بين قاعدة التنف على الحدود السورية-الأردنية وقاعدة الدعم اللوجيستي عند البرج 22 من شبكة الدفاعات الأردنية، يصرّ الأردن والولايات المتحدة كل منهما على روايته حول مكان هجوم الأحد على القوات الأمريكية الذي خلّف 3 قتلى أمريكيين و34 مصاباً آخرين.
ويرتبط الأردن والولايات المتحدة بتعاون عسكري وثيق، إذ وقّع البلدان عام 2021 اتفاقية تعاون دفاعي يوفّر الأردن من خلالها أماكن حصرية للقوات الأمريكية تشمل 15 موقعاً يتحكم الجانب الأمريكي بالدخول إليها، كما يتيح لها حيازة وحمل الأسلحة في الأراضي الأردنية في أثناء مهامها الرسمية.
روايات متضاربة
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، الاثنين، ارتفاع عدد الإصابات بين القوات الأمريكية إثر الهجوم بطائرات مسيّرة على قاعدة عسكرية بالأردن إلى 34، إضافةً إلى مقتل 3 جنود أمريكيين.
وقال بيان للقيادة الأمريكية إن هجوماً أحادي الاتجاه بطائرات من دون طيار وقع الأحد على قاعدة الدعم اللوجيستي عند البرج 22 من شبكة الدفاعات الأردنية شمال شرقي الأردن، بالقرب من الحدود السورية.
أما الأردن فأعلن الأحد أن الهجوم طال قاعدة التنف التي تبعد عن أراضي المملكة نحو 24 كلم، مؤكداً أن وجود القوات الأمريكية هناك يأتي في سياق اتفاقية تعاون بين البلدين، وفق بيان لمتحدث الحكومة الأردنية، مهند المبيضين.
وقال المبيضين: "إن الهجوم الذي استهدف قاعدة التنف صباح الأحد كان على الحدود السورية-الأردنية، وأسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين"، مضيفاً أن "الهجوم لم يسفر عن إصابة أيٍّ من قوات حرس الحدود الأردنية الموجودين على الحدود".
وأوضح أن "الوجود الأميركي بالقرب من الحدود الأردنية يأتي في سياق اتفاقية التعاون بين البلدين التي تتضمن تعزيز مجالات التدريب وزيادة منظومة أمن الحدود الفنية والتدريبية".
داخل أم خارج الأردن؟
رأى المحلل العسكري اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، أن "البرج الذي تتحدث عنه واشنطن قريب من الحدود الأردنية بشكل كبير، وهو في محيط قاعدة التنف التي تمتد لمساحة 55 كيلومتراً، وتبعد عن المملكة 24 كيلومتراً".
وأضاف في تصريح صحفي أن "الحديث عن أن الهجوم داخل أراضي المملكة يعني أننا مضطرين للرد، كونه تعدياً على السيادة، لذلك عمان أكثر دقة في تحديد الموقع".
وتابع أن "الاشتباك الأمريكي مع الجماعات المدعومة إيرانياً مستمر، وأتوقع أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون مضطرة للرد في العراق وسوريا، وأستبعد استهداف إيران".
وأوضح: "الولايات المتحدة تريد أن تعطي الضربة بعداً مستقبلياً، وذكرت الأردن كونها حليفاً لها، وتريد أن تعطي امتداداً لأي ردع قادم ضد الإيرانيين، وبالتالي حماية نفوذها ومجالها الحيوي".
وشدد المتحدث على أن "الأردن يعتمد في قراءاته على أمنه القومي في مواقفه وإجراءاته، لذلك أنا مع ما أصدرته عمان بشأن موقع الهجوم".
تصعيد جديد
المحلل السياسي عامر السبايلة قال إنه "يجب النظر إلى أن استهداف القوات الأمريكية أخذ بعداً غير تقليدي، وسيدفع واشنطن للرد بطريقة أيضاً غير تقليدية".
وأضاف أن "استهداف الأردن يعني أن هناك جغرافيا جديدة في المواجهة، وهذا سيأخذنا نحو تصعيد جديد؛ بسبب وقوع قتلى من الجيش الأمريكي".
وأورد السبايلة أن "واشنطن ستضطر للرد بشكل حازم في عدة مناطق، ويتطلب من الأردن رفع جاهزيته باعتبار أن الحادث يشير إلى أن الجغرافيا توسعت".
وتَعهَّد الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأحد، بالرد بعد مقتل العسكريين، محمّلاً المسؤولية "فصائل موالية لإيران".
وقال بايدن في بيان: "الليلة الماضية قُتل ثلاثة من أفراد الجيش الأمريكي، وأُصيب آخرون، في هجوم بطائرة مُسيّرة على قواتنا المتمركزة شمال شرق الأردن".
وسبق أن تعرضت القاعدة في الرابع من يناير/كانون الثاني لهجوم بمُسيرتين مجهولتَي المصدر، تمكّنَت القوات الأمريكية من إسقاطهما قبل وصولهما إلى القاعدة.
ويُعَدّ الهجوم على قوات أمريكية في الأردن هو الأول من نوعه الذي يُسفر عن سقوط قتلى أمريكيين منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وادّعت جماعة تسمى "المقاومة الإسلامية العراقية" في بيان أن مقاتليها "هاجموا بواسطة الطائرات المسيّرة، أربع قواعد للأعداء، ثلاث منها في سوريا، هي: قاعدة الشدادي، وقاعدة الركبان، وقاعدة التنف، والرابعة داخل أراضينا الفلسطينية المحتلة وهي منشأة زفولون البحرية".