"سجن بلا جدران".. تحذيرات أممية من مشروع تهجير جماعي جديد في رفح
الحرب على غزة
6 دقيقة قراءة
"سجن بلا جدران".. تحذيرات أممية من مشروع تهجير جماعي جديد في رفحبعد قرابة شهرين من "مصايد الموت" التي نُصبت تحت غطاء "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً، تتسارع وتيرة التحركات الإسرائيلية نحو مخطط جديد يحمل اسماً مموّهاً: "المدينة الإنسانية".
مدينة رفح في وقت سابق من العام الحالي، الدمار هو سيد الموقف. / Reuters
12 يوليو 2025

وبحسَب ما كشفت عنه وسائل إعلام عبرية، فإنّ "المدينة" ستُقام على أنقاض مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، على الحدود مع مصر.

القناة 12 الإسرائيلية سلطت الضوء، يوم الجمعة، على هذا المخطط الذي وصفه أكاديمي إسرائيلي ومسؤولة أممية بأنه "سجن جماعي للفلسطينيين".

وأشارت القناة إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أعلن عن الخطة مطلع الأسبوع قائلاً: "ستُنشأ مدينة إنسانية ويُنقل 600 ألف فلسطيني إليها. من يدخل المدينة لن يتمكن من مغادرتها، وسيُسمح بالدخول عبر بوابات خاضعة للرقابة، من دون أي وجود لعناصر من حركة حماس".

وأضاف كاتس أن "الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً على بناء المدينة خلال وقف إطلاق نار محتمل يمتد إلى 60 يوماً"، في إشارة إلى المفاوضات الجارية في الدوحة، التي اتهمت خلالها حركة حماس، في بيان صدر الأربعاء، إسرائيل بـ"التعنت" ورفض الوصول إلى اتفاق.

وبحسَب القناة نفسها، تسعى إسرائيل إلى استغلال هذه المدينة باعتبارها أداة لدفع سكان غزة نحو الهجرة، إذ يقود الخطة المدير العام لوزارة الدفاع ونائب رئيس الأركان السابق أمير برعام، الذي بدأ بالفعل الترويج لها.

وحدّدت القناة أهداف المخطط بثلاثة محاور رئيسية: فصل المدنيين عن حركة حماس، وإنشاء آليات لتشجيع "الهجرة الطوعية"، وتأسيس نظام مدني بديل في القطاع.

وعلى الرغم من أن المخطط يواجه عراقيل إنسانية وسياسية، فإنّ إسرائيل تسعى لتكريسه على أرض الواقع. 

وتشير القناة 12 إلى أن المدينة المزمع إنشاؤها ستقع بين محور فيلادلفيا وطريق موراج الخاضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، مما يتيح لتل أبيب بسط سيطرة عملياتية كاملة على الموقع.

كما أوضحت القناة أن المدينة ستضم مجمعاً ضخماً من المخيمات والهياكل الدائمة، وستقام فيها بنية تحتية مركزية لتجميع وتوزيع المساعدات الإنسانية، بما يجعلها نقطة جذب قسرية للفلسطينيين الباحثين عن الغذاء والدواء والمأوى.

 جريمة حرب

إلى جانب التحديات العملياتية والضغوط الدبلوماسية، تطرح الخطة الإسرائيلية الجديدة لإقامة ما يُسمى بـ"المدينة الإنسانية" أسئلة قانونية معقدة، يُحتمل أن تضعها في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي، بدءاً من نقل السكان قسراً إلى تلك المدينة، ومروراً بمنعهم من مغادرتها، وانتهاءً بمحاولات دفعهم إلى الهجرة خارج قطاع غزة، بحسَب ما أوردته القناة 12 الإسرائيلية.

ونقلت القناة عن البروفيسور يوفال شاني، رئيس قسم القانون الدولي في الجامعة العبرية، قوله إنّ "الخطة تبدو في ظاهرها غير قانونية وفقاً للمعايير الدولية".

وأوضح أن المشكلة الأساسية تكمن في "الترحيل القسري للمدنيين داخل منطقة نزاع، حتى لو كانت خالية جزئياً من العمليات القتالية، وهو أمر لا يجيزه القانون الدولي".

وأضاف شاني أن توجيه المساعدات الإنسانية إلى "المدينة" فقط، بهدف دفع الفلسطينيين إلى الانتقال إليها، يُعَدّ من وجهة نظر القانون الدولي نوعاً من الإكراه، خصوصاً إذا أُخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء السكان هُجّروا بالفعل مراراً خلال الحرب، ما يزيد تعقيد الوضع القانوني للخطة.

وتابع: "إحدى النقاط الأخرى المثيرة للقلق هي مسألة منع السكان من مغادرة المدينة، كما صرّح وزير الدفاع يسرائيل كاتس. فإذا كانت الخطة تقضي بعدم السماح لهم بالخروج فإنّ ذلك يُعَدّ انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، الذي لا يجيز احتجاز المدنيين بشكل جماعي دون مسوّغ قانوني".

وأشار شاني إلى أن "تشجيع الفلسطينيين على مغادرة غزة في نهاية المطاف يمثل أيضاً إشكالية قانونية، لأن القانون الدولي لا يسمح بإجبار السكان على الهجرة أو الضغط عليهم لاتخاذ هذا القرار".

واختتم بالتحذير من تبعات تنفيذ مثل هذه الخطة، قائلاً: "بعض جوانبها قد يُصنَّف ضِمن إطار القانون الجنائي الدولي، وقد يُعتبر جريمة حرب، ما يفتح لإسرائيل جبهة قانونية جديدة أمام المحاكم والمؤسسات الدولية".

من جانبها، أكدت هيئة البث الإسرائيلية، يوم الخميس، معظم البنود المثيرة للجدل في خطة "المدينة الإنسانية"، وعلى رأسها منع الخروج منها لمن يدخلها.

وذكرت الهيئة أن الخطة، التي يشرف على تنفيذها المدير العام لوزارة الدفاع أمير برعام تنص على إنشاء مدينة تضم نحو 600 ألف فلسطيني، يخضعون لعمليات تفتيش قبل دخولهم، ولا يُسمح لهم بالمغادرة لاحقاً.

وبحسَب التفاصيل التي نشرتها الهيئة فإنّ المخطط يقضي بنقل جميع سكان قطاع غزة إلى هذه المدينة، مع الامتناع عن توزيع أي مساعدات أو مواد غذائية خارجها. 

وبدلاً من ذلك، سيقتصر دور الجيش الإسرائيلي على "تأمين المنطقة من مسافة"، فيما تسعى تل أبيب إلى إشراك منظمات ودول أجنبية لتتولى مسؤولية توزيع المساعدات داخل المدينة.

وأضافت الهيئة أن هذا المخطط كان من بين الأسباب التي عطّلت مسار المفاوضات الجارية في العاصمة القطرية الدوحة، مشيرة إلى أن حركة حماس تعارضه بشدة.

كما قدّرت تكلفة إنشاء وتشغيل المدينة في عامها الأول بنحو 20 مليار شيكل، أي أكثر من 6 مليارات دولار.

وتبقى مسألة السيطرة الإسرائيلية على المنطقة الممتدة بين محور فيلادلفيا، على الحدود بين مصر وقطاع غزة، ومحور موراج الذي يفصل رفح عن خان يونس، نقطة خلاف مركزية في المحادثات غير المباشرة.

ففي حين تطالب حركة حماس بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى ما قبل خطوط التماس التي كانت سارية حتى انهيار وقف إطلاق النار في 18 مارس/آذار الماضي، تتمسك إسرائيل ببقاء سيطرتها على رفح، بعد أن دمّرتها بالكامل خلال عمليتها العسكرية الأخيرة.

رفض أممي واسع

يواجه المخطط الإسرائيلي لإقامة ما يُعرف بـ"المدينة الإنسانية" رفضاً أممياً متصاعداً، وسط تحذيرات من تداعيات كارثية لعملية تهجير قسري جديدة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

وفي هذا السياق قال المفوض العام لوكالة أونروا، فيليب لازاريني، في منشور نشره الأربعاء على منصة إكس، إنّ "لإسرائيل نية في تنفيذ عملية نزوح قسري واسعة النطاق للفلسطينيين نحو رفح"، استناداً إلى تصريحات أدلى بها مسؤولون إسرائيليون.

