ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية، اليوم الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية قصفت منزل والد محمد ضيف، القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في قيزان النجار بخان يونس وقتلت 4 من أفراد أسرته. وأفادت (وفا) أن العديد من القتلى والجرحى ما زالوا تحت ركام المنازل المجاورة لمنزل الضيف، التي تضررت بشدة جراء قصف الطائرات المكثف.
وتناقلت المواقع الفلسطينية استشهاد الأخ عبد الفتاح الضيف (60 عاماً)، وابنه مدحت عبد الفتاح الضيف (40 عاماً)، وحفيده براء مدحت (عامان ونصف العام)، وزوجة أحد أبنائه الآخرين.
وكما هو الحال في كل الحروب السابقة، ما زال محمد الضيف يعدّ اللاعب الأبرز على الساحة والقادر على تغيير ديناميكيات المنطقة برمتها، ولا سيما بعد أن عاد اسم الضيف إلى المشهد بعد تنفيذ المقاومة عملية "طوفان الأقصى" العسكرية متعددة الجوانب وغير المتوقعة فجر السبت الماضي.
يتعمق هذا التقرير في حياة وتأثير وشخصية رئيس أركان القسام محمد الضيف، الذي يعد بمنزلة المطلوب الأوّل لإسرائيل.
حياته المبكرة وصعوده
ولد محمد الضيف في مخيم خان يونس للاجئين، وهي مدينة تقع في جنوب قطاع غزة، في عام 1965 عندما كانت غزة تحت السيطرة المصرية، وفقاً لصحيفة ديلي ميل البريطانية. ومثل العديد من القادة الفلسطينيين، الذين انضموا إلى حركات التحرير الوطنية خلال فترة دراستهم الجامعية، بدأت علاقة الضيف مع حماس في الجامعة الإسلامية في غزة.
وخلال دراسة العلوم في الجامعة، كان عضواً في فرقة مسرحية تسمى "العائدون". وقال آفي ميلاميد، خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد أيزنهاور، لصحيفة واشنطن بوست، إن الضيف استمر في التمثيل بعد انضمامه إلى حماس، ولعب في بعض الأحيان أدواراً في مقاطع فيديو دعائية.
وتأثراً بقادة مثل يحيى عياش وعدنان الغول، اللذين كانا من كبار الاستراتيجيين العسكريين في حماس قبل اغتيالهما على يد إسرائيل، أصبح الضيف جزءاً من كتائب القسام، التي تأسست بعد فترة وجيزة من اتفاقيات أوسلو. وتعلم مهارة صناعة القنابل على يد يحيى عياش، صانع القنابل الشهير المعروف باسم "المهندس".
وقال مصدر من حماس يعرف الضيف منذ التسعينيات لرويترز إن الضيف كان في قلب التطورات داخل الجناح المسلح منذ عام 1994. كما كان له الفضل في كونه مهندس شبكة متطورة من الأنفاق تحت قطاع غزة وتصميم صاروخ القسام، وفقاً لما نقلته شبكة سكاي نيوز.
وبمرور الوقت، أكسبه تفانيه ومهاراته القتالية التقدير والثقة داخل كتائب القسام. وفي عام 2002، أصبح رئيساً لكتائب القسام بعد أن اغتالت إسرائيل زعيمها السابق. كان صعود الضيف داخل حماس والقسام سريعاً لشن هجوم يوم السبت، وهو الهجوم الأكثر جرأة وفتكاً حتى الآن.
"الضيف"
يُعرف محمد ضيف، رئيس أركان القسام، بـ"الضيف"، أو في بعض الأحيان "القط ذو الأرواح التسعة". وبحسب شبكة سكاي نيوز فإن اللقب الأول مأخوذ من اسمه الحركي الذي يشير إلى عادته في البقاء مع متعاطفين مختلفين كل ليلة لتجنّب اكتشاف مكانه من جهاز المخابرات الإسرائيلية.
بينما يشير اللقب الثاني إلى قدرته على النجاة من عدد لا يحصى من محاولات الاغتيال والتغلب على الجيش الإسرائيلي في كثير من المواجهات. وقد نجا "الضيف" من سبع محاولات اغتيال إسرائيلية على الأقل قُتلت فيها زوجته وطفلاه، بما في ذلك ابنه الرضيع. كما فقد إحدى عينيه وذراعه وساقه في محاولات الاغتيال تلك، وفقاً لما نقله موقع TRT World.
وتماماً مثل الشيخ أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحركة حماس، والذي قُتل في غارة جوية إسرائيلية في عام 2004، أدار الضيف البالغ من العمر 57 عاماً كتائب القسام من كرسي متحرك في العقدين الماضيين.
وبحسب موقع TRT World، لا يزال العديد من تفاصيل حياة الضيف يكتنفه الغموض مع وجود العديد من الأشياء المجهولة بما في ذلك تفاصيل عن والداه ونوع طفولته، والدليل على طبيعته السرية هو عدم وجود صورة واضحة عن الضيف، إذ تعتقد المخابرات الإسرائيلية التي تواجه انتقادات لفشلها في التنبؤ بالهجوم الذي نفذه عناصر حماس السبت، أن اسم الضيف الحقيقي هو محمد دياب إبراهيم المصري.
شوكة في خاصرة إسرائيل
بعد أن طاردته إسرائيل لعقود من الزمن وكاد يقتل في غارة جوية قبل 20 عاماً، التي قيل إنها تركته على كرسي متحرك بعد أن فقد ذراعه وساقه وإحدى عينيه، فإن فطنته الاستراتيجية وقدرته على تنفيذ عمليات جريئة وعالية التأثير عززت مكانته كقائد عسكري فذّ، ما جعله هدفاً رئيسياً للمخابرات والجيش الإسرائيلي.
اختفاء الضيف عن الأضواء هو سبب نجاحه، وفقاً لزعيم كبير سابق في حماس تحدث إلى صحيفة واشنطن بوست في عام 2014. بينما نقلت سكاي نيوز عن القيادي الفلسطيني عماد فالوجي قوله "إنه يبتعد عن الأضواء ويعيش متخفياً بين السكان. ويتنقل بجوازات سفر وهويات مختلفة".
تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد سوى صورتين معروفتين للضيف، بما في ذلك صورة بطاقة هوية عمرها 30 عاماً نشرتها إسرائيل، وحتى في غزة، لم يتعرف عليه سوى عدد قليل من الناس، وفقاً لـديلي ميل.
وكانت المرة الأخيرة التي سُمع فيها صوته في عام 2021، عندما حذر إسرائيل من أنها ستدفع "ثمناً باهظاً" إذا لم تستجب لمطالب حماس بشأن القدس. ليعود يوم السبت ويعلن بدء العملية العسكرية قائلاً: "هذا هو يوم المعركة الكبرى لإنهاء آخر احتلال على وجه الأرض"، داعياً الفلسطينيين في كل مكان إلى القتال.