ويُعَدّ مور من الشخصيات المقربة من إدارة ترمب، إذ شغل سابقاً منصب مستشار ديني في البيت الأبيض، وكان قد عبّر عن دعمه العلني لمقترح ترمب عبر نشره مقطعاً مصوراً للرئيس.

وكتب معلقاً: "الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية الكاملة عن مستقبل غزة، وستمنح الجميع الأمل والمستقبل".

وتشير المؤسسة إلى أنها وزعت حتى الآن أكثر من سبعة ملايين وجبة عبر ما تسمّيه "مواقع توزيع آمنة"، مستخدمة في عملياتها شركات أمنية ولوجستية أمريكية خاصة، وهو ما أثار انتقادات من الأمم المتحدة وعدة منظمات إغاثية اعتبرت أن هذه المقاربة تفتقر إلى الحياد.

وشهدت الآلية التي تعمل بها المؤسسة حوادث قتل دموية على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، أسفرت عن استشهاد العشرات من الفلسطينيين. 

وفي بيان له  قال مور: "تُثبت مؤسسة غزة الإنسانية أنه من الممكن إيصال كميات هائلة من الطعام إلى مَن هُم في أمسّ الحاجة إليه، بأمان وكفاءة وفاعلية"، مضيفاً أن "خدمة سكان غزة بكرامة ورفق يجب أن تكون الأولوية القصوى".

وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، قد صرح بأن المؤسسة "تُقحِم أهدافاً سياسية وعسكرية في العمل الإنساني"، مضيفاً أن طريقتها في توزيع المساعدات "تحوّل الغذاء إلى ورقة مساومة".

كما رفضت الأمم المتحدة التعاون مع المؤسسة، ووصفتها بأنها "جهة غير محايدة"، فيما كانت المفوضية الأممية قد وجّهت في وقت سابق انتقادات إلى نموذج التوزيع الذي تعتمده، واعتبرته يُضفي طابعاً عسكرياً على العمل الإغاثي.

يُشار إلى أن المدير التنفيذي السابق للمؤسسة، جيك وود، كان قد قدّم استقالته في مايو الماضي، موضحاً أن العمليات المرتقبة للمؤسسة "لا تتماشى مع المبادئ الإنسانية" المتمثلة في الحياد والاستقلالية والنزاهة. 

وأكد في بيان أن الحل طويل الأمد لغزة "يبدأ بإطلاق سراح جميع الرهائن، ووقف الأعمال العدائية، وإيجاد سبيل للسلام والكرامة لجميع شعوب المنطقة".

صديق ترمب وإسرائيل

في عام 2017، صرّح مور لصحيفة نيويورك تايمز بأنه، إلى جانب إنجيليين آخرين، ضغطوا على الرئيس ترمب للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها، وقال حينها: "كان هذا الموضوع أولوية منذ زمن طويل".

ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، يصف مور نفسه بأنه "باني جسور وصانع سلام، معروف بعمله المؤثر عند تقاطع الإيمان والسياسة الخارجية، لا سيما في الشرق الأوسط".
وتضيف الصحيفة أن مور، شأنه شأن عديد من الإنجيليين، ومن بينهم مايك هاكابي السفير الأميركي لدى إسرائيل، يؤمن بدولة يهودية بناءً على تفسيره للكتاب المقدس.

وأشاد مور وفقاً لنيويورك تايمز بترشيح هاكابي، قائلاً على وسائل التواصل الاجتماعي في نوفمبر/تشرين الثاني: "اختيار صهيوني غير يهودي مدى الحياة سفيراً أمريكياً لدى إسرائيل يبعث برسالة قوية إلى أصدقاء أمريكا وأعدائها على السواء".

وفي تصريح لصحيفة واشنطن بوست عام 2018، قال مور إنه نصح مسؤولين في البيت الأبيض بأن "من يبارك إسرائيل فسيُبارك".
مور أحد الرئيسَين المشاركَين في المجلس الاستشاري الإنجيلي لحملة ترمب الرئاسية عام 2016، وشخصية مؤثرة خلال إدارة ترمب الأولى.

وكان جزءاً من ائتلاف من القادة المسيحيين الذين كانوا يزورون البيت الأبيض بانتظام، حيث حضر جلسات إحاطة سياسية واجتماعات صلاة داخل المكتب البيضاوي كما تضيف تايمز.

"تجاهل الأشرار"

لم يصدر تعليق فوري من الأمم المتحدة على تعيين القس الإنجيلي الأمريكي جوني مور رئيساً تنفيذياً لمؤسسة غزة الإنسانية، إلا أن الأخير وجّه انتقادات حادة إلى المنظمة، متهماً إياها بـ"تجاهل الأشرار الذين يسرقون المساعدات" في قطاع غزة، بحسب تعبيره.

ويأتي هذا في وقت تُواصِل فيه الأمم المتحدة تحميل إسرائيل مسؤولية تعثّر إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشيرة إلى أن العمليات الإغاثية تُعاق بفعل استمرار القصف وانعدام القانون في مناطق عدة من القطاع.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد صرّح الأسبوع الماضي بأن إسرائيل "تتولى السيطرة على توزيع الغذاء" في إشارة إلى النظام الجديد الذي تقوده مؤسسة غزة الإنسانية، التي تحظى بدعم أمريكي.

وفي منشور بتاريخ 26 مايو/أيار، دعا مور الأمم المتحدة والمؤسسات الإغاثية الدولية إلى التعاون مع واشنطن، قائلاً: "لا يُعقل أن تترك هذه المنظمات، الممولة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، السكان يموتون جوعاً لمجرد الإصرار على موقفها، رغم أن أساليبها السابقة فشلت وزادت الوضع سوءاً"، حسب تعبيره.

وكان مور قد زار إسرائيل بعد نحو ثلاثة أشهُر من اندلاع الحرب، ودوّن حينها قائلاً: "لم أرَ مثل هذا الرعب من قبل". وبعدها بأسبوعين، نشر مقطعاً دعائياً بعنوان "تعالوا لزيارة غزة الجميلة"، حاول فيه إبراز القطاع وجهة سياحية محتملة لولا ما وصفه بـ"وجود المسلحين"، في إشارة إلى المقاومة. وهي رؤية سبق أن تبنّاها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حين صرّح بأن غزة "تملك مقومات تجعل منها ريفييرا الشرق الأوسط".

وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني إلى المجاعة، بإغلاقها معابر قطاع غزة منذ 2 مارس/آذار في وجه المساعدات الإنسانية، لا سيما الغذاء.

واستبعدت تل أبيب الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، وكلفت مؤسسة إغاثة غزة الإسرائيلية-الأمريكية المرفوضة أممياً توزيع مساعدات شحيحة جداً بمناطق جنوب قطاع غزة، وذلك لإجبار الفلسطينيين على الجلاء من الشمال وتفريغه.