وأضاف لازاريني أن هذا المخطط سيؤدي إلى "إنشاء معسكرات ضخمة ومكتظة قرب الحدود المصرية، تضم فلسطينيين عانوا من التهجير جيلاً بعد جيل"، محذراً من أن تنفيذه "سيقضي على أي أمل متبقٍّ للفلسطينيين في مستقبل كريم داخل وطنهم".

وشدد على أن "المجتمع الدولي لا يمكنه أن يلتزم الصمت أو يتواطأ مع هذه العملية غير القانونية"، في إشارة إلى مخالفة المخطط لمبادئ القانون الدولي والإنساني.

وقالت تمارا الرفاعي، مديرة العلاقات الخارجية والإعلام في وكالة الأونروا، في تصريحات صحفية يوم الخميس، إنّ إطلاق اسم "المدينة الإنسانية" على هذا المخطط هو "إهانة صارخة لمفهوم الإنسانية".

 مضيفة: "لا يوجد أي عنصر إنساني في هذا المشروع، بل هو نقيض واضح للقيم الإنسانية".

وأكدت الرفاعي أن "تجميع 600 ألف فلسطيني في مرحلة أولى، ثم إجبار أكثر من مليوني فلسطيني على الإقامة داخل منطقة ضيقة تخضع لرقابة أمنية صارمة، سيحوّل غزة من كونها أكبر سجن مفتوح في العالم إلى أكثر سجن مكتظ ومحكم الرقابة في التاريخ الحديث".

وبعيداً عن إشراف الأمم المتحدة، بدأت تل أبيب في 27 مايو/أيار الماضي عبر "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً تنفيذ مخطط لتوزيع مساعدات.

وبوتيرة يومية، يطلق الجيش الإسرائيلي النار تجاه المجوعين المصطفين قرب مراكز التوزيع، ما أدى إلى استشهاد 782 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 5 آلاف و179 آخرين، وفق وزارة الصحة بغزة، الخميس.

مصدر:TRT عربي - وكالات
اكتشف
"تلتزم تحقيق السلام مع لبنان".. المبعوث الأمريكي يدافع عن إسرائيل رغم اعتداءاتها المتواصلة
البرغوثي: نواجه مخططات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين.. وأمريكا تواصل انحيازها الكامل لإسرائيل
مظاهرة داعمة لفلسطين أمام البيت الأبيض احتجاجاً على زيارة نتنياهو
جيش الاحتلال يعلن اعتقال خلية يزعم أنها تتبع فيلق القدس الإيراني جنوبي سوريا
ترمب يتوعد الدول المتحالفة مع بريكس برسوم جمركية إضافية بنسبة 10%
ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في تكساس إلى 82 قتيلاً وسط استمرار البحث عن مفقودين
ترمب: أمامنا فرصة جيّدة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة هذا الأسبوع
قادة "بريكس" يدعون إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية ويُدينون الهجمات على إيران
القسام تستهدف تجمعات لجيش الاحتلال بخان يونس وتقصف مستوطنتين محاذيتين لغزة
بلا نتيجة حاسمة.. انتهاء الجلسة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل
جيش الاحتلال يستهدف مواني ومحطة كهرباء في اليمن والحوثيون يعلنون التصدي للهجوم
الضفة.. شهيدان في نابلس وإخطارات بالهدم في الخليل و296 انتهاكاً إسرائيلياً في سلفيت
الدوحة.. جولة مفاوضات جديدة غير مباشرة بين حماس وإسرائيل لأجل وقف إطلاق النار في غزة
"بملايين الدولارات".. تقرير بريطاني: شركة أمريكية تخطط لتهجير فلسطينيي غزة عبر المساعدات الإنسانية
عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب باتفاق شامل تزامناً مع مفاوضات الدوحة
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us