وفي مقابلة مع وكالة الأناضول نُشرت الاثنين، اتهم البرغوثي الإدارة الأمريكية بمحاولة إنقاذ إسرائيل من "مأزقها" في غزة، عبر السعي لتمرير وقف إطلاق نار مؤقت يمنح تل أبيب مزيداً من الوقت لتنفيذ مخططاتها.
وأشار إلى أن إفشال هذه السياسات، وعلى رأسها التطهير العرقي، يمثل بداية لتقويض المشروع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكداً أن صمود الفلسطينيين وتضامن المجتمع الدولي عنصران حاسمان في هذه المرحلة الحرجة.
"تطهير عرقي"
قال البرغوثي، إن الشعب الفلسطيني لا يواجه "الحكومة الفاشية الإسرائيلية فقط بل يواجه الحركة الصهيونية العالمية التي تهدف إلى تنفيذ تطهير عرقي ليس في قطاع غزة وحدها بل في الضفة الغربية أيضاً".
وأشاد البرغوثي، خلال الحوار، بما سمّاه "الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في وجه الفاشية الإسرائيلية التي تريد أن تحاصر غزة وتطرد أهلها بالكامل".
وأضاف: "إسرائيل فشلت في اقتلاع المقاومة والسيطرة التامة على غزة رغم مرور كل هذا الوقت منذ بدء الإبادة في القطاع".
واعتبر أن إفشال الهدف الرئيسي الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه ويتمثل في "التطهير العرقي"، من أهم المهام أمام الفلسطينيين سواء في الضفة أم القدس أو غزة أو داخل إسرائيل.
وقال البرغوثي: "المعركة هي معركة بقاء ووجود، والذي يتعرض لخطر الإبادة والتطهير العرقي هو الشعب الفلسطيني، النضال الذي نخوضه اليوم هو نضال مصيري من أجل مستقبلنا بكامله".
وانتقد موقف المجتمع الدولي إزاء حرب الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها بغزة، وخاصة فيما يتعلق بالتجويع ومحاولات التطهير العرقي، وفق قوله.
الموقف الأمريكي
وعن الموقف الأمريكي إزاء استمرار الإبادة بغزة، أكد القيادي الفلسطيني أن الولايات المتحدة تواصل انحيازها "الكامل" لإسرائيل.
واعتبر أن الموقف الأمريكي الذي يبدو في ظاهره "متراجعاً ويضغط على إسرائيل" فيما يتعلق بالحرب على غزة، إنما يرجع لاعتقاد الرئيس دونالد ترمب وإدارته أنهم يمثلون "المصالح الإسرائيلية أفضل من نتنياهو، ويحاولون إنقاذه من ورطته".
وقال: "الأمريكيون الآن ينظرون لما يجري في غزة، وأعطوا نتنياهو أكثر من 20 شهراً من دون أن يحقق نتائج مرجوة (وفق اعتقادهم)".
وعن التصريحات الأمريكية حول إمكانية التوصل إلى اتفاق وقف نار بغزة، رأى البرغوثي أنه محاولة من إدارة ترمب لـ"إخراج إسرائيل من ورطتها".
وأضاف بهذا الصدد: "ترمب يحاول منح إسرائيل فرصة جديدة ليس من أجل التخلي عن أهدافها في تصفية النضال الفلسطيني، إنما لإعطائها المزيد من الوقت من خلال وقف إطلاق نار مؤقت ربما"، واستكمل قائلاً: ""هذا ما يجب أن نرفضه، يجب أن يكون هناك وقف كامل للحرب وللعدوان على شعبنا".
وفي 28 يونيو/حزيران الماضي، أعرب ترمب عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة خلال الأسبوع المقبل، وقال خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، إن "الوضع في غزة مروع، وأعتقد أن وقفاً لإطلاق النار سيتحقق خلال الأسبوع المقبل".
وتظهر تصريحات ترمب كأنها تأخذ مساراً إنسانياً، إلا أنها جاءت في وقت تواصل فيه واشنطن دعم إسرائيل في حرب إبادتها على غزة سياسياً وعسكرياً.
الانقسام الفلسطيني
وعن استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي "رغم هذه الظروف الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية"، قال البرغوثي، إن هذا المدخل "أكثر ما تستغله الأطراف المعادية، بما فيها الولايات المتحدة وإسرائيل".
واعتبر "اتفاق بكين" للمصالحة "مخرجاً للانقسام وصولاً لوحدة حقيقية تعزز من الصمود أمام العدوان الإسرائيلي وإفشال مؤامراته".
وفي 22 يوليو/تموز 2024، أعلنت الفصائل الفلسطينية اتفاقها على الوصول إلى "وحدة وطنية شاملة" تضم جميع القوى في إطار منظمة التحرير، وتشكيل حكومة توافق وطني مؤقتة تدير شؤون الفلسطينيين في الضفة وغزة والقدس، وذلك في بيان صدر بختام لقاء وطني عقده 14 فصيلاً فلسطينياً في بكين، بدعوة رسمية من الصين واستمر لمدة يومين.
البرغوثي قال إن الفلسطينيين لا يواجهون "إسرائيل وحكومتها الفاشية، بل الحركة الصهيونية على امتدادها العالمي، التي تهدف لتطهير غزة والضفة، وهذا التوسع الاستيطاني والهجمات للمستوطنين هدفها التطهير".
وحث الفصائل على "التكاتف" من أجل وقف مؤامرة "التطهير العرقي"، قائلاً: "نحن في حرب وجودية ونضال وجودي ونحن الذين مهدد وجودهم بالخطر (...) يجب التركيز والتصدي لما يتعرض له الشعب في غزة والضفة".
السلام بالشرق الأوسط
من جانب آخر، اعتبر البرغوثي حل القضية الفلسطينية وتلبية حقوق الشعب الفلسطيني أساساً للسلام في المنطقة.
وقال عن ذلك: "الصراع بين إسرائيل والعراق وإيران ومصر وسوريا كله بسبب القضية الفلسطينية، من دون حل القضية لا يمكن أن يستقر الوضع في الشرق الأوسط".
وحذر من محاولات إسرائيلية لإلغاء القضية عبر ملف تطبيع علاقاتها مع دول في المنطقة، مضيفاً: "التطبيع استخدم وما يزال وسيلة لتصفية القضية الفلسطينية".
ودعا الدول إلى إلغاء التطبيع مع إسرائيل، معتبراً أنه من "المعيب التطبيع مع كيان يمارس الإبادة الجماعية ليس حسب رأيي، بل حسب رأي القانون الدولي و محاكم العدل الدولية".
يذكر أن إسرائيل، بدعم أمريكي، تنفذ منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حملة عسكرية في غزة تضم عمليات قتل وتجويع وتدمير وتهجير قسري، في ظل تجاهل النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وأسفرت الحرب عن سقوط أكثر من 193 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين.