سياسة
8 دقيقة قراءة
بعد حديث غالانت عن قربها.. ما مدى واقعية عودة سكان مستوطنات غلاف غزة؟
مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، قال وزير الجيش الإسرائيلي، يوآف غالانت، إنه سيجري قريباً بدء إعادة الإسرائيليين إلى منازلهم بمستوطنات غلاف غزة، الواقعة في نطاق 4 إلى 7 كيلومترات من الحدود مع القطاع.
بعد حديث غالانت عن قربها.. ما مدى واقعية عودة سكان مستوطنات غلاف غزة؟
اتهام نتنياهو بمحاولة رشوة مستوطنين للعودة إلى غزة / صورة: AA
23 يناير 2024

تزايد الحديث في إسرائيل حول عودة سكان مستوطنات غلاف قطاع غزة، التي كانت هدفاً رئيسيّاً لهجوم المقاومة الفلسطينية في عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد دخول الحرب على القطاع شهرها الرابع.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد شرع في إخلاء غلاف غزة بعد أيام قليلة من أكبر عملية في تاريخ المقاومة الفلسطينية، ولم يعد المستوطنون إلى منازلهم رغم مرور أكثر من 100 يوم على الحرب الإسرائيلية.

إعلان غالانت

مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، قال وزير الجيش الإسرائيلي، يوآف غالانت، إنه سيجري قريباً بدء إعادة الإسرائيليين إلى منازلهم بمستوطنات غلاف غزة، الواقعة في نطاق 4 إلى 7 كيلومترات من الحدود مع القطاع.

بدورها كشفت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، أن الجيش الإسرائيلي يستعد لإعادة سكان 5 مستوطنات على بعد 4-7 كيلومترات من القطاع، وسادسة على بعد أقل من 4 كيلومترات، إلى منازلهم التي أخلوها مع بداية الحرب.

وأشارت إلى أن السكان الذين سيوافقون على العودة سيحصلون على "منحة تكيّف"، فيما سيكون بإمكان مَن يرفضون العودة الاستمرار في البقاء بالفنادق بوسط إسرائيل.

وكان غالانت قد كشف في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أن تل أبيب تعمل من أجل السماح لجزء من سكان غلاف غزة بالعودة إلى منازلهم مطلع 2024، بعد أسبوعين من إعلان وزارة الدفاع الإسرائيلية عزمها تمديد إخلاء غلاف غزة حتى نهاية 2023.

رشوة مالية

وردّاً على تحركات الحكومة، اتهم تامر عيدان، رئيس مجلس مستوطنات "سدوت هنيغف" الإقليمي (يضم 16 مستوطنة في صحراء النقب الشمالي الغربي)، حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمحاولة رشوة السكان بمِنَح مالية، مقابل العودة إلى مستوطنات غلاف غزة.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن عيدان -ناشط بحزب الليكود برئاسة نتنياهو- قوله إن الحكومة الإسرائيلية تعيد السكان "إلى 6 أكتوبر" (الوضع السائد قبل الحرب)، وتتخلّى عن أمنهم الشخصي.

وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية تحاول "رشوة السكان من أجل العودة إلى منازلهم، دون إزالة التهديد الأمني، ودون توفير استجابة أمنية رئيسية للبلدات في المنطقة، ودون نظام تعليم قادر على استيعاب العائدين".

أطول فترة نزوح

ويقول الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي، عزام أبو العدس، إن مستوطنات غلاف غزة تشكِّل حالة من الصدمة في الشارع الإسرائيلي، مضيفاً أنها المرة الأولى بتاريخ إسرائيل التي يجري فيها إخلاء مستوطنات بالجنوب والشمال تحت ضغط المقاومة لفترة نزوح باتت الأولى بتاريخ إسرائيل.

ويوضح أبو العدس في حديثه مع TRT عربي، أن حكومة إسرائيل تعتبر إعادة مستوطني غلاف غزة هدفاً معنويّاً مُهمّاً "للحفاظ على المشروع الصهيوني، مشروعاً استيطانيّاً يقوم على الفكرة الإحلالية وإنهاء الوجود الفلسطيني، وبالتالي مسألة إعادة هؤلاء تعني الحفاظ على الطابع الاستيطاني الإحلالي لدولة الاحتلال".

