من تحت الركام خرجت ورد.. ناجية صغيرة من مجزرة مدرسة "فهمي الجرجاوي" تروي الحكاية المؤلمة
الحرب على غزة
5 دقيقة قراءة
من تحت الركام خرجت ورد.. ناجية صغيرة من مجزرة مدرسة "فهمي الجرجاوي" تروي الحكاية المؤلمةفي الساعات الأولى من فجر الاثنين، كانت ورد الشيخ خليل من الناجين القلائل من مجزرة مروّعة ارتكبها الجيش الإسرائيلي بقصف مدرسة "فهمي الجرجاوي" في مدينة غزة، التي كانت تؤوي عشرات النازحين، معظمهم من النساء والأطفال.
الطفلة الفلسطينية ورد الشيخ خليل، ابنة الأعوام الخمسة، والناجية من مجزرة "وحشية" ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي / AA
27 مايو 2025

انفجرت الصواريخ فوق رؤوسهم، فاحترقت الأجساد وانهارت الجدران، فيما خرجت ورد بروحها من تحت الأنقاض، شاهدةً حيةً على الجحيم.

وسط الركام، كانت الطفلة تبحث بعينيها الصغيرتين عن وجه مألوف، عن يدٍ تمتد نحوها، عن أمٍّ أو شقيق. لكن أحداً لم يلبِّ نداءها. فقدت ورد والدتها وخمسة من أشقائها، أكبرهم في السادسة عشرة من عمره، تحوّلوا جميعاً إلى أشلاء محترقة ومتفحمة، بعدما كانت أجسادهم تنبض بالحياة قبل دقائق.

أما والدها وشقيقها السادس، فقد نُقلا إلى المستشفى بحالة حرجة جراء إصابتهما في المجزرة ذاتها، التي أسفرت وفق إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن مقتل 31 فلسطينياً، بينهم 18 طفلاً و6 سيدات.

وتداول ناشطون فلسطينيون على منصات التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يُظهر الطفلة ورد بعد إنقاذها من تحت الأنقاض. في المقطع، تقول بصوتها الطفولي إنها تركت بعض أفراد عائلتها تحت الركام، دون أن تدري أن مصيرهم قد حُسم بنيران الغارات، وأنها وحدها من كُتب لها النجاة.

 ورد تعود إلى ركام المجزرة

لم يمضِ وقت طويل على نجاتها من مجزرة مدرسة "فهمي الجرجاوي" في مدينة غزة، حتى عادت الطفلة ورد الشيخ خليل، برفقة عمّها إياد، إلى موقع الدمار الذي ابتلع عائلتها. لم يبقَ من المكان سوى الركام والرماد، ولا من الذكريات سوى أشلاء ممزقة وأحذية محترقة.

وقفت ورد وسط الحطام تبحث عن أي أثر لوالدتها أو أشقائها. التقطت فردتَي حذاء، واحدة تعود لوالدتها، والأخرى لأختها، فاحتضنتهما وانهارت باكية، كما لو أنها تحتضن ما تبقى من حياتها القديمة.

بوجهها البريء المغطى بالغبار والدموع، بدأت تروي بكلماتها المتقطعة مشهد الفاجعة التي شهدتها. قالت: "إخوتي وأخواتي ماتوا"، بصوت لا يكاد يُسمع، لكنها كانت تحاول أن تشرح، أن تصف، أن تفهم ما جرى. وتابعت: "أنا كنت بالرمل.. تحت.. بالدفن"، في إشارة إلى كونها دُفنت تحت أنقاض المدرسة قبل أن تُنتشل حية.

روت ورد أنها استيقظت على مشهد من الجحيم: "صحيت من النوم، لقيت النار كبيرة... كانت النار مولعة". ورفعت يدها الصغيرة لتُظهر حروقاً أصيبت بها خلال القصف.

توقفت للحظة، ثم واصلت، تُعدد أسماء من فقدتهم بصوت متهدّج: "محمد.. عبد.. أمل.. سلوان.. ماري... وماما"، فيما تنساب دموعها دون انقطاع، كأنها تسترجع وجوههم واحداً تلو الآخر.

تحدثت عن لحظة الفرار: كيف مشت وحدها قرب لهب النيران التي أكلت المكان، تبحث عن مخرج أو يد تمسك بها، لكنها لم تجد سوى العدم.

وفي ختام حديثها، اختزلت ورد حلمها الصغير بكلمات موجعة: "كل إخوتي ماتوا... نفسي نرجع مع بعض".

لحظة نجاة في قلب الجحيم

لم تكن الطفلة ورد الشيخ خليل تدرك إن كان أيٌّ من أفراد عائلتها قد نجا من المجزرة التي اجتاحت مدرسة "فهمي الجرجاوي" بمدينة غزة. وبينما كانت تُنقل داخل سيارة الإسعاف، لمحت للمرة الأولى والدها المصاب، وعرفت حينها أن شقيقها أيضاً ما زال على قيد الحياة.

تقول ورد بصوت خافت: "رأيت بابا وأنا في الإسعاف… كان وجهه مجروحاً". كانت تلك اللحظة الصدمة الأولى لها بعد الكارثة، حين اكتشفت أن اثنين فقط من عائلتها تمكنا من النجاة، فيما قضى الباقون تحت الركام.

