ونقلت القناة "12" العبرية الاثنين، عن مصادر سياسية لم تسمِّها: "قررت القيادة السياسية الإسرائيلية أنه إذا لم تستمر حماس في إطلاق سراح المختطفين، فإن الجيش الإسرائيلي سيعود إلى القتال بحلول نهاية الأسبوع المقبل، على أبعد تقدير".
وأضافت: "رغم طلب الوسطاء من الإسرائيليين الانتظار بضعة أيام أخرى لاستنفاد المحادثات مع حماس، يبدو أنه لا يوجد أي اختراق".
والثلاثاء، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يخطط للعودة إلى المنطقة في الأيام المقبلة، وسيعمل على إيجاد طريقة لتمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أو التقدم إلى المرحلة الثانية.
وأضاف متحدث باسم الوزارة: "لقد أوضح الرئيس ووزير الخارجية روبيو، مراراً، أنه يجب إطلاق سراح جميع الرهائن فوراً، وهذا يشمل الرهائن الأمريكيين".
حسابات الحرب
يرى الباحث والكاتب في الشؤون الإسرائيلية، عصمت منصور، في حديثه مع TRT عربي، أن فرص عودة المواجهة بين المقاومة والاحتلال "عالية جداً"، بمعنى أنه يوجد بالفعل خطر حقيقي بتجدد الحرب.
ويعمل نتنياهو، وفق منصور، على تعزيز هذا الخيار، مستفيداً من "الضوء الأخضر الأمريكي"، إضافةً إلى تصريحات ترمب التي تؤكد أن هذا "قرار إسرائيلي"، وأن الأمر متروك لإسرائيل لتقرر "جهنم أو باب جهنم". كذلك، يوجد رئيس أركان جديد، مما يشير بوضوح إلى أن هذا الخيار مطروح بقوة.
ونقل محلل الشؤون الأمنية في صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هارئيل، عن "شخص يعرف نتنياهو جيداً" أن رئيس وزراء الاحتلال "مارس حتى وقت قريب ضبط النفس بسبب ثلاثة مخاوف مختلفة: الخوف من تعقيد محاكمته الجنائية الجارية، واعتراضات الجيش على تحركاته، والانتقادات الأمريكية، ولكن جميع هذه العوامل الرادعة ضعفت في الأشهر الأخيرة، وأصبحت الآن شبه معدومة".
وأضاف أن "نتنياهو يسعى إلى تمرير ميزانية الدولة في موعدها، واجتياز الدورة الشتوية للكنيست دون أن تسقط حكومته، أو أن يُشكل عليه وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ضغطاً شديداً".
في المقابل، يرى الكاتب الفلسطيني محمد الأخرس، في حديث مع TRT عربي، أن "الزيارة الأخيرة لنتنياهو إلى الولايات المتحدة، وما تبعها من زيارات وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، أسهمت في إحداث تغيير محدود أو ملحوظ في السياسة الأمريكية في ما يتعلق بالصفقة، إذ منحت الإدارة الأمريكية مساحة أوسع للمناورة أمام نتنياهو، مما مكّنه من التلاعب بالخطوط العامة لاتفاق يناير الذي وُقِّع الشهر الماضي".
لكن الكاتب الفلسطيني أكد أن الموقف الأمريكي ما زال غير محسوم باتجاه دعم توجهات نتنياهو في إعادة الحرب إلى قطاع غزة، مع وجود عوامل تدفع نحو استمرار الاتفاق، من بينها "موقف عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين يتواصلون بشكل مكثف وفعّال مع أكبر ممول للحزب الجمهوري، مريم إدلسون".
كوابح الحرب
ونقل موقع "YNET" العبري عن مصادر أمنية إسرائيلية أن قوات الاحتلال سوف "تنتظر بضعة أيام أخرى لترى ما سيحدث، لكنها لن تسمح لهذا بأن يستمر لفترة طويلة".
وأضافت أن الاحتلال يدرس اتخاذ خطوات إضافية، من بينها وقف إمدادات المياه إلى قطاع غزة، رغم أن إسرائيل توفر فقط 19% من إمدادات المياه في غزة.