ويشير إلى أن حكومة نتنياهو رصدت مبالغ مالية كبيرة لإعادة مستوطني غلاف غزة أو تأهيل المنطقة أمنيّاً عبر قوات مرابطة وإقامة معسكرات بمحيطها، وشق طرق بعيدة عن غزة والحدود مع القطاع، وجعلها مضادة للصواريخ والقذائف المضادة للدروع.

ويضيف أبو العدس أن إسرائيل تحاول بث الشعور بالأمن والطمأنينة لدى مستوطني غلاف غزة، لافتاً إلى أن الاتجاه السائد يشير إلى أنهم لن يعودوا ما بقيت حركة حماس والمقاومة في غزة.

ويبيّن أنه "لا عودة لمستوطني غلاف غزة بحال تعادُل إسرائيل مع حماس وانسحابها دون حسم وانتصار لا يقبل الجدل"، مشيراً إلى أنهم -المستوطنون- لن يشعروا بالأمان ما بقيت المقاومة وفكرة الانتقام لديها مما فعلته إسرائيل من تدمير هائل في غزة.

ويرى أبو العدس أنه قد يعود عدد محدود من السكان إلى مستوطنات غلاف غزة بسبب المغريات الاقتصادية، مبدياً قناعته أن هذه المستوطنات لن تعود كما كانت، "لأن حجم الصدمة النفسية هائل، مع الاعتقاد السائد بأن إسرائيل ذاهبة إلى الهزيمة في غزة أو التعادُل".

وفي حال توسعت الحرب وأصبحت إقليمية -وَفق أبو العدس- فإن المشهد يزداد تعقيداً مع إخلاء الشمال، مما يعني "انكماش المشروع الصهيوني إلى وسط فلسطين، وهو مؤشر خطير جدّاً لدولة الاحتلال".

أزمة حقيقية

بدوره يقول المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور، إن الحكومة الإسرائيلية اتخذت قراراً عام 2014 بإخلاء منطقة الغلاف في كل حالة قتال، من أجل تجنيبها أن تكون عرضة للصواريخ ومنع تحقيق انتصارات معنوية للمقاومة.

ويوضح منصور في حديثه مع TRT عربي، أن الأمر يختلف هذه المرة، لأن سكان الغلاف يرفضون العودة رغم قرار الجيش الإسرائيلي ودعوته لهم بالعودة، توازياً مع رصد الحكومة مغريات مالية.

ويشير إلى أن سكان غلاف غزة يريدون تغيير الواقع الأمني والشعور بالأمان بشكل حقيقي، مضيفاً أن هذا يخلق أزمة حقيقية لإسرائيل تدفعها إلى التعامل مع القضية بشكل مختلف.

وحول تصريحات غالانت، يبين منصور أنه يريد إعطاء انطباعات بأن الجيش يحقق تقدماً، وبوجود إمكانية للتخفيف من الأعباء التي تفرضها هذه الحالة على إسرائيل.

ويتوقع أنه قد يعود سكان المناطق البعيدة نسبيّاً عن قطاع غزة، ولكن المستوطنات القريبة سيرفض سكانها العودة سوى بتغيير كامل للواقع في غزة.

ويبيّن منصور أن هؤلاء يريدون حكماً مختلفاً في غزة، وآليات تضمن عدم تسليحه وتدمير المخزون الصاروخي هناك، لافتاً إلى أن هذا الأمر سيستغرق وقتاً، كما أن القرار لم يعُد بيد الحكومة وحدها، وإنما بيد المستوطنين.

ويعتقد أن المنظومة الأمنية مع مستوطنات غلاف غزة سيجري التعامل معها بشكل مختلف، إذ ستُوضع قوات كبيرة من الجيش ومعسكرات على الحدود بينها وبين غزة، علاوة على وضع منظومات أمنية مختلفة وحواجز وسواتر، كما ستتكوّن منطقة عازلة بين غزة والغلاف على حساب أراضي القطاع، وفق ما يُطرح إسرائيليّاً.

ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل ستحدث تغييرات في هيكلية الشرطة والجيش والتسليح بهذه المناطق، بمعنى أن المنظومة الأمنية ستعمل بشكل مختلف كليّاً في هذه المناطق.

ويضيف أن عدم اتخاذ هذه الإجراءات الأمنية وعدم تغيير الواقع الأمني في قطاع غزة، كما تقول إسرائيل، يعني أن حكومة نتنياهو لا تملك الحق ولا القرار ولا القدرة على إعادة مستوطني غلاف غزة، "وستُضطر إلى إخلاء هذه المنطقة"، وهذا يُعدُّ أحد الأمور الضاغطة على الجيش والمؤسسة الأمنية.

مستوطنات غلاف غزة

يُذكر أن عدد مستوطنات غلاف غزة يبلغ نحو 50 مستوطنة، تمتد على مسافة 40 كيلومتراً، فاصلة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ويديرها ما تسمى "المجالس الإقليمية" التي تتبع الحكومة الإسرائيلية، وعددها ثلاثة مجالس.

ويعد مجلس أشكول أول المجالس الإقليمية لغلاف غزة، ويمتد على مساحة 380 كيلومتراً مربعاً، ويسكنه أكثر من 13 ألف مستوطن في 32 مستوطنة.

ويمتد مجلس أشكلون على مساحة 175 كيلومتراً مربعاً، ويعيش فيه 17 ألف مستوطن في 4 مستوطنات، في حين يمتد مجلس "شاعر هنيغف" على مساحة 180 كيلومتراً مربعاً، ويحوي 11 مستوطنة، يقطنها أكثر من 7 آلاف مستوطن.

وكانت إسرائيل قد عززت سيطرتها على غلاف غزة لأهداف استراتيجية، بوصفه منطقة عازلة على طول الحدود البرية مع القطاع، ولكي تقطع إمكانية الاتصال الجغرافي بينه وبين الضفة الغربية في محاولة منها لإجهاض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية.

كما يشكِّل غلاف غزة الأمن الغذائي للسوق الإسرائيلية، إذ تشير بيانات لاتحاد المزارعين الإسرائيليين إلى أن 75% من الخضراوات المستهلكة في إسرائيل تأتي من غلاف غزة، إضافة إلى 20% من الفاكهة، و6.5% من الحليب.

وتُعرف المنطقة المحيطة بقطاع غزة باسم "رقعة الخضار الإسرائيلية"، التي تحتوي أيضاً على مزارع للدواجن والماشية، إلى جانب مزارع للأسماك.

مصدر:TRT عربي
اكتشف
غروسي: تعاون إيران مع الطاقة الذرية التزام قانوني وليس خياراً
الاحتلال يواصل مجازره بحق مجوّعي غزة.. ولازاريني: الأونروا تواجه أزمة وجود
إيران تعتقل 26 شخصاً في خوزستان بتهمة التعاون مع إسرائيل
زعيم إسرائيلي معارض يعلق على قتل المستوطنين ثلاثةَ فلسطينيين بالضفة: مجزرة يهودية عنيفة
مستوطنون يقتلون 3 فلسطينيين ويصيبون 16 واستشهاد طفل في جنين وسط استمرار عمليات الهدم في طولكرم
"القسام" تنشر مشاهد لكمين خان يونس.. والاحتلال يعترف بمقتل 7 جنود وتحقيقاته تكشف عن "خلل خطير"
الحرب في الشرق الأوسط تدفع بكين لإعادة إحياء مشروع "قوة سيبيريا 2" لنقل الغاز الروسي
قمة الناتو.. أردوغان يؤكد في لقائه بزعماء: أولويتنا التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة
عشرات الشهداء بمجازر إسرائيلية جديدة.. و”حكومة غزة”: الاحتلال يقنص المدنيين عند نقاط المساعدات
ترمب يدعي أن اتفاقاً بشأن غزة "بات وشيكاً جداً".. وحماس: الاتصالات بين الوسطاء تكثفت والاحتلال يتلكأ
زهران ممداني.. مسلم اشتراكي ومؤيد لفلسطين يقترب من منصب عمدة نيويورك
كتائب القسام وسرايا القدس تدمران آليات إسرائيلية بخان يونس.. وجيش الاحتلال يقر بمقتل 7 جنود
بعد تقرير الاستخبارات.. ترمب: برنامج إيران النووي عاد عقوداً إلى الوراء بعد تدميره بالكامل
وزيرا دفاع تركيا وهولندا يوقّعان إعلان نيات خلال قمة الناتو في لاهاي
الاحتلال يواصل عمليات الدهم والاعتقال في الضفة الغربية ويهدم 623 منزلاً بالقدس منذ 7 أكتوبر
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us