الإدارة الأمريكية تدرس التخلي عن قيادة الناتو.. كيف يعيد ترمب تشكيل الحلف؟
سياسة
6 دقيقة قراءة
الإدارة الأمريكية تدرس التخلي عن قيادة الناتو.. كيف يعيد ترمب تشكيل الحلف؟أفادت تقارير أمريكية بأن إدارة ترمب تدرس إمكانية التخلي عن قيادة حلف الناتو، وهي المسؤولية التي تولتها منذ تأسيس الحلف قبل نحو 75 عاماً، الأمر الذي قد تراه الدول الأوروبية إشارة إلى انسحاب أمريكي محتمل من التحالف، وفق مسؤولين سابقين شغلوا المنصب.
الإدارة الأمريكية تدرس التخلي عن قيادة الناتو.. كيف يعيد ترمب تشكيل الحلف؟ / Getty Images
22 مارس 2025

وحسب ما نقلت شبكة NBC News عن مسؤولين دفاعيين مطلعين، فإن الإدارة الحالية تدرس إعادة هيكلة شاملة لوزارة الدفاع "البنتاغون" ومن بين الخطط إنهاء تقليد تولي جنرال أمريكي الإشراف على جميع العمليات العسكرية للناتو في أوروبا، الذي يُعرف بمنصب القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا (SACEUR)، الذي كان دائماً تحت قيادة جنرال أمريكي، وشغله لأول مرة الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور.

تقليل تكاليف أم تقليص للنفوذ؟  

لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب توجُّه بتخفيف النفقات الخارجية عن حكومته، ولا سيما النفقات الدفاعية، وكرر انتقاداته للدول الأعضاء في الناتو بسبب عدم تحقيقها لمستويات الإنفاق الدفاعي المطلوبة (2% من الناتج المحلي الإجمالي)، كما هدد بإجراء تغييرات جذرية في السياسة الدفاعية قد تشمل عدم التزام واشنطن الدفاع عن الدول التي لا توفي بالمعايير المالية المحددة. 

وأثار ترمب تساؤلات حول مدى استعداد الناتو لحماية الولايات المتحدة في حال تعرضها لهجوم، مشيراً إلى أن الحلف لم يتدخل سوى مرة واحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، بينما تتولى أمريكا الدفاع عن أوروبا بشكل مستمر. وقال: "ما يحدث هو ظلم كبير. حتى وصولي، كانت واشنطن تتحمل ما يقارب 100% من تكاليف الناتو. نحن نمول جيشهم، بينما يستغلوننا اقتصادياً". 

وفي ظل مطالبات أمريكية بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو، لا يزال ترمب يرى أن هذا الإجراء لا يكفي، لا سيما في ما يتعلق بدعم أوكرانيا عسكرياً. وأوضح أن واشنطن خصصت 300 مليار دولار لأوكرانيا، بينما قدمت أوروبا 100 مليار فقط، ما يعكس –وفق رأيه– تفاوتاً غير عادل في الأعباء.  

وبينما يقول تقرير شبكة NBC News، إن هذا التغيير العسكري قد يوفر 270 مليون دولار سنوياً، وهو ما يمثل 0.03% من ميزانية الدفاع الأمريكية السنوية البالغة 850 مليار دولار، يعتبر الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، الذي شغل منصب القائد الأعلى للناتو بين 2009 و2013، وهو المنصب الذي يدرس ترمب إلغاءه، أن التخلي عن هذا الدور سيكون "خطأً استراتيجياً فادحاً".

ويتابع ستافريدديس لـNBC News، أن ذلك سيُفسَّر في أوروبا على أنه إشارة على انسحاب أمريكي تدريجي من الحلف، معتبراً أن ذلك قد يؤدي إلى تراجع الدور الأمريكي في أوروبا.  

ويوافقه الرأي الجنرال المتقاعد بين هودجز، الذي كان يشغل نفس المنصب في السابق أيضاً، محذراً أن هذه التغييرات قد تقلل من نفوذ الولايات المتحدة في القارة، إذ قد تفقد واشنطن الوصول إلى قواعد بحرية وجوية رئيسية في