العالم
7 دقيقة قراءة
المسجد الإبراهيمي.. ملاذ تاريخي وتراث إنساني اغتصبته إسرائيل
المسجد الإبراهيمي، المعروف أيضاً باسم الحرم الإبراهيمي الشريف، يعود تسميته إلى النبي إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام. ويُعتبر هذا المسجد البناء الديني المقدس الأقدم الذي استخدم على مر العصور بلا انقطاع تقريباً.
المسجد الإبراهيمي.. ملاذ تاريخي وتراث إنساني اغتصبته إسرائيل
المسجد الإبراهيمي / Others
21 أكتوبر 2023

في قلب مدينة الخليل بفلسطين، يحتضن المسجد الإبراهيمي تاريخاً غنياً ومكانة دينية عظيمة، إذ يُعتبر المسجد الإبراهيمي واحداً من المواقع الدينية الأكثر أهمية في العالم، ويجمع الأديان الثلاثة السماوية: الإسلام واليهودية والمسيحية. ويعكس هذا المسجد العريق تعدد الثقافات وروح التعايش السلمي بين الأديان المختلفة.

تسمية المسجد الإبراهيمي

المسجد الإبراهيمي، المعروف أيضاً باسم الحرم الإبراهيمي الشريف، يعود تسميته إلى النبي إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام. ويُعتبر هذا المسجد البناء الديني المقدس الأقدم الذي استخدم على مر العصور بلا انقطاع تقريباً. يحتل المسجد الإبراهيمي المرتبة الرابعة في أهمية المواقع الدينية لدى المسلمين، ويعد ثاني أهم معلم إسلامي في فلسطين بعد المسجد الأقصى. ومن ناحية اليهود، يُعد جبل الهيكل المكان المقدس الأهم، ويأتي المسجد الإبراهيمي في المرتبة الثانية.

ويتميز المسجد الإبراهيمي بتصميمه المعماري الرائع، إذ يجمع بين العناصر الإسلامية واليهودية. يتألف من قبتين ضخمتين ومئذنتين تشكلان لوحة فنية رائعة. ويحتوي المسجد على محراب كبير وقاعة صلاة تتسع لآلاف المصلين. وتُعتبر قبة الصخرة التي تقع داخل المسجد، أحد أبرز العناصر المعمارية والروحية في هذا المكان.

تاريخ المسجد الإبراهيمي

يقع المسجد الإبراهيمي في البلدة القديمة لمدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية في فلسطين. يشبه هذا المسجد في بنائه المسجد الأقصى، ويحيط به سور عظيم مبني من حجارة ضخمة يصل طول بعضها إلى 7 أمتار.

بُني المسجد الإبراهيمي قبل أربعة آلاف عام على يد سيدنا إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، ثم قدم الملك "هيرودوس بن انتيبيتار الأدومي"، ملك الأدوميين العرب في الفترة بين عامي 37 و4 قبل الميلاد، الحجارة وأقام سوراً بطول ثمانين ذراعاً وعرض أربعين ذراعاً حول مقابر الأنبياء. فيما بعد، جاءت الملكة "هيلاني" في عام 324 ميلادية وأمرت بتغطية سقفه. ومع ذلك، هدمه الفرس ثم أعاد الرومان بناءه.

في عام 15 هـ، حوّل المسلمون المبنى إلى مسجد بعد الفتوحات الإسلامية. واستمر المسجد مكان عبادة إسلامي خلال عهدي الأمويين والعباسيين حتى حروب الصليبيين، عندما تحول إلى كاتدرائية لمدة 90 عاماً تحت حكم الصليبيين. ومن ثم، حرره صلاح الدين الأيوبي في عام 587 هـ، وجرى تعيين عشر عائلات في الخليل للإشراف على سدانة المسجد وخدمته.

خلال العصر المملوكي (1250-1517م)، زادت أهمية المدينة وازدادت رحلات الحجاج إليها، وأصبحت تجذب الصوفيين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي. وحرصت الدولة المملوكية على توسيع مرافق المسجد الإبراهيمي من خلال عدة أعمال معمارية وإنشائية واسعة، دون تأثير في مظهره الأصيل، ليتسع لعدد كبير من الزوار ورواد المسجد من مختلف أنحاء العالم.

في أثناء العصر العثماني (1517-1917م)، حرصت الخلافة العثمانية على حماية المبنى والحفاظ على جماليته ورونقه الأصلي دون إضافة تعديلات كبيرة يمكن أن تغير مظهره.

وظل المسجد الإبراهيمي مكاناً إسلامياً حتى عام 1967م، عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية المسجد الإبراهيمي بصحبة كبير الحاخامات شلومو غورين ورفعوا العلم الإسرائيلي على مئذنته. ومنع المصلون المسلمون من دخول المسجد لعدة أشهر.

قدسية المسجد الإبراهيمي

تعتبر قدسية المسجد الإبراهيمي ومقاماته جزءاً أساسياً من العقيدة والتقاليد لأتباع الديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام. ويشير كثير من الباحثين في التاريخ إلى أن جثامين سيدنا إبراهيم وزوجته السيدة سارة وأبنائه نبي الله إسحاق ونبي الله يعقوب وزوجتيهما مدفونة في مغارة تحت الحرم بعمق 18 متراً. وتشير أيضاً روايات إلى أن الأنبياء أدم وسام ونوح ويوسف مدفونون في نفس المكان.

ويحتوي المسجد الإبراهيمي على سبعة مقامات، خمسة منها تقع في الجزء الذي يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي، ولا يسمح للمسلمين بالوصول إليها إلا في مناسبات دينية محدودة، وفي بعض الأحيان يكون بإمكانهم مشاهدة بعض هذه المقامات، أما الاثنان الآخران فيقعان في الجزء المفتوح للمسلمين.

المسجد الإبراهيمي في قائمة التراث العالمي

يعد المسجد الإبراهيمي من المباني التاريخية التي تتمتع بأهمية عالمية من حيث القدم. تعكس جدرانه وسوره أحداثاً هامة في تاريخ البشرية على مدى أكثر من ألفي سنة. وفي عام 2017، أدرجت منظمة اليونسكو المسجد الإبراهيمي ضمن قائمة التراث العالمي، تقديراً لقيمته التاريخية والثقافية.

سيطرة إسرائيلية على المسجد الإبراهيمي

في عام 1967، سيطرت إسرائيل على مدينة الخليل وأصبحت تحت الحكم العسكري الإسرائيلي. ومنذ ذلك الحين، استمرت عمليات الاستيطان الإسرائيلي في المدينة وتوسعت في المناطق المحيطة بها. بدأت القوات الإسرائيلية والمستوطنون في الاعتداء على المسجد الإبراهيمي منذ اليوم الأول للاحتلال، بهدف تحويله إلى معبد يهودي.

بموجب السيطرة الإسرائيلية، جرى تقسيم المسجد الإبراهيمي إلى جزء للمسلمين وجزء لليهود، ووُضع تحت حراسة أمنية مشددة. تعاونت قوات الاحتلال والمستوطنين في الاعتداء على المسجد، إذ سمحوا لهم برفع علم إسرائيل والشمعدان وإطلاق الألعاب النارية على سطح الحرم وساحاته الخارجية.

تهويد المسجد الإبراهيمي

في عام 2021، نفذت السلطات مشروعاً تهويدياً على مساحة تقدر بـ300 متر مربع من ساحات المسجد الإبراهيمي ومرافقه، وشمل ذلك تركيب مصعد كهربائي بهدف تسهيل اقتحام المستوطنين. جرى تخصيص مبلغ مليوني شيكل لتمويل هذا المشروع.

لم يمر هذا القرار دون أن يثير غضباً كبيراً؛ إذ يُعد انتهاكاً صارخاً لقدسية الحرم الإبراهيمي ولحقوق المسلمين المميزة فيه.

وحذر مدير الحرم الإبراهيمي، حفظي أبو سنينة، من استغلال الاحتلال الإسرائيلي للصمت الدولي بهدف تهويد المسجد بشكل كامل وحرمان المسلمين من دخوله. وأشار إلى أن الاحتلال يستغل الظروف والتطورات الراهنة لتحقيق أجندته التهويدية ومنع المسلمين من ممارسة عبادتهم في هذا المكان المقدس.

مجزرة الحرم الإبراهيمي

واحدة من أشهر الاعتداءات التي تعرض لها المسجد الإبراهيمي هي "مجزرة الحرم الإبراهيمي" التي وقعت في فبراير/شباط 1994. في ذلك اليوم، فتح المستوطن باروخ غولدشتاين النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي مما أدى إلى مقتل ثلاثين فلسطينياً.

بعد المجزرة، حوّلت قوات الاحتلال المسجد الإبراهيمي إلى ثكنة عسكرية، إذ فرضت قيوداً على الزوار وفرضت تدقيقاً في هوياتهم، وجرى تركيب كاميرات المراقبة في جميع أنحاء المسجد.

جرى تقسيم المسجد إلى جزء للمستوطنين اليهود وجزء للمسلمين بعد تسعة أشهر من الإغلاق بعد المجزرة. ويسيطر الاحتلال بشكل كامل على المسجد ويغلق القسم المخصص للمسلمين يومياً من التاسعة مساءً حتى الثالثة فجراً.

يضم القسم المخصص للمستوطنين في المسجد الإبراهيمي مقامات هامة مثل "الحضرة الإبراهيمية" التي تضم قبر النبي إبراهيم وزوجته سارة، و"اليعقوبية" التي تضم قبر النبي يعقوب وزوجته لائقة، و"اليوسفية" التي تضم مقام النبي يوسف.

مصدر:TRT عربي
اكتشف
"تلتزم تحقيق السلام مع لبنان".. المبعوث الأمريكي يدافع عن إسرائيل رغم اعتداءاتها المتواصلة
البرغوثي: نواجه مخططات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين.. وأمريكا تواصل انحيازها الكامل لإسرائيل
مظاهرة داعمة لفلسطين أمام البيت الأبيض احتجاجاً على زيارة نتنياهو
جيش الاحتلال يعلن اعتقال خلية يزعم أنها تتبع فيلق القدس الإيراني جنوبي سوريا
ترمب يتوعد الدول المتحالفة مع بريكس برسوم جمركية إضافية بنسبة 10%
ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في تكساس إلى 82 قتيلاً وسط استمرار البحث عن مفقودين
ترمب: أمامنا فرصة جيّدة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة هذا الأسبوع
قادة "بريكس" يدعون إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية ويُدينون الهجمات على إيران
القسام تستهدف تجمعات لجيش الاحتلال بخان يونس وتقصف مستوطنتين محاذيتين لغزة
بلا نتيجة حاسمة.. انتهاء الجلسة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل
جيش الاحتلال يستهدف مواني ومحطة كهرباء في اليمن والحوثيون يعلنون التصدي للهجوم
الضفة.. شهيدان في نابلس وإخطارات بالهدم في الخليل و296 انتهاكاً إسرائيلياً في سلفيت
الدوحة.. جولة مفاوضات جديدة غير مباشرة بين حماس وإسرائيل لأجل وقف إطلاق النار في غزة
"بملايين الدولارات".. تقرير بريطاني: شركة أمريكية تخطط لتهجير فلسطينيي غزة عبر المساعدات الإنسانية
عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب باتفاق شامل تزامناً مع مفاوضات الدوحة
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us