وبحسب ما ورد في تحقيق "شومريم"، فإن المالك المسجل لشركة UG Solutions هو جيمسون جوفوني، الذي اعتُقل في أبريل/نيسان الماضي للاشتباه في تورطه في حادث "صدم وفرار"، قبل أن يُفرج عنه بكفالة مالية.
ويكشف التحقيق أن جوفوني لا ينشط فقط في قطاع الأمن الخاص، بل أسس أيضاً منظمة للمساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى ما لا يقل عن ست شركات أخرى، جميعها مسجّلة على صندوق البريد نفسه في كارولاينا الشمالية الذي تعتمده UG Solutions.
كما أشار تحقيق "شومريم" إلى وجود شركة إضافية مرتبطة بجوفوني، تعمل في مجال تسويق مشروب يروَّج له وسيلة للوقاية من آثار الكحول، وتستخدم صندوق بريد مختلفاً. ويُلاحظ أن أغلبية هذه الشركات جرى تسجيلها خلال الأشهر القليلة الماضية فقط، في ما يبدو أنه نشاط تجاري متسارع وظيفته الأساسية دعم مشروعات جوفوني متعددة الواجهات.
وتُظهر تقارير إسرائيلية ودولية متعددة، أوردها أيضاً تحقيق "شومريم"، أن UG Solutions تعمل مقاولاً فرعياً لمصلحة شركة أمريكية أخرى تدعى "Safe Reach Solutions)" SRS)، وهي الجهة المسؤولة عن الإشراف الأمني العام على جهود الإغاثة في غزة.
وتتولى SRS مهام مراقبة التهديدات الأمنية عبر تقنيات المراقبة والكاميرات واللوجستيات، بينما تنفذ UG العمليات الميدانية على الأرض وتتواصل مباشرة مع السكان المحليين.
وفي رد رسمي على استفسارات "شومريم"، صرّح متحدث باسم "مؤسسة غزة الإنسانية" -الهيئة المشرفة على المشروع الإنساني- بأن SRS تنسق أنشطتها في القطاع بشكل مباشر مع UG Solutions، واصفاً الأخيرة بأنها "مزود عالمي موثوق لحلول الأمن المتكاملة"، من دون تقديم مزيد من التفاصيل بشأن آليات التعاقد أو معايير الاختيار.
البداية من منظمة إنقاذ إلى مشروع تجاري في غزة
وفقاً لتحقيق نشرته مجلة "شومريم"، تعود جذور انخراط جيمسون جوفوني في الشأن الغزّي إلى تأسيسه عام 2019 لمنظمة غير ربحية تُدعى "Sentinels Foundation"، إلى جانب شريكه الأمريكي غلين ديفيت، وعُرفت المؤسسة حينها بأنها معنية بمكافحة استغلال الأطفال، وكانت تنشط سابقاً في كل من أفغانستان وأوكرانيا.
وتشير "شومريم" إلى أن جوفوني، البالغ من العمر 38 عاماً والمقيم في ولاية كارولاينا الشمالية، خدم لأكثر من عقد في القوات الخاصة الأمريكية (القبعات الخضراء)، ونفذ مهام عسكرية في أفغانستان والعراق وكولومبيا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلنت مؤسسة Sentinels -بحسب ما وثّقته "شومريم"- أنها تعمل على إجلاء مواطنين أمريكيين من قطاع غزة، ونشرت عبر منصاتها شكراً علنياً لعضوي مجلس الشيوخ الجمهوريين ماركوين مولين وليندسي غراهام، وهما من أبرز حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
لكن التحول الأبرز في نشاط جوفوني جاء في يناير/كانون الثاني 2025، حين عاد إلى غزة، لا كممثل لمنظمة إنسانية، بل عبر شركته الخاصة UG Solutions، التي جرى التعاقد معها مع شركة أخرى تُدعى Safe Reach Solutions (SRS) للإشراف على تفتيش المركبات الفلسطينية في ممر نتساريم خلال فترة الهدنة بين إسرائيل وحماس.
ووفقاً لما كشفته واشنطن بوست، يقود الشركة فيل ريلي، وهو مسؤول استخبارات رفيع سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، وكان يشغل موقعاً في الخدمة السرية الوطنية (National Clandestine Service)، التي تُعد الذراع السرية للعمليات الخارجية للوكالة.
ووفقاً لموقع انتلجنس أونلاين شغل ريلي في السابق منصب قائد لعمليات الاستخبارات الأمريكية في أفغانستان، قبل أن ينتقل إلى القطاع الأمني الخاص، إذ تولّى أدواراً استشارية مع شركة الأمن الخاصة Circinus، كما عمل مستشاراً لإليوت برويدي، الرئيس السابق للّجنة المالية في الحزب الجمهوري وأحد أبرز حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وفي مرحلة لاحقة، انضم ريلي إلى شركة الأمن السيبراني 2020 Partners، حيث عمل إلى جانب جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية في إدارة باراك أوباما.
ومع إعلان إسرائيل إنهاء الهدنة، جُمّدت أعمال الشركتين، قبل أن تُستأنف مجدداً أواخر مايو/أيار تحت إشراف مؤسسة GHF، وتُكلّف UG بتأمين أربع نقاط رئيسية لتوزيع الغذاء في القطاع.
ووفقاً لتحقيق "شومريم"، تُظهر إعلانات التوظيف الخاصة بشركة UG أنها تستقطب جنوداً سابقين من وحدات النخبة، وخصوصاً من تلقوا تدريباً في مهارات القنص.
كما تكشف حسابات موظفين حاليين على موقع "لينكد إن" عن أنهم عملوا سابقاً في شركات أمنية ذات سجل إشكالي مثل "تريبل كانوبي" في العراق، بينما خدم آخرون بصفتهم حراساً شخصيين لشخصيات بارزة مثل جيف بيزوس وباراك أوباما. وتعرض الشركة على موظفيها المحتملين أجوراً تصل إلى 1000 دولار يومياً، وفق ما وثّقته "شومريم".
قضية الصدم والفرار وشبكة الشركات الملتفة حول جوفوني
بحسب تحقيق نشرته مجلة شومريم، واجه جيمسون جوفوني أزمة قانونية في توقيت حرج لأنشطة شركته في قطاع غزة. ففي أبريل/نيسان 2025، اعتُقل في ولاية كارولاينا الشمالية للاشتباه بتورطه في حادث صدم وفرار، وهي تهمة تشمل في القانون الأمريكي التسبب بأضرار للممتلكات، وليس فقط إصابات جسدية.
وتشير وثائق محكمة مقاطعة مكلنبورغ، التي حصلت شومريم على نسخة منها، إلى أن جوفوني تجاهل أوامر الشرطة بالتوقف بعد الحادث، وقاد سيارته بطريقة وُصفت بأنها "متهورة وغير مسؤولة"، قبل أن يجري اعتقاله في منزله وإطلاق سراحه بكفالة مقدارها 50 ألف دولار.
وامتنعت شركة UG Solutions عن التعليق على الحادث أو على مدى تأثيره المحتمل في قدرة جوفوني على السفر خارج الولايات المتحدة.
وتوضح شومريم أن عمل UG Solutions في غزة لا يمثل سوى فصل واحد في المسيرة المتشعبة لرجل الأعمال العسكري السابق.
فمنذ إنهائه خدمته في "القبعات الخضراء"، أسس جوفوني سلسلة من الشركات، من بينها "Alcohol Armor" التي تسوّق مشروباً تدّعي أنه يمنع آثار الكحول.
ووفقاً للموقع الإلكتروني للشركة الذي رصدته شومريم فإن المنتج وُلد من تجربة شخصية عاشها جوفوني وشريكه ديفيت خلال خدمتهما العسكرية، بحثاً عن وسيلة "للاستيقاظ بكامل النشاط من دون تأثيرات الشرب في الليلة السابقة".
كما سجل جوفوني لاحقاً علامة تجارية لمشروب طاقة يحتوي على مركب CBD المستخلص من القنب.
وتضيف المجلة أن أول ظهور رسمي لنشاط جوفوني في قطاع الأمن الخاص يعود إلى عام 2016 من خلال شركة Skillset Corporation، التي قدمت نفسها –وفقاً لأرشيف موقعها الإلكتروني– كجهة تقدم خدمات أمنية متعددة، تشمل رصد التهديدات، الأمن المؤسسي، محاكاة التمارين القتالية والحلول السيبرانية.
أما شركة UG Solutions نفسها، فقد أسسها جوفوني في مارس/آذار 2023، قبل اندلاع الحرب الأخيرة في غزة. وتشير وثائق السجل التجاري، التي اطلعت عليها شومريم، إلى أن عنوان الشركة الرسمي مسجّل في فرع للبريد بمدينة ديفيدسون، كارولاينا الشمالية، مع تسجيل ثانٍ في ولاية فلوريدا يُعتقد أنه يتيح لها الاستفادة من نظام ضريبي أخف.
وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط، أضاف جوفوني ثلاث شركات جديدة تحمل أسماء UG Holdings، وUG Advanced Protection، وUG Technologies، جميعها مسجلة على العنوان نفسه في ديفيدسون.
وفي يونيو/حزيران، أسس أيضاً شركة رابعة باسم UG Swamp. وتبقى طبيعة عمل هذه الشركات غير واضحة، بحسب ما خلص إليه تحقيق شومريم.
ورصدت المجلة أيضاً تسجيل منظمة غير ربحية جديدة باسم "التحالف العالمي للإغاثة" (Global Relief Alliance)، يبدو أنها أنشئت خصيصاً لتلبية متطلبات مشروع المساعدات الإنسانية في غزة.
ورغم أن الموقع الإلكتروني للمنظمة لم يُفعّل بعد، فإن وثائق التسجيل –التي حصلت شومريم على نسخة منها– تشير إلى أنها تهدف إلى نشر فرق طوارئ للإغاثة في مناطق الكوارث والصراعات، وتوفير المواد الأساسية مثل الغذاء والمياه والمستلزمات الطبية والمأوى.