إن نحو 85% من أراضي غزة تخضع حالياً لأوامر نزوح أو تقع ضمن مناطق عسكرية.
وقال المكتب الأممي إن مركز توزيع المياه الرئيسي بخان يونس خارج نطاق الوصول نتيجة لأمر نزوح، مشيراً إلى أن أي ضرر يلحق بالخزان قد يؤدي إلى انهيار نظام توزيع المياه الرئيسي بالمدينة. وأكد المكتب أن أوامر النزوح لا تزال تشكل ضغطاً كبيراً على الخدمات الحيوية بغزة، وأنها تدفع الناس بشكل متزايد إلى مساحات أصغر من أراضي غزة.
في سياق متصل، أنذر جيش الاحتلال مساء الأربعاء، الفلسطينيين بخمس مربعات سكنية في حيي التفاح والدرج والبلدة القديمة شرقي مدينة غزة بالإخلاء الفوري بذريعة أنها "منطقة قتال خطيرة"، متوعداً بتوسيع عمليته العسكرية لتصل إلى مركز المدينة.
وقال متحدث الجيش أفيخاي أدرعي في بيان: "إلى كل الموجودين في منطقة مدينة غزة في حيي التفاح والدرج والبلدة القديمة في بلوكات 602، 699. 715. 716. 717 (...) أخلوا فوراً جنوباً إلى منطقة المواصي". وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش اعتراض صاروخين أُطلقا من شمال قطاع غزة باتجاه المستوطنات المحاذية، وتسببا في تفعيل صفارات الإنذار.
وخلال الفترة الماضية، كثف الجيش الإسرائيلي استهدافه لمراكز الإيواء ومنازل الفلسطينيين وخيام النازحين وتجمعات المواطنين في الشوارع العامة ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
ومنذ نحو 22 شهراً، ترتكب إسرائيل، بدعم أمريكي مطلق، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلاً عن مئات آلاف النازحين، وسط مشهد إنساني بالغ القسوة يختصره رحيل أطباء كرسوا حياتهم لإنقاذ الآخرين.