يؤكد عمها إياد الشيخ خليل، في حديثه لوكالة الأناضول، أن والد ورد كان قد لجأ مع عائلته إلى المدرسة المستهدفة بعد أن دمر الاحتلال منزلهم. ويقول: "في الليل لم أتمكن من الوصول إلى المدرسة بسبب كثافة القصف وخطورة التحرك. ومع طلوع الشمس، وصلت لأجد زوجة شقيقي وأطفالهما الخمسة جثثاً متفحمة وممزقة تحت الأنقاض".

وأشار إلى أن ورد، الناجية الوحيدة من أشقائها، تعاني من صدمة نفسية شديدة بعد أن فقدت والدتها وخمسة من إخوتها دفعة واحدة، في مجزرة وصفها بـ"الوحشية".

لكنَّ مأساة ورد لا تبدأ من تلك الليلة فقط؛ فقد عاشت الطفلة الغزية ذات ال5 أعوام، معظم سنوات عمرها القصير -نحو عام ونصف من عمرها- وسط حرب إبادة جماعية مستمرة، يتخللها القصف والموت والنزوح. وكحال أكثر من مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة، عاشت ورد طفولة مبتورة، محرومة من أبسط حقوقها في التعليم، واللعب، والنمو الطبيعي.

لم تعرف ورد سوى التشرد والخوف، ولم تذق طعم الطمأنينة. كبرت وهي تسمع دوي الانفجارات أكثر من الأغاني، وتشم رائحة البارود أكثر من عبير الزهور، وتخوض معركة البقاء في مواجهة الجوع، بعد أن تسبب الحصار وانهيار النظام الغذائي في إصابة آلاف الأطفال بسوء تغذية حاد.

وعلى الرغم من دخول بعض شحنات المساعدات الإنسانية إلى القطاع مساء الأربعاء، فقد أعلنت حركة حماس أن تلك الكميات لا تغطي سوى أقل من 10% من الحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياجات السكان، مؤكدةً أن الكارثة الإنسانية في غزة ما زالت قائمة ومتصاعدة.

وحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، كان من المفترض خلال أكثر من 84 يوماً من الحصار والإغلاق الكامل، أن يدخل إلى قطاع غزة ما لا يقل عن 46 ألفاً و200 شاحنة محمّلة بالمساعدات والوقود، لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان الفلسطينيين.

ومع ذلك، تروج إسرائيل في الأيام الأخيرة لرواية مضللة تزعم سماحها بإدخال "مساعدات"، في حين يُظهر الواقع أن ما دخل فعلياً لا يتجاوز 100 شاحنة، أي أقل من 1 في المئة من الاحتياجات الأساسية، وفق بيان صدر عن المكتب السبت.

ويحتاج قطاع غزة يومياً إلى 500 شاحنة مساعدات إغاثية وطبية وغذائية عاجلة، و50 شاحنة وقود كحد أدنى منقذ للحياة وسط تفاقم المجاعة، وفق المكتب الحكومي.

ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني في غزة، عبر إغلاق المعابر في وجه المساعدات المتكدسة على الحدود، مما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.

وبدعمٍ أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، خلّفت نحو 177 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

اكتشف
بعد طلب هولندا مراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية-الإسرائيلية.. باريس: أمر مشروع ندعو لمدارسته
النرويج تنهي استثماراتها في شركة "باز" الإسرائيلية لدعمها المستوطنات بالضفة
جيش الاحتلال يهدم منزلًا في جنوبي الضفة الغربية ويواصل عدوانه في طولكرم.. ووفاة أسيرة سابقة
ويتكوف يصل إلى إسرائيل.. وعائلات الأسرى في غزة تطالب باتفاق خلال 24 ساعة
القسام تعلن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر اليوم
إسرائيل تُصدق على استئناف تسوية الأراضي في الضفة الغربية وسط رفض فلسطيني واسع
بعد محادثات ليومين.. اتفاق صيني-أمريكي بشأن الرسوم الجمركية
جماعة الحوثي تعلن أن طيراناً إسرائيلياً شنّ سلسلة غارات على محافظة الحُديدة
ترحيب بعزم حماس الإفراج عن ألكسندر.. ونتنياهو يزعم أن الاتفاق بلا  مقابل ومعارضوه يرمونه بالفشل
بعد اتصالات مع واشنطن.. حماس توافق على الإفراج عن الجندي عيدان ألكسندر في إطار جهود وقف إطلاق النار
"قلق من مواصلة البناء".. هيئة البث العبرية: الجيش لم يدمر سوى ربع أنفاق حماس بغزة
زيلينسكي يرى تفكير روسيا بإنهاء الحرب "علامة إيجابية" ويدعو لوقف النار من الغد
بعد جولة خليجية.. روبيو إلى تركيا برفقة ترمب لحضور اجتماع الناتو
الاحتلال يدّعي أنه "سيؤمّن" نقل المساعدات إلى غزة.. وحماس تتهمه بارتكاب "جريمة حرب مركبة"
أردوغان مهنئاً بعيد الأم: لا نستطيع رد جميلهن
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us