يأتي ذلك بالتوازي مع مشاورات حساسة تعقدها الحكومة الأمنية المصغرة (الكابينت)، مساء الخميس، حول الملف.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الخميس، إن المقترح الذي جرى تحديثه بوساطة أمريكية، يتضمن الإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء (10 من أصل 20)، إضافةً إلى جثامين 18 أسيراً آخر، على خمس مراحل خلال فترة هدنة تستمر 60 يوماً، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين لم يُحدَّد عددهم بعد.
ويتضمن المقترح، حسب القناة 12، أن يُطلَق سراح 8 من الأسرى الإسرائيليين في اليوم الأول من الهدنة، واثنين في اليوم الخمسين، وتسليم الجثامين على ثلاث مراحل منفصلة، فيما تتواصل مفاوضات غير مباشرة قد تُستأنف في الدوحة أو القاهرة لو وافقت حماس على المبادرة.
وينص العرض كذلك على "ضمانة أمريكية" لاستمرار وقف إطلاق النار في حال تعذر التوصل إلى اتفاق نهائي خلال فترة الهدنة، شرط بقاء المفاوضات جادة. ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن حماس أبدت رداً أولياً إيجابياً على هذه النقطة، معتبرة أنها تمنع استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية بشكل أحادي.
وبينما تواصل حماس مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل الفلسطينية الأخرى، قالت مصادر للأناضول إن الحركة تميل نحو الموافقة على المقترح، لكنها لم تحسم موقفها النهائي، وتُجري مناقشات موسَّعة قبل تسليم ردها الرسمي للوسطاء.
كانت حماس قد أعلنت الأربعاء أنها تلقت مقترحات جديدة من الوسطاء، وأنها تدرسها لضمان إنهاء الحرب، وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وإيصال الإغاثة إلى المدنيين.
في المقابل، يشهد المشهد الإسرائيلي انقساماً واضحاً. فقد أعلنت هيئة البث الرسمية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيعقد، مساء الخميس، جلسة مشاورات مع الكابينت لمناقشة المبادرة الأمريكية، ضمن سلسلة نقاشات بدأت هذا الأسبوع، بما فيها اجتماعات عسكرية في القيادة الجنوبية.
في حين جدد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، رفضه أي تسوية، وعدَّ السعي إلى اتفاق "خطأ فادح". وقال لإذاعة الجيش إن إسرائيل يجب أن تسعى إلى "احتلال قطاع غزة بالكامل، ووقف المساعدات الإنسانية، وتشجيع الهجرة"، داعياً وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى التحالف معه لإحباط الاتفاق المحتمل.
وسبق أن رفض بن غفير وسموتريتش أي هدنة مع حماس، ودعوا إلى إعادة احتلال القطاع وإقامة مستوطنات، في وقت يتحدث فيه مسؤولون إسرائيليون آخرون، مثل وزير الخارجية جدعون ساعر، عن "مؤشرات إيجابية" بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة قريبة.
وفي تصريحات منفصلة، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الثلاثاء، إن إسرائيل وافقت على هدنة لمدة 60 يوماً ضمن المقترح الجديد، وأعرب عن أمله في أن تقبل به حركة حماس، مؤكداً استعداده لإعلان الاتفاق بنفسه في حال إتمامه.
ويتضمن المقترح بنداً متعلقاً بانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وهو ما توقعت وسائل الإعلام العبرية أن يثير خلافاً داخلياً، نظراً إلى تمسك حكومة نتنياهو بمطالبها المعلنة، وأبرزها نزع سلاح حماس، ونفي قياداتها، ومنع أي دور لها في أي إدارة مدنية مستقبلية لغزة.
كما لا يزال الجدل قائماً حول آلية توزيع المساعدات الإنسانية. فبينما تصر إسرائيل على الإبقاء على الآلية الحالية التي تديرها شركة أمريكية، تطالب حماس بالعودة إلى النموذج الأممي السابق، الذي كان يتيح دخول ما بين 400 و600 شاحنة يومياً. وتشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى أن 640 مدنياً قُتلوا، وأُصيب 4488، جراء استهداف مراكز توزيع المساعدات منذ بدء العمل بالآلية الجديدة في 27 مايو/أيار الماضي.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً على قطاع غزة وصفتها منظمات أممية وحقوقية بالإبادة الجماعية، وأسفرت عن أكثر من 192 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافةً إلى أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين، في ظل مجاعة خانقة وحصار كامل، ورغم أوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.