يستمرّ الجدل ساخناً حول اللقاء السرّي الذي جمع بين وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، والجهة التي سرّبته.
وكشفت قناة إسرائيلية رسمية، الاثنين، عن خلاف شديد نشب بين جهاز المخابرات (الموساد) ووزارة الخارجية بعد تسريب خبر اللقاء.
وقالت قناة "كان" التابعة لهيئة البث الرسمية إنّ "الطاقم السرّي للموساد الذي عمل لسنوات في الملف الليبي تضرر بشكل كبير بعد الكشف عن اللقاء بين كوهين والمنقوش".
وأضافت: "يدور جدل حول مستوى هذا الضرر، ولا أحد يعرف بعدُ ماذا سيكون الوضع في المستقبل".
وأردفت: "إنْ صحَّ ما أكدته مصادر سياسية في إسرائيل من أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة كان يعلم بشأن اللقاء، فهذا يعني أن العلاقات معه الآن قد تضررت".
ومضت القناة بالقول: "الآن يوجد توتر شديد واتهامات متبادلة بين الموساد والخارجية الإسرائيلية حول هذه المسألة وفي كل ما يتعلق بالعلاقة الحساسة لإسرائيل مع الدول التي لا ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية".
في سياق متصل، قال عميحاي شتاين، المراسل السياسي للقناة ذاتها، مساء الاثنين، إن "وزارة الخارجية الإسرائيلية أرادت أن تكشف عن اللقاء بعد عقده مباشرة الأسبوع الماضي، لكن في ليبيا طلبوا بشكل صريح من إسرائيل تأجيل الكشف عن اللقاء".
وأضاف خلال نشرة الأخبار المسائية: "كان الليبيون يخشون رد فعل سلبياً من الرأي العام ولذلك طلبوا التأجيل".
وحسب المصدر ذاته فإنه بعد تسريب الخبر أبلغت الخارجية الإسرائيلية ليبيا بأنها ستنشر بياناً عن اللقاء وبأنه "ليس لديها خيار آخر".
كما قال مصدر دبلوماسي إسرائيلي لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية إنّ "تسريب لقاء كوهين مع المنقوش من شأنه أن يؤثر سلباً في علاقات إسرائيل مع الدول التي لا تقيم معها علاقات دبلوماسية علنية، إذ ستخشى هذه الدول من التسريبات الإسرائيلية".
وأضاف: "أعتقد أن وزير الخارجية كوهين كمن أطلق النار على رجله، كان التصرف غير مسؤول وسبّب ضرراً لمصالح إسرائيل".
تنصُّل من المسؤولية
من جانبه جدد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين تنصُّله من تسريب اللقاء، مدافعاً عن وزارته ضد معارضين اتهموها بـ"عدم الاحترافية".
وقال كوهين في تغريدة على حسابه بمنصة إكس مساء الاثنين: "تعمل وزارة الخارجية بانتظام من خلال القنوات العلنية والسرية وبطرق سرية متنوعة على تعزيز علاقات إسرائيل في العالم".
وتابع: "من المؤسف أن المعارضين السياسيين الذين لم يدفعوا نحو أي إنجاز يُذكر، يندفعون إلى الرد دون أن يعرفوا التفاصيل، ويتهموننا بتسريب لم يحدث".
وختم كوهين بتأكيد أن "هذه الهجمات لن تمنع وزارة الخارجية الإسرائيلية إقامة وتعزيز العلاقات مع أصدقائنا الكثيرين في العالم، وفي العالم العربي على وجه الخصوص".
وكان رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد اعتبر أن تسريب عقد الاجتماع مع وزيرة الخارجية الليبية "عمل غير احترافي وغير مسؤول، وفشل خطير في الحكم".
وتابع لابيد في تغريدة على منصة إكس: "إنه صباح العار الوطني والمخاطرة بحياة الإنسان من أجل عنوان رئيسي".
وفي وقت سابق يوم الاثنين تنصَّلت الخارجية الإسرائيلية من المسؤولية عن تسريب اللقاء المثير للجدل.
وقالت الوزارة في بيان: "خلافاً للتقارير فإن التسريب بشأن اللقاء مع وزيرة الخارجية الليبية لم يأتِ من الوزارة أو مكتب الوزير"، دون توضيح الجهة التي سربته، على حد زعمها.
غضب في ليبيا
أمّا في ليبيا فقد أثار تسريب خبر اللقاء السري موجة غضب شديدة، وطالبت شخصيات ليبية، الاثنين، النائب العامّ بفتح تحقيق قضائي.
ووقَّعت 26 شخصية ليبية، بينهم أعضاء بمجلسَي النواب والدولة ومرشحون لرئاسة البلاد وأكاديميون ونشطاء، على بيان مشترك.
وأدان الموقعون على البيان "اللقاء بأشد العبارات استناداً إلى الدين والقيم والأخلاق والقوانين الوطنية".
وأضافوا أن هذه اللقاءات "تمنعها التشريعات والقوانين التي تعتبر أن التواصل مع الكيان الصهيوني السري والعلني مُجرَّم أخلاقياً وقانونياً بموجب القانون رقم 57 لسنة 1962".
وطالبوا برفع دعوى قضائية لدى النائب العامّ ضد "كل مَن رتَّب ونسَّق ونفَّذ هذا اللقاء المشؤوم، كونه يعتبر انتهاكاً لمواد القانون الليبي".
وأكد الموقعون أن "مثل هذه اللقاءات مع وزير خارجية الكيان الصهيوني ينبغي ألا تكون على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
والأسبوع الماضي التقى وزير الخارجية الإسرائيلي كوهين في العاصمة الإيطالية روما نظيرته الليبية المنقوش وفق ما أعلنته الأحد الخارجية الإسرائيلية في بيان.
وعقب ذلك، أصدر رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة قراراً يقضي بوقف المنقوش عن العمل احتياطياً وإحالتها إلى التحقيق.
وقالت وزارة الخارجية الليبية إن "ما حدث في روما هو لقاء عارض غير رسمي وغير مُعَدّ مسبقاً، في أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي".
ويحظر القانون الليبي رقم 62 والصادر عام 1957 على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو مع من ينوب عنهم.
ويعاقب كل من يخالف ذلك بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على 10 سنوات، ويجوز الحكم بغرامة مالية.