وقالت ليفيت إن المقترح الذي قدمه المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بدعم مباشر من الرئيس دونالد ترمب، حظي بموافقة إسرائيل قبل طرحه على حركة حماس. وأكدت أن المفاوضات بشأن هذا الطرح لا تزال جارية.
في السياق ذاته، أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة بأن الحكومة وافقت على مقترح ويتكوف الجديد، الذي يشمل ترتيبات لإتمام صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس.
وأوضحت القناة أن نتنياهو أطلع العائلات على تفاصيل المقترح خلال اجتماع عقده معهم في وقت سابق اليوم.
جاء الكشف عن المقترح الجديد الذي قدّمه المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بعد يوم واحد فقط من إعلان حركة حماس توصلها إلى تفاهم مبدئي معه حول إطار عام لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة، بانتظار الرد النهائي من الوسطاء الإقليميين.
وفي بيان رسمي، أكدت الحركة أنها تبذل جهوداً متواصلة من أجل إنهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع، موضحةً أن "أحدث هذه الجهود تمثلت في التوصل إلى اتفاق مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، على إطار شامل يضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً لقوات الاحتلال من قطاع غزة، إضافةً إلى ضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل منتظم ودون قيود".
هذا الأمر يعني أن عرضين تقدمت بهما الولايات المتحدة؛ الأول وافقت عليه حركة حماس ولم يوافق عليه الاحتلال، والآخر وافق عليه الاحتلال ولم تردّ عليه حركة حماس، فما الفرق بينهما؟
عدد المحتجزين وتوقيت الإفراج عنهم
نصَّ الاتفاق الأول الذي وافقت عليه حركة حماس على الإفراج عن عشرة محتجزين إسرائيليين، بحيث يُطلَق سراح خمسة منهم في اليوم الأول من بدء تنفيذ الاتفاق، والخمسة الآخرون في اليوم الستين، وهو اليوم الأخير من سريان الهدنة. كما تضمَّن الاتفاق تسليم جثامين 16 محتجزاً.
أما في المقترح الجديد، فقد بقي عدد المحتجزين دون تغيير، لكن طرأ تعديل على توقيت الإفراج، إذ ينص على إطلاق سراح خمسة محتجزين في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، والخمسة الآخرين في نهاية الأسبوع الأول. كما رُفع عدد الجثامين التي ستُسلّم إلى 18.
وفي تعليق له على تفاصيل المقترحين، قال الدكتور هاني الدالي، الباحث في الشؤون الاستراتيجية، في حديث لـTRT عربي، إن آلية تسليم المحتجزين وفقاً للاتفاق الأول تضمن التزام إسرائيل بنود الاتفاق طوال فترة الأيام الستين؛ إذ لا يُفرج عن المجموعة الثانية إلا في اليوم الأخير، ما يشكّل ورقة ضغط تُبقي تل أبيب ملتزمة.
ويضيف الدالي أن المقترح الجديد، الذي قدمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، لا يوفّر ذات الضمانة، إذ يمكن لإسرائيل أن تستعيد المحتجزين ثم تتنصّل من بقية التزاماتها وتستأنف العمليات العسكرية مجدداً.
كما يظهر تباين إضافي بين الاتفاقين في ما يتعلق بحركة الطيران؛ فبينما ينص الاتفاق الأول على وقف كامل للطلعات الجوية طيلة فترة الهدنة، يقيّد المقترح الجديد وقف الطيران خلال ساعات محدودة لا تتجاوز عشر ساعات خلال أيام تسليم المحتجزين فقط.
المساعدات الإنسانية
تُعد المساعدات الإنسانية من أبرز النقاط المحورية في أي اتفاق بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي. وفي الاتفاق الذي توصلت إليه حركة حماس مع الجانب الأمريكي في يناير/كانون الثاني الماضي، جرى تأكيد ما يُعرف بـ"البروتوكول الإنساني"، الذي نصّ على تسهيل دخول المساعدات إلى قطاع غزة دون قيود، وعُدَّ تطبيق هذا البروتوكول أساساً في المرحلة المقبلة، بما يتيح مرور مئات الشاحنات يومياً.
غير أن المقترح الجديد الذي طرحه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، لم يتضمّن أي بنود واضحة بشأن عدد الشاحنات المسموح بدخولها، ما يترك الباب مفتوحاً أمام تحكّم الاحتلال الإسرائيلي في وتيرة ونوعية المساعدات. ويُحذّر الدكتور هاني الدالي من أن هذا الغموض "قد يتيح للاحتلال حصر دخول المساعدات في فترة لا تتجاوز سبعة أيام فقط، وربما يستخدمها ورقة ابتزاز سياسي".
يشار إلى أن إسرائيل لم تلتزم، في السابق، كامل بنود البروتوكول الإنساني الموقَّع في يناير/كانون الثاني، إذ منعت دخول البيوت الجاهزة (الكرفانات)، وعادت في مطلع مارس/آذار لفرض إغلاق شامل على القطاع، ما فاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة أصلاً في غزة.
الترتيبات النهائية والانسحاب
في هذا السياق، يشير الباحث والكاتب في الشؤون الاستراتيجية، الدكتور هاني الدالي، إلى أن الاتفاق الأول تضمّن بنوداً واضحة تنصّ على انسحاب قوات الاحتلال إلى المواقع التي كانت متمركزة فيها قبل استئناف الحرب في مارس/آذار الماضي. أما في المقترح الجديد، فيُستخدم مصطلح "إعادة تموضع" داخل حدود قطاع غزة، دون الإشارة إلى انسحاب كامل، وهو ما يثير تساؤلات حول نية إسرائيل البقاء في بعض المناطق داخل القطاع.
ويُضيف الدالي أن الاتفاق السابق لم يتطرّق إلى أي ترتيبات أمنية تتعلق بإدارة القطاع، بل اكتفى بالإشارة إلى جهة إدارية مدنية جديدة تُشرف على إدارته. أما المقترح الجديد، فيتضمن بنوداً تفتح الباب أمام نقاشات خطيرة حول مستقبل سلاح المقاومة، وهو ما قد يُستخدم لاحقاً مبرراً لنزع سلاح الفصائل وملاحقتها تحت غطاء الترتيبات الأمنية.
وفي ما يخصّ مسألة استئناف القتال، يلفت الدالي إلى أن الاتفاق الأول تضمّن صيغاً متعددة لضمان استمرارية وقف إطلاق النار، من بينها ضمانات شخصية قدّمها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. في المقابل، تفتقر الورقة الجديدة إلى ضمانات واضحة؛ إذ تربط استمرار وقف إطلاق النار بالتزام كلا الطرفين، ما يعني أن أي تنصّل من جانب الاحتلال قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق دون أن تتحمل واشنطن مسؤولية مباشرة عن ذلك.