وقال ألطون في مقال نشره الجمعة، على موقع الجزيرة: "في أحلك أيام الحرب العالمية الثانية، اختبأت آن فرانك وعائلتها في علبة سرِّية في أمستردام هرباً من أهوال الاضطهاد النازيّ. قدمت مذكراتها، التي نُشرت بعد وفاتها، للعالم لمحةً صادمةً عن الخوف والصدمة التي عانت منها العائلات اليهودية آنذاك".
وتابع: "اليوم، تتكشف في فلسطين قصة مأساوية. هذه المرة، يواجه عشرات آلاف الأطفال مثل آن فرانك، الموت جوعاً وقصفاً متواصلاً من الحكومة الإسرائيلية. ليس لديهم حتى سقيفة للاختباء فيها؛ فالمباني المحيطة بهم تحولت إلى أنقاض بفعل الهجمات الإسرائيلية العشوائية".
وأوضح رئيس دائرة الاتصال في مقاله أنه "خلال الهولوكوست، خاطر دبلوماسيون أتراك، بحياتهم لإنقاذ اليهود من الترحيل النازي. وبعد عقود، وخلال الإبادة الجماعية في البوسنة، حثّت تركيا المجتمع الدولي مجدداً على التحرك. وعلى مدى الأعوام العشرين الماضية، أينما ظهرت معاناة إنسانية -من مناطق الحرب إلى مناطق الكوارث- سارعت تركيا إلى حماية المستضعفين ودعم حقوق المضطهدين في مواجهة الأزمات الإنسانية".
وأشار ألطون إلى أن تركيا ردّت على العدوان الإسرائيلي بـ"إجراءات إنسانية ودبلوماسية حاسمة، رغم التكاليف السياسية والاقتصادية الباهظة"، موضحاً أن تركيا قطعت علاقاتها التجارية مع إسرائيل، وقادت جهوداً في الأمم المتحدة للضغط من أجل فرض حظر دولي على الأسلحة والتجارة.
وتابع: "بينما ترددت حكومات عديدة أو أصدرت بيانات، تحركت تركيا؛ فقدّمت المساعدات للأطفال الذين اضطروا إلى شرب مياه ملوثة، وللأمهات اللواتي يبحثن عن مأوى بين الأنقاض، وللعائلات التي تبكي أحباءها الذين لا قبور لهم".
وأوضح ألطون أن "القيادة الأخلاقية التركية الثابتة أسهمت في إبقاء ما يجري في غزة على جدول الأعمال العالمي، وأسهمت في تشكيل الوعي الدولي، مما هيَّأ الظروف التي دفعت القادة الغربيين إلى اتخاذ خطوات مترددة للخروج من صمتهم المطوَّل".
وأضاف: "بعد أشهر من التقاعس، دعت المملكة المتحدة وفرنسا وكندا إسرائيل إلى (وقف عملياتها العسكرية في غزة)، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتعهدت باتخاذ (إجراءات ملموسة) في حال عدم امتثالها. ومنذ ذلك الحين، علّقت المملكة المتحدة المفاوضات التجارية مع إسرائيل، وفرضت عقوبات على المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، وأصدرت أقوى إدانة لها حتى الآن لأفعال إسرائيل (غير المبرَّرة أخلاقياً) وتهديداتها العلنية (الوحشية) بالتطهير العرقي في غزة".
وأكد ألطون أن هذا التحول في لهجة الحكومات الغربية "أمرٌ مُرحَّب به، وإن كان محدوداً ومُستحقاً منذ زمن". كما طالب ألطون بأن يُتبع التغيير الخطابي بعملٍ ملموسٍ وتحولٍ جذريٍّ في السياسات، وإلا "سيبقى فارغاً من أي معنى".
ودعا رئيس دائرة الاتصال إلى تشكيل تحالف مناصر للعدالة، قائلاً: "ما نحتاج إليه الآن هو تحالف ضميري: دولٌ جريئةٌ بما يكفي لمواءمة قيمها مع العمل الحاسم، وقادةٌ مُستعدون لمُقايضة الراحة بالشجاعة. لن تتحقق العدالة من تلقاء نفسها؛ بل يجب أن يُحققها أولئك الذين يتحلون بالشجاعة الكافية للقيادة".
وأكد ألطون أنه لم يعد مجرد سحب الدعم عن إسرائيل كافياً، بل المطلوب "هو مبادرة منسَّقة، مدفوعة بالضمير، من الدول الحليفة لتحويل الزخم المتزايد للاعتراف بفلسطين إلى واقع حقيقي قائم على دولتين على حدود عام 1967، وينبغي أن تكون نقطة البداية لهذا الجهد إنقاذ الأطفال".