دعا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي، العالم الإسلامي لتفعيل "وسائل استباقية ناجعة" لمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب ومنع تكرار الإساءات للرموز والمقدسات الإسلامية.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع القره داغي في إسطنبول، تناول خلالها تكرار الإساءة إلى الرموز والمقدسات الإسلامية في الغرب.
واعتبر القره داغي، أن الغرب يسعى عبر ما يسميها "الفوضى الخلاقة" لإضعاف المسلمين والتدخل في شؤونهم.
وفي 26 و25 و22 يوليو/تموز الجاري، أحرقت مجموعة دنماركية يمينية متطرفة تُسمى "Danske Patrioter" (الوطنيون الدنماركيون) نسخاً من القرآن الكريم أمام السفارتين الباكستانية والعراقية في كوبنهاغن، والسفارتين المصرية والتركية، والسفارتين الإيرانية والعراقية على الترتيب، تحت حراسة من الشرطة.
كما أقدم سلوان موميكا، وهو عراقي مقيم بالسويد، على تمزيق نسخة من القرآن والعلم العراقي أمام سفارة بغداد لدى استوكهولم، في واقعة هي الثانية للشخص نفسه بعد الأولى أواخر يونيو/حزيران الماضي، عقب سماح السلطات السويدية له باستهداف مقدسات المسلمين.
إسلاموفوبيا متصاعدة
تحدث القره داغي عن ظاهرة الإسلاموفوبيا والعداء للإسلام في الغرب قائلاً: "الإسلاموفوبيا مخطط لها منذ وقت طويل، مثل ما أن تنظيمات كالقاعدة وداعش ذات صلة بمخابرات دولية وإقليمية كما شهدت بذلك مؤسسات فكرية وشخصيات سياسية عديدة في العالم".
وأضاف: "هذه المخابرات كان لها دور في زيادة الكراهية ضد الإسلام وإعطاء صورة سيئة له، في محاولة لتحويل سماحة الدين إلى وجه آخر بعدما نجحوا فعلاً في تشويه صورة الإسلام من الداخل وبأيدي المسلمين مع الأسف".
ويشرح القره داغي قائلاً: "من هنا ظهر اليمين المتطرف في أوروبا وحتى في الولايات المتحدة لإثارة المشكلات وليس حلها، ومنها اقتناع كثيرين في الغرب مع الأسف بالخوف من الإسلام، وإشاعة أنه ضد الحرية وكرامة الإنسان".
وتابع: "بدؤوا بالرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في الدنمارك، وبعدها فرنسا، ثم تكرار حرق نسخ من القرآن عدة مرات".
وأشار إلى أنه "مثل ما بدؤوا تشويه الإسلام بأيدي تنظيمات كداعش، ها هم الآن ينفذون هذه الجرائم بأيدي من ينتمي إلى بلادنا العربية، مثل عراقي الجنسية المدعو سلوان موميكا".
وأضاف: "يريد الغرب خلق فوضى هدامة ويسميها بالفوضى الخلاقة ويريد من ورائها خلق فرص عمل والسماح بالتدخل في شؤون المسلمين وإضعافهم".
إساءات متكررة
ورداً على سؤال حول أسباب تكرار الإساءات للمقدسات الإسلامية رغم حالة الاستنكار الواسعة، أجاب القره داغي: "تتكرر الإساءات لعدم وجود خطة للعالم الإسلامي".
وأضاف: "الواجب أن توضع خطة لحماية المقدسات الإسلامية بكل الوسائل المتاحة وبخاصة الأساليب الناعمة عبر الدعوة والتعليم والإعلام والدراسات".
وقال القره داغي إن الدول الإسلامية إذا لم تؤدِّ هذا العمل منفردة "يتوجب على منظمة التعاون الإسلامي أن تبادر لوضع خطة استراتيجية لمنع تكرار هذه الإساءات عبر استراتيجيات واضحة".
وتابع: "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أدى عديداً من الأدوار في هذا الشأن، ولدينا ملتقى عالمي لبحث هذه المسألة، ليس عن طريق الإدانة والاستنكار، بل الوسائل العملية التي يجب علينا أن نتخذها".
وسائل استباقية
أشار القره داغي إلى أن الوسائل الاستباقية لمنع تكرار الإساءات إلى المقدسات الإسلامية تتطلب التخطيط الجيد والدراسة العلمية حتى تكون ناجعة.
وقال: "لا نقاطع لأجل المقاطعة، نريد التهديد بالمقاطعة لأجل منع ارتكاب جرائم الإساءة إلى مقدساتنا، بشرط أن نكون صادقين في التنفيذ ودراسة الأدوات التي تجعل المقاطعة صحيحة وفعالة".
وأضاف: "يجب مثلاً أن تسبق المقاطعة خطوات عملية كالاجتماع مع الدول الغربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وتبيان انزعاجنا وتخوفنا ومطالبنا".
ولفت القره داغي إلى أن دولاً إسلامية عدة اتخذت مواقف قوية وهددت بالمقاطعة ونادت سفراءها تنديداً بحوادث الإساءة إلى المصحف الشريف في أوروبا.
وأردف: "بعضهم قدم خطوات عملية، ولذلك ليست الدول على مستوى واحد، ونتمنى من منظمة التعاون الإسلامي الدعوة لعقد مؤتمر لتفعيل الوسائل الاستباقية التي تمنع جرائم الإساءة إلى مقدساتنا".
جهود إغاثية
وتطرق القره داغي إلى جهود "علماء المسلمين" في إغاثة منكوبي الزلازل في تركيا وشمال سوريا.
وقال: "شعرنا بالألم الذي أصاب إخواننا المسلمين في تركيا وسوريا، وتحركنا بسرعة لدعوة الجمعيات الإنسانية والدول للمساندة والتنسيق والتعاون والإغاثة".
وأردف: "لم نكتفِ بهذا فأرسلنا وفداً في البداية إلى تركيا وشمال سوريا ثم أتيت مع وفد آخر ومع رئيس الاتحاد، فأجرينا جولة داخل تركيا والشمال السوري، ووزّعنا مساعدات مالية عن طريق مؤسسة آفاد (إدارة الكوارث والطوارئ) التركية ورئاسة الشؤون الدينية".
وأعلن القره داغي عن عزم الاتحاد على بناء "مجمع تعليمي متميز" بمدينة قهرمان مرعش لصالح متضرري الزلزال، موضحاً أنه "جرى تخصيص مليون دولار مبدئياً لأجل هذا المجمع، ولكن إن شاء الله سيصل المبلغ إلى أكثر من 10 ملايين دولار".
وختم بالقول: "سيكون المجمع شاملاً لمسجد ومركز أيتام، وآخر للتعليم وتحفيظ القرآن الكريم، وأماكن لإيواء الأساتذة والمدرسين، ويمكن أن يتطور مستقبلاً إلى مؤسسة أكبر كجامعة أو غيرها، وأملنا كبير أن يكون هذا المجمع رائداً بإذن الله".