جاءت تصريحات أردوغان خلال مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماع الحكومة في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، إذ أشار إلى أن الأحداث في منطقة الساحل السوري أصبحت تحت السيطرة إلى حد كبير بفضل التدخل الفعّال للقوات الحكومية السورية، محذراً من أن الوضع لا يزال حساساً.
ودعا الرئيس أردوغان السلطات السورية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتواء التوترات سريعاً، مؤكداً أن بلاده لن تتسامح مع أي تطور قد يهدد أمنها.
كما أكد أردوغان أن تركيا لن تسمح أبداً بإعادة رسم الخرائط في سوريا، وشدد على أن من ينظر إليها من منظور طائفي أو عرقي فهو أسير للتعصب، مشيراً إلى أن تركيا لا تميز بين الشعوب على أساس الدين أو العرق، سواء في سوريا أو العراق أو لبنان أو غيرها من دول المنطقة.
وفي سياق حديثه عن التطورات في سوريا، قال أردوغان “إن السوريين يقضون شهر رمضان هذا العام للمرة الأولى منذ 14 عاماً دون خوف من القصف أو القنابل”. متمنياً أن يكون الشهر الكريم فرصة لتعزيز السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة بأسرها.
وحذّر الرئيس التركي من الجهات التي تحاول استغلال الانقسامات العرقية والمذهبية لإثارة الفوضى في العالم الإسلامي، مشيراً إلى أن الأحداث الأخيرة في سوريا مثال واضح على هذه المحاولات، إذ شنّت فلول النظام السابق هجمات إرهابية بهدف إشعال صراع طائفي.
ولفت إلى أن هذه الهجمات أسفرت عن سقوط قتلى في صفوف الجيش السوري والمدنيين، بينهم مصلّون تعرّضوا لاعتداءات في أثناء خروجهم من صلاة التراويح.
وأشاد أردوغان بسياسة الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي ينتهج نهجاً شاملاً منذ توليه السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2024، دون الانجرار إلى "فخ الانتقام". وقال: "إذا استمرت هذه القوة في التزايد، فستفسد المكائد ضد سوريا".
وتمنى الرئيس التركي أن تستعيد سوريا الأمن والاستقرار الدائمين قريباً، مؤكداً ثقته بأن الشعب السوري بمختلف مكوناته سيتكاتف لحماية وحدة بلاده وعدم السماح بجرّها إلى مستنقع الفوضى.
كما انتقد أردوغان صمت المجتمع الدولي على الجرائم التي ارتُكبت بحق المدنيين في سوريا على مدار 14 عاماً، من استخدام البراميل المتفجرة إلى الأسلحة الكيميائية، معتبراً أن من التزموا الصمت حينها لا يحق لهم اليوم التدخل.
وخلال الأيام الماضية، شهدت محافظتا اللاذقية وطرطوس اضطرابات أمنية نتيجة هجمات منسقة نفذتها فلول النظام المنهار ضد دوريات أمنية ومؤسسات حكومية، في أعنف تصعيد منذ انهيار النظام.
وردّت القوات الحكومية بحملة عسكرية واسعة، شملت عمليات تمشيط واشتباكات عنيفة، وسط تأكيدات رسمية بأن الأوضاع تتجه نحو الاستقرار.
وفي هذا السياق، شدد الرئيس السوري أحمد الشرع على أنه لن يكون هناك أي تسامح مع بقايا النظام المنهار المتورطين في جرائم، مؤكداً أن الحكومة عازمة على فرض الأمن والاستقرار.
وكانت السلطات السورية قد أطلقت عقب انهيار النظام السابق مبادرة لتسوية أوضاع عناصر النظام المنهار، شريطة تسليم أسلحتهم وعدم تورطهم في جرائم. وبينما استجاب الآلاف لهذه المبادرة، رفضتها بعض المجموعات المسلحة، بخاصة في الساحل السوري.
ومع مرور الوقت، اتجهت هذه المجموعات إلى الاختباء في المناطق الجبلية، حيث بدأت بتنفيذ هجمات متفرقة ضد القوات الحكومية، ما أدى إلى تصعيد الأوضاع خلال الأسابيع الماضية.