ويأتي هذا الإعلان بعد تجدد القصف المدفعي المتبادل بين الجارتين الواقعتين في جنوب شرق آسيا لليوم الثالث على التوالي، في نزاع أوقع ما لا يقل عن 33 قتيلاً، بينهم مدنيون وعسكريون من الجانبين، وأدى إلى نزوح أكثر من 150 ألف شخص من منازلهم، في أعنف مواجهة بين البلدين منذ أكثر من عقد.
وأكدت الخارجية التايلاندية في بيان نشرته عبر منصة إكس موافقتها المبدئية على وقف إطلاق النار، مشيرة إلى ضرورة إظهار نيات صادقة من الجانب الكمبودي لضمان نجاح الجهود الدبلوماسية.
وأفادت بأن رئيس الوزراء التايلاندي بالإنابة، فومثام ويتشاي، طلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إبلاغ الجانب الكمبودي برغبة بلاده في عقد حوار مباشر في أقرب وقت ممكن، لوضع آليات واضحة لوقف القتال والتوصل إلى تسوية سلمية.
جاء ذلك بعد تصريح للرئيس الأمريكي أكد فيه، خلال زيارة له إلى اسكتلندا، أنه أجرى اتصالات هاتفية مع كل من رئيس وزراء كمبوديا هون مانيت، ورئيس وزراء تايلاند بالإنابة، مشيراً إلى اتفاق الطرفين على عقد اجتماع فوري للتوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار. وحذّر ترامب من أنه لن يبرم اتفاقات تجارية مع أي من البلدين إذا استمر النزاع المسلح.
وتزامن الإعلان مع اندلاع مواجهات جديدة على الساحل الجنوبي للبلدين قرب خليج تايلاند، على بُعد نحو 250 كيلومتراً من الخطوط الأمامية الرئيسية. وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن التسبب في التصعيد، مع تأكيد كل طرف حقه في الدفاع عن النفس.
وحسب وزارة الدفاع الكمبودية، قُتل 13 شخصاً منذ بدء الاشتباكات يوم الخميس الماضي، بينهم ثمانية مدنيين، فيما سُجلت إصابة 71 آخرين.
وتعود التوترات بين الجانبين إلى نزاع قديم على ملكية معابد أثرية ومناطق حدودية، كانت خاضعة للسيطرة الفرنسية في السابق، وتمتد على مسافة تزيد على 800 كيلومتر. وقد سبق لمحكمة العدل الدولية أن أيدت مرتين، في عامَي 1962 و2013، الموقف الكمبودي في خلاف حول معبد ومحيطه.
وتستمر الاتهامات المتبادلة بين بانكوك وبنوم بنه حول من بادر بالهجوم، إذ اتهمت تايلاند كمبوديا باستهداف منشآت مدنية، من بينها مستشفى ومحطة وقود، فيما تتهم كمبوديا الجيش التايلاندي باستخدام ذخائر عنقودية.
وتأتي هذه المواجهات في ظل تصعيد مستمر منذ مايو/أيار الماضي في منطقة المثلث الزمردي المتنازع عليها، حيث قُتل جندي كمبودي في مواجهة مشابهة.
كما شهدت العلاقات بين البلدين توتراً دبلوماسياً الشهر الماضي، بعد تسريب رئيس الوزراء الكمبودي السابق هون سين تسجيلاً صوتياً لرئيسة الوزراء التايلاندية السابقة بايتونغتارن شيناواترا، فُسِّر على أنه انتقاد للجيش التايلاندي، مما أدى إلى تعليق مهامّها من قبل المحكمة الدستورية.
وفي سياق التوتر المتصاعد، زار رئيس الوزراء التايلاندي الأسبق تاكسين شيناواترا عدداً من مراكز إيواء النازحين، وأكد للصحفيين أن "الجيش يجب أن يُنهي عملياته قبل الشروع في أي حوار سياسي".
وتترأس ماليزيا حالياً رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي تضم كلاً من تايلاند وكمبوديا، في وقت تسعى فيه المنظمة إلى احتواء النزاع عبر قنوات دبلوماسية متعددة.