ويواجه المشروع انتقادات حادة وشكوكاً واسعة من منظمات إنسانية، ودول مانحة، وحتى من مسؤولين إسرائيليين، وسط تحذيرات من أنه قد يسهم في تهجير قسري للفلسطينيين ويقوّض النظام القائم لإيصال المساعدات.
ووفق التحقيق، فإن "المشروع المثير للجدل" يقترح إنشاء أربعة مواقع توزيع "آمنة وقابلة للتوسعة" لتقديم مساعدات غذائية وطبية لنحو 300 ألف شخص في مرحلته الأولى، مع توسيع لاحق ليشمل مليوني فلسطيني. إلا أن تفاصيل تشغيل هذه المواقع، وتمويلها، والجهات المنفذة للمساعدات ما تزال غامضة، في وقت تواجه فيه غزة خطر المجاعة، وفق تحذيرات أممية.
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمات إنسانية راسخة رفضت المشاركة في المشروع، معتبرة أنه ينتهك المبادئ الإنسانية الأساسية، ويعتمد على التحقق البيومتري لهويات المستفيدين، ما يعرض بياناتهم الحساسة للخطر، ويهدد حيادية العمل الإغاثي.
كما أثارت الخطة، التي طُرحت خلال مفاوضات مع مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، مخاوف من استخدامها غطاء لإعادة ترتيب ديموغرافي داخل القطاع عبر بناء مجمعات سكنية مؤقتة تُعرف باسم "مناطق الانتقال الإنساني"، وهو ما قد يُمهّد لتهجير دائم.
ولم تنجح المؤسسة حتى الآن في استقطاب أي دعم علني من دول عربية أو أوروبية، كما نفت منظمات إنسانية كبرى، بينها الأمم المتحدة ومنظمة "المطبخ المركزي العالمي"، أي علاقة لها بالمشروع، بعد تداول أنباء مغلوطة عن انضمامها إليه.
وقالت الصحيفة، إن مشروع "مؤسسة غزة الإنسانية" يرتبط بشخصيات بارزة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ويقوده ضباط سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية وشركات أمنية مثل "حلول الوصول الآمن"، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى تشبيه المشروع بشركة "بلاك ووتر" سيئة السمعة.
كما أظهر التحقيق وجود انقسامات داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي، بشأن الخطة، إذ عبّر ضباط عن قلقهم من تدخل أطراف أمنية أمريكية في مناطق التماس، بينما رفض ضباط سابقون جدوى إقامة مناطق سكنية جديدة للفلسطينيين، واعتبروها مشروعاً غير قابل للتنفيذ من الناحية الإنسانية واللوجستية.
ويأتي إطلاق هذا المشروع في وقت ما تزال فيه المساعدات الإنسانية إلى القطاع متوقفة منذ مارس/آذار الماضي، فيما صوّت المجلس الأمني الإسرائيلي المصغّر مطلع مايو/أيار على استئناف المساعدات عبر نموذج يشبه "مؤسسة غزة الإنسانية"، ما أثار تساؤلات عن نيات تل أبيب في هندسة واقع إنساني جديد داخل غزة تحت غطاء الإغاثة، وفق الصحيفة.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة، وأودى بحياة كثيرين.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 176 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إلى جانب مئات آلاف النازحين.