ويشير الأخرس إلى أن "الشرعية التي مُنحت لنتنياهو في بداية الحرب، على المستوى الداخلي الإسرائيلي، لم تعد متاحة له اليوم بنفس الصيغة أو الزخم، وهذا يضع قيوداً حقيقية على قراراته".
ويضيف: "إذا كانت إسرائيل تملك قراراً مطلقاً، لكانت قد استأنفت الحرب فور انتهاء الصفقة في اليوم الثالث والأربعين، كما كان يطالب اليمين الإسرائيلي المتطرف، لكن ما دام أن هذا التصعيد، الذي كان نتنياهو يلوّح به، لم يحدث حتى الآن، فهذا يشير إلى وجود عوامل كابحة حقيقية".
من جهته، يرى الباحث عصمت منصور أن الكابح الأساسي لعودة القتال هو "إيجاد صيغة توافقية، أو تدخل أمريكي في اللحظة الأخيرة، لكنني أعتقد أن التدخل الأمريكي لن يحدث إلا إذا وجد تهديد عربي وموقف عربي قوي، وخرجت القمة بقرار عربي إقليمي إسلامي يتوافق عليه الفلسطينيون، عندها فقط قد يكون من الممكن منع الحرب".
ويعتقد منصور أن خلاف ذلك يعني أن "الأمور تتجه نحو مواجهة، أو فرض الاستسلام على حماس، وهو أمر غير وارد".
سيناريوهات المواجهات
يوم الأحد، ذكر موقع "YNET" الإسرائيلي أن الحكومة الإسرائيلية، خلال اجتماعها، درست تمديد "الأمر 8" الذي يسمح لجيش الاحتلال الإسرائيلي بتجنيد قوات الاحتياط. يُذكر أن هذا القرار اتُّخذ لأول مرة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأعيدت الموافقة عليه عدة مرات خلال الحرب.
وبموجب التمديد، الذي جرى تبريره بأن عام 2025 سيكون "عام الحرب"، يمكن لجيش الاحتلال تجنيد ما يصل إلى 400 ألف جندي احتياط.
بالتوازي مع ذلك، قرر رئيس أركان جيش الاحتلال المعيَّن، إيال زامير، دعوة كبار قادة الجيش إلى مقر القيادة الجنوبية للاجتماع يوم الجمعة المقبل، أي بعد يومين من مراسم تعيينه الرسمية المقررة يوم الأربعاء.
ويرى الباحث والكاتب في الشؤون الدفاعية، عماد ناصر، في حديثه مع TRT عربي، أن الشكل المتوقع لأي تصعيد إسرائيلي قد يأخذ "شكل الغارات الجوية والبرية المركزة على أهداف عالية القيمة".
ويضيف ناصر: "من غير المتوقع أن تعود الحرب إلى ما كانت عليه من مناورات برية بقوات قوامها فرق عسكرية، فقد انتهى المستوى العسكري الإسرائيلي من العمليات في غزة وفقاً للأهداف الموضوعة، ولا جدوى من تكرارها، حسبما صرحت مؤسسة الجيش مراراً وتكراراً".
من جهته، يلفت الأخرس الانتباه إلى أنه "حتى الآن، يبدو أن الخيار العسكري سيكون آخر الخيارات المطروحة، إذ من المتوقع أن يلجأ الاحتلال أولاً إلى التضييق عبر تقليص المساعدات، وقطع الكهرباء والمياه، قبل اللجوء إلى التصعيد العسكري. لكن من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذا التصعيد، في حال وقوعه، سيكون تدريجياً وفق هامش معين من الحسابات السياسية والأمنية".
وفي مطلع مارس/آذار الجاري، انتهت رسمياً المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، التي استمرت 42 يوماً منذ سريانها في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، دون أن توافق إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
ويريد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك، أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية، وذلك في محاولة لإرضاء المتطرفين في حكومته.
في المقابل، ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام إسرائيل ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، داعيةً الوسطاء إلى بدء مفاوضات المرحلة الثانية فورا، وهي تشمل الانسحاب الإسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.