حصل "حزب الحرية" (PVV) اليميني المتطرّف المناهض للإسلام، بزعامة خيرت فيلدرز على الصدارة في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في هولندا الأربعاء، وفق استطلاعات الرأي لدى خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع.
ويهدد هذا الفوز الكبير لليميني المتطرف الشعبوي المناهض أيضاً للهجرة بإحداث زلزال سياسي، ليس في هولندا فحسب بل في أوروبا بأسرها وربّما أبعد منها.
وستكون هولندا انعطفت بقوة نحو اليمين المتطرّف بعد تأكيد الفوز مع ما لهذا الأمر من تداعيات محتمَلة على عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي، إذ كان حزب الحرية وعد بتنظيم استفتاء على خروج البلاد من الاتحاد حال وصل إلى السلطة.
وحسب استطلاع أجراه معهد "إيبسوس" فقد حصل "حزب الحرية" اليميني المتطرّف بزعامة فيلدرز على 35 مقعداً من أصل 150 مقعداً تتألف منها الغرفة السفلى في البرلمان.
وتمثّل هذه الحصّة ثقلاً وازناً في مجلس نواب مشتَّت القوى.
وحلّ في المرتبة الثانية، وفق الاستطلاع نفسه، تحالف اليسار-البيئيين بزعامة فرانس تيمرمانز بحصوله على 25 مقعداً.
أما حزب يمين الوسط فحصد 24 مقعداً، وفق الاستطلاع نفسه.
فوضى سياسية
تأتي هذه النتائج بعدما أعلن رئيس الوزراء المنتهية ولايته مارك روته في يوليو/تموز الماضي، سقوط حكومته بسبب خلافات "لا يمكن التغلّب عليها" بشأن الهجرة.
وما هي إلا أيام قليلة حتى أعلن روته رغبته في اعتزال السياسة بعدما أمضى في منصب رئيس الوزراء 13 عاماً، وهي مدّة قياسية في هولندا.
ويبدو أنّ خطاب فيلدرز المناهض للهجرة لقي تأييداً لدى الناخبين الهولنديين، لكنّ السياسي المميّز بلون شعره الأبيض المصفرّ لم يضمن، رغم فوزه الكبير هذا، منصب رئيس الوزراء المقبل.
وشدّد فيلدرز على أنّ حزبه بات قوة "لم يعد ممكناً تجاهلها"، داعياً الأحزاب الأخرى للعمل معه لتشكيل ائتلاف حكومي.
لكنّ هذه الدعوة استبقها زعماء الأحزاب الرئيسية الثلاثة الأخرى بتأكيدهم، قبل الانتخابات، أنّهم لن يشاركوا في أيّ حكومة يقودها حزب الحرية.
غير أنّه بُعيد إدلائه بصوته، قال السياسي الشعبوي بيتر أومتسيغت الذي ينتهج بدوره موقفاً متشدّداً إزاء الهجرة، إنّه "متاح" لقيادة هولندا، معترفاً في الوقت نفسه بأنّ تشكيل الائتلاف الحكومي المقبل "لن يكون عملية سهلة".
ويتزعّم أومتسيغت حزب "العقد الاجتماعي الجديد"، الذي تأسّس في الصيف الماضي، وفاز هذا التشكيل بـ20 مقعداً، وفق الاستطلاع نفسه.
في المقابل رفض زعيم تحالف "اليسار-البيئيين" فرانس تيمرمانز فكرة الانضمام إلى ائتلاف يقوده فيلدرز، وقال إثر إغلاق صناديق الاقتراع: "حان الوقت لأن ندافع عن الديمقراطية".
وشكّلت الهجرة، وكلفة المعيشة، وأزمة السكن التي تؤثّر خصوصاً في الشباب، أبرز عناوين الحملة الانتخابية.
واستغرق تشكيل الحكومة الأخيرة 271 يوماً، وهي فترة غير مسبوقة.
ترقُّب أوروبي
وتراقب أوروبا من كثب هذه الانتخابات المبكرة، بعدما أدّى روته دوراً أساسياً في قضايا عدّة بينها تعزيز منطقة اليورو ودعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.
وسارع رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان إلى الترحيب بفوز اليمين المتطرف في هولندا، معتبراً أنّ "رياح التغيير" هبّت على هذا البلد.
بدورها، هنّأت زعيمة حزب "التجمّع الوطني" الفرنسي مارين لوبان فيلدرز وحزبه على "أدائهما المذهل" في الانتخابات.
وكتبت لوبن في منشور على منصة إكس: "تهانينا لخيرت فيلدرز وحزب الحرية على أدائهما المذهل في الانتخابات التشريعية، الذي يؤكّد الارتباط المتزايد بالدفاع عن الهويات الوطنية".
وأضافت: "لأن أشخاصاً يرفضون رؤية الشعلة الوطنية تنطفئ، فإنّ الأمل في التغيير يظلّ حيّاً في أوروبا".
مواقف يمينية
وإذا أكّدت النتائج النهائية فوز فيلدرز تكون هولندا انعطفت بقوة نحو اليمين المتطرّف مع ما لهذا الأمر من تداعيات محتملة على عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي.
وكان حزب الحرية وعد بأنه في حال وصل إلى السلطة فسينظّم استفتاءً على خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي.
وسعى فيلدرز مؤخّراً لتحسين صورته لدى الرأي العامّ في الداخل والخارج من خلال تعديل بعض مواقفه.
واعتلى فيلدرز خلال السنوات الأخيرة موجة السياسيين والنشطاء الأوروبيين الذين اعتمدوا في خطابهم وعملهم السياسي على توجيه إهانات ممنهجة ومتكررة إلى الإسلام والقرآن.
وصنع خيرت فيلدرز حياته السياسية من خلال ضخ خطاب معادٍ للإسلام، وكان في عام 2016 طالب بحظر القرآن الكريم في هولندا.
وقبل ثلاثة أشهر فقط أقدم الناشط الهولندي الذي يقود الفرع الهولندي لحركة "بيغيدا" اليمينية المتطرفة على تمزيق نسخة من القرآن الكريم والدوس عليها خلال تظاهرة أمام السفارة التركية في لاهاي.
وأعلن فيلدرز وقتها تشجيعه لتلك الخطوة وبعث برسالة دعم عبر الإنترنت لتظاهرة "بيغيدا" في لاهاي.
وأكّد السياسي المثير للجدل وجود مشكلات أكثر إلحاحاً من خفض عدد طالبي اللجوء، كما خفّف حدّة بعض مواقفه المعادية للإسلام، مؤكداً أنّه في حال فوزه سيكون "رئيساً للوزراء لكلّ شخص في هولندا، بغضّ النظر عن الدين أو الأصل أو الجنس أو أيّ شيء آخر".
ويدعو الحزب لمكافحة الهجرة عبر إعادة مراقبة الحدود الهولندية، واحتجاز وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وإعادة طالبي اللجوء السوريين، وإعادة العمل بتصاريح العمل لمواطني الاتحاد الأوروبي.