سياسة
9 دقيقة قراءة
قد يمهد لحرب نفطية.. ما قصة "نوبك" الذي تهدد به واشنطن منظمةَ أوبك؟
قالت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي باللجنة القضائية، يوم 8 مارس/آذار 2023، إنها أعادت طرح مشروع قانون "نوبك" للضغط على منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها لإجبارها على وقف سياسة خفض الإنتاج.
قد يمهد لحرب نفطية.. ما قصة "نوبك" الذي تهدد به واشنطن منظمةَ أوبك؟
وينص مشروع القانون، على حظر أي دولة أو جهة أجنبية مثل "أوبك" من تحديد سقف الإنتاج أو السعر المستهدف للنفط/ صورة: Reuters
17 مارس 2023

قالت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي باللجنة القضائية، يوم 8 مارس/آذار 2023، إنها أعادت طرح مشروع قانون "نوبك" للضغط على منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها لإجبارها على وقف سياسة خفض الإنتاج، بحسب وكالة "رويترز".

السعودية سارعت إلى الرد على محاولات المشرعين الأمريكيين إذ قال وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن المملكة "لن تبيع البترول إلى أي دولة تفرض سقف أسعار على إمداداتنا"، كما أنها ستخفض إنتاجها النفطي، مبدياً بالوقت نفسه عدم استغرابه "إذا نفذت دول أخرى نفس الإجراء".

وقال الوزير في مقابلة مع موقع "إنرجي إنتليجنس" المتخصص في معلومات الطاقة، إن بين مشروع قانون "نوبك" والتوسع في فرض سقف الأسعار اختلافاً كبيراً، "ولكن تأثيرهما المحتمل في سوق النفط متشابه".

ما قصة "نوبك"؟

من شأن "نوبك"، وهو الاسم المختصر لـ "لا تكتلات احتكارية لإنتاج وتصدير النفط"، سحب الحصانة السيادية التي تحمي أعضاء "أوبك" وشركاتها الوطنية للنفط في الدعاوى القضائية حول التواطؤ في الأسعار، وذلك في حال أقرته اللجنة القضائية، ثم مجلسي الشيوخ والنواب، وصدق عليه الرئيس جو بايدن.

ومنذ عقدَين يثار مشروع قانون "نوبك" في أروقة الكونغرس الأمريكي، حيث ناقش الأخير نسخاً مختلفة منه، وخضع وفق عدد من التقارير، لـ16 تعديلاً بين عامي 2000 و2012، ولم يقَرُّ إلى الآن ليصبح قانوناً نافذاً.

وينص مشروع القانون، على حظر أي دولة أو جهة أجنبية مثل "أوبك" من تحديد سقف الإنتاج أو السعر المستهدف للنفط، كما يمنع الانخراط في عمل فردي أو جماعي للتأثير في سوق النفط أو الغاز الطبيعي أو أي منتج بترولي آخر، من حيث العرض أو السعر أو التوزيع في الولايات المتحدة على وجه التحديد، وعن طريق التكتل الاحتكاري أو أي اتحاد آخر أو أي شكل من أشكال التعاون أو العمل المشترك.

كما يحظر أي إجراء يقيّد تجارة النفط والغاز، خاصة إذا كان لهذه الإجراءات الفردية أو الجماعية تأثير مباشرة وكبير على أسعار المنتجات البترولية وتوزيعها في الولايات المتحدة.

ولا يعطي مشروع القانون حقاً للمحاكم الأمريكية برفض النظر بالدعاوى الخاصة بهذا الشأن لأي سبب، كما يلغي الحصانة السيادية لمنظمة "أوبك" والدول الأعضاء التي تتمتع بها أمام المحاكم الأمريكية، وبذلك فإنه يعرض قيادة المنظمة النفطية للمقاضاة.

وتاريخياً وافق مجلسا النواب والشيوخ في أمريكا على نسخ من مشروع القانون عام 2007، لكن الرئيس الأمريكي من الحزب الجمهوري جورج دبليو بوش أعاق تمرير القانون تحت تهديد استخدام حق النقض.

وفي 5 مايو/أيار 2022 مررت اللجنة القضائية التابعة للكونغرس مشروع قانون "نوبك" في عهد بايدن، ونشرت اللجنة عبر موقعها حينها، أن "نوبك مشروع قانون سيساعد حكومتنا على تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار ضد هذه البلدان (أعضاء وحلفاء أوبك)".

وسيكون بمقدور المدعي العام الأمريكي مقاضاة "أوبك" أو أعضائها مثل السعودية أمام محكمة اتحادية، ومقاضاة منتجين آخرين متحالفين معها مثل روسيا، في إشارة إلى "أوبك+".

"أوبك" وحلفاؤها

يضم تحالف "أوبك" 13 دولة، ويستحوذ على ما يصل إلى 40% من إنتاج النفط العالمي، و80% من احتياطات النفط في العالم، وهذه الدول هي: السعودية والإمارات والكويت والجزائر والعراق وليبيا وإيران وفنزويلا ونيجيري وأنغولا والغابون وغينيا الإستوائية وجمهورية الكونغو.

وتتحالف 10 دول من خارج "أوبك" مع المنظمة النفطية، وهنا يدور الحديث حول روسيا وأذربيجان وعُمان والبحرين وبروناي وكازاخستان وماليزيا والمكسيك والسودان وجنوب السودان، إذ يشكل التكتلان تحالف "أوبك بلس"، الذي أَعلنَ تأسيسه في سبتمبر/أيلول 2016 بالجزائر.

ومطلع فبراير/شباط 2023 أعلن تحالف "أوبك بلس"، الاستمرار في قرار تخفيض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً، الذي بدأ العمل به في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وذلك حتى نهاية العام الجاري، فيما تتجه الأنظار إلى اجتماع 4 يونيو/حزيران المقبل الخاص بـ"أوبك بلس" في مقر المنظمة بالعاصمة النمساوية فيينا.

وفي مارس/أيار الجاري قالت روسيا إنها خفضت إنتاجها بواقع 500 ألف برميل يومياً رداً على قرار مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا وضع سقف أسعار لصادرات النفط الخام الروسي المنقول بحراً عند 60 دولاراً للبرميل، في إطار العقوبات الغربية بسبب حربها على أوكرانيا.

ومساء 15 مارس الجاري وصلت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ ديسمبر/كانون الأول 2021 إذ سجّل مزيج برنت تسليم مايو/أيار تراجعاً بنسبة 5% إلى 73.6 دولار للبرميل، وسط تصاعد المخاوف العالمية والتراجعات الحادة التي تسجلها أسواق المال العالمية.

توتر العلاقات

يقول الباحث المتخصص في شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي إن إعادة طرح مشروع قانون "نوبك" يفتح باباً كبيراً لتوتير العلاقات بين واشنطن والدول المنتجة للنفط وعلى رأسها السعودية.

ويوضح "الشوبكي" في حديثه إلى TRT عربي، أن إدارات أمريكية لوّحت بـ"نوبك" من بينها إدارة بايدن، التي قالت إن لديها خيارات تستطيع من خلالها التعامل مع سيطرة "أوبك" على أسعار النفط.

ويبين أن هذا الأمر يعتبر "حساساً للسعودية كون النفط هو مصدر دخلها الرئيسي"، مشيراً إلى أن أي "محاولة لضبط الأسعار أو وضع سقوف عليا لها أو تفعيل قانون نوبك سيواجه بردة فعل غير متوقعة من الرياض ومنتجي النفط".

وحول فكرة فرض سقف سعري للنفط، يلفت الشوبكي، إلى أن هذا مُعارض لأساسيات التجارة الدولية الحرة ولكنه حدث بالفعل، في إشارة إلى تحديد سعر النفط الروسي، موضحاً أنه "ليس ببعيد على الإدارة الأمريكية أن تتخذ مثل هذه الخطوة".

سيناريوهات ودلالات

وفيما يتعلق بالسيناريوهات المطروحة، يوضح الشوبكي أنه إن قلصت السعودية وحلفاؤها إنتاج الخام فإن ذلك سيرفع أسعار النفط بشكل كبير، مؤكداً أن "الآلية التي يستخدمها الغرب لتسقيف أسعار الخام لن تكون مجدية إذا كانت الكميات المقلصة كبيرة"، خاصة أن "أوبك" تزود العالم بـ29% من حاجته النفطية وفق قوله.

وحول دلالات إعادة طرح مشروع "نوبك"، يقول الباحث الاقتصادي، إنه "جاء قبل يومين من الاتفاق السعودي-الإيراني بوساطة صينية، وكان هذا خارج إرادة الإدارة الأمريكية رغم ترحيبها به على استحياء"، متوقعاً "تصعيداً قادماً في العلاقات بين الرياض وواشنطن".

ويؤكد أن المستفيد من تجربة تسقيف النفط الروسي هي الدول المستهلكة والمستوردة للنفط فيما الدول المصدرة هي المتضررة، مؤكداً أنه "لا يمكن تعميمها على نفط بقية الدول".

ويبين أن الوضع يختلف عند الحديث عن كميات أكبر من النفط، قائلاً: "يوجد بين 5 و7 ملايين برميل نفط تصدرها روسيا إلى العالم و29 مليون برميل تصدرها أوبك للعالم".

ورقة قديمة

بدوره يقول الخبير النفطي الكويتي فراس السالم، إن مشروع "نوبك" يهدف "إلى إزالة الحصانة الدولية التي تمثل غطاءً للدول المنتجة وأعضاء أوبك"، كما سيعرض هذه الدول لدعاوى قضائية من المتضررين تحت مزاعم "الإضرار بالمستهلك".

ويوضح السالم في حديثه إلى TRT عربي، أن هذه الورقة قديمة للضغط على الدول المنتجة للنفط حسب السياسة الأمريكية، مبيناً أنه "ليس من المنطق أن تقام دعوى قضائية من دولة ضد أخرى وإزالة حقها السيادي في التصرف بمواردها الطبيعية".

وحول السيناريوهات المطروحة، يرجح الذهاب نحو مفاوضات بين "أوبك بلس" والولايات المتحدة، بخاصة أن "الأسعار حالياً تعتبر أقل من مستويات الفترة الماضية، وتدور حول 85 دولاراً للبرميل، ويوجد خصم كبير على النفط الروسي".

ويشدد على أن قانون "نوبك" يستهدف "تخفيض أسعار النفط للحد من التضخم في أمريكا وهذه سياسة الحزب الديمقراطي الحاكم".

موقف مغاير

ويشدد الخبير النفطي الكويتي على أن السعودية في موقف مغاير لوضع روسيا؛ لكون الأولى حليف استراتيجي رئيسي بالعالم للولايات المتحدة، ومعها دول الخليج، كما أن المملكة الخليجية تصدر اليوم غالبية إنتاجها إلى دول غير الولايات المتحدة، مستدلاً بالطلب الكبير من قارة آسيا والهند ودول أفريقية، وهو ما يخفض سلبيات الصدام الأمريكي.

ويعتقد أنه في حال قررت واشنطن مقاطعة النفط العربي، فإن "دولاً أخرى ستشتري الخام ولن تتضرر الدول العربية كثيراً خلافاً لما حدث مع روسيا التي قاطعها الاتحاد الأوروبي لأن غالبية صادراتها إلى القارة العجوز"، مؤكداً أنه "لن تكون جدوى كبيرة مثلما حدث مع روسيا في حال فرضت مقاطعة على السعودية".

وحول تصريحات وزير الطاقة السعودي، يرى أنها استباقية لتوضيح عدم قبول المملكة و"أوبك" المفاوضات والتحركات غير واضحة والمتقلبة لمجلس النواب الأمريكي، مشيراً إلى أن هذا القرار "يجرى استخدامه ليكون مادة إعلامية للتكسب الانتخابي".

مصدر:TRT عربي
اكتشف
"تلتزم تحقيق السلام مع لبنان".. المبعوث الأمريكي يدافع عن إسرائيل رغم اعتداءاتها المتواصلة
البرغوثي: نواجه مخططات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين.. وأمريكا تواصل انحيازها الكامل لإسرائيل
مظاهرة داعمة لفلسطين أمام البيت الأبيض احتجاجاً على زيارة نتنياهو
جيش الاحتلال يعلن اعتقال خلية يزعم أنها تتبع فيلق القدس الإيراني جنوبي سوريا
ترمب يتوعد الدول المتحالفة مع بريكس برسوم جمركية إضافية بنسبة 10%
ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في تكساس إلى 82 قتيلاً وسط استمرار البحث عن مفقودين
ترمب: أمامنا فرصة جيّدة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة هذا الأسبوع
قادة "بريكس" يدعون إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية ويُدينون الهجمات على إيران
القسام تستهدف تجمعات لجيش الاحتلال بخان يونس وتقصف مستوطنتين محاذيتين لغزة
بلا نتيجة حاسمة.. انتهاء الجلسة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل
جيش الاحتلال يستهدف مواني ومحطة كهرباء في اليمن والحوثيون يعلنون التصدي للهجوم
الضفة.. شهيدان في نابلس وإخطارات بالهدم في الخليل و296 انتهاكاً إسرائيلياً في سلفيت
الدوحة.. جولة مفاوضات جديدة غير مباشرة بين حماس وإسرائيل لأجل وقف إطلاق النار في غزة
"بملايين الدولارات".. تقرير بريطاني: شركة أمريكية تخطط لتهجير فلسطينيي غزة عبر المساعدات الإنسانية
عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب باتفاق شامل تزامناً مع مفاوضات الدوحة
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us