بعد إعلان حركة حماس اغتيال إسرائيل صالح العاروري نائب رئيس مكتبها السياسي واثنين من قادة كتائب القسام في هجوم بطائرة مسيّرة على مبنى في الضاحية الجنوبية ببيروت مساء الثلاثاء، توالت ردود الأفعال على الساحة الفلسطينية واللبنانية والإسرائيلية والدولية.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية فإن "مسيّرة إسرائيلية معادية استهدفت مكتباً لحركة حماس في (منطقة) المشرفية؛ ما أدى إلى سقوط ستة شهداء" بالإضافة إلى 11 جريحاً آخرين.
ولم تعلن الحكومة الإسرائيلية رسمياً مسؤوليتها عن الاغتيال، بينما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، نقلاً عن مصادر لم تسمّها أن "إسرائيل اغتالت صالح العاروري".
الفصائل تندّد وإضراب في الضفة
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق إن "عمليات الاغتيال الجبانة التي ينفذها الاحتلال الصهيوني ضد قيادات ورموز شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، لن تفلح في كسر إرادة وصمود شعبنا".
وأكدت حركة الجهاد الإسلامي أن "اغتيال القائد الشهيد العاروري ورفاقه هي محاولة من العدو الصهيوني لتوسيع رقعة الاشتباك، وهي جريمة لن تمر بلا عقاب".
وأوضحت أن إسرائيل من خلال هذا الاغتيال "ستجر المنطقة بأسرها إلى الحرب للهروب من الفشل الميداني العسكري في قطاع غزة والمأزق السياسي الذي تعيشه حكومة الكيان".
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف إن "ما قامت به إسرائيل (اغتيال العاروري) جريمة حرب كبرى وإرهاب دولة" و"ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي نتيجة الصمت الدولي وعدم وجود آليات لمحاسبته وفتح تحقيقات في تلك الجرائم".
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن اغتيال إسرائيل لصالح العاروري في العاصمة اللبنانية بيروت، "جريمة متوقعة لن توقف المقاومة".
وتابع: "العاروري يعتبر قامة وطنية كبيرة وشامخة، وله رصيد رصين في خدمة القضية الفلسطينية، وكنّا نتوقع أن ينال الشهادة لأنها تليقُ به وبتضحياته".
وشهدت عدة مناطق بالضفة الغربية المحتلة تظاهرات إثر اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، إذ انطلقت مسيرة وسط مدينة رام الله وأخرى في بلدة عارورة شمال غرب المدينة، مسقط رأس العاروري إضافة إلى مسيرة في مخيم العرّوب شمالي الخليل.
وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية في مختلف المحافظات بالضفة الغربية المحتلة الإضراب العام والشامل الأربعاء، "رداً على اغتيال القيادي الفلسطيني".
لبنان يتحرك
وفي أول خطوة عملية، ذكر بيان لرئاسة الحكومة اللبنانية أن رئيس الوزراء طلب من الخارجية اللبنانية تقديم شكوى عاجلة لمجلس الأمن الدولي بشأن انفجار بيروت.
وقال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إن الانفجار الذي وقع مساء الثلاثاء في الضاحية الجنوبية ببيروت جريمة إسرائيلية تهدف لإدخال لبنان في مرحلة جديدة.
وذكر البيان أن ميقاتي "اتصل بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب طالباً تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي، على خلفية الاستهداف الفاضح للسيادة اللبنانية بالتفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت مساء اليوم، وكل الخروقات الإسرائيلية المستجدة للسيادة اللبنانية".
إسرائيل لا تعلق
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول عسكري أمريكي أن إسرائيل هي المسؤولة عن اغتيال العاروري.
بدورها، قالت وكالة رويترز إنها وجهت أسئلة للجيش الإسرائيلي بشأن الحادث، لكنه ردّ بأنه "لا يعلق على تقارير وسائل الإعلام الأجنبية".
وقال مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشبكة MSNBC "لم نعلن مسؤوليتنا عن هجوم بيروت وهو لم يستهدف الحكومة اللبنانية ولا حزب الله"، لكنه أضاف أن "كل من تورط في مذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول هو إرهابي وهدف مشروع"، على حدّ قوله.
من جانبه، قال ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية إن بنيامين نتنياهو طالب وزراء حكومته بعدم التعليق على اغتيال صالح العاروري في بيروت.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرر إلغاء اجتماع مجلس الوزراء المصغر (الكابينت) الليلة، والإبقاء على اجتماع مجلس الحرب لبحث تداعيات اغتيال القيادي في حماس صالح العاروري.
ويعتبر العاروري من مؤسسي كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة "حماس"، فقد بدأ في الفترة الممتدة بين عامي (1991ـ1992) بتأسيس النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن ستة من قادة حركة "حماس" الفلسطينية "في مرمى النيران الإسرائيلية"، بينهم العاروري، متهمة إياه بالضلوع في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ورداً على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى"، شنّت حماس وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى" فجر 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية بمحيط غزة، بعد أن اخترقت الجدار العازل المزود بتكنولوجيا دفاعية متقدمة.
ومنذ ذلك الحين يشنّ الجيش الإسرائيلي حرباً مدمّرة على غزة، خلّفت حتى الثلاثاء، 22 ألفاً و 185 شهيداً و57 ألفاً و 35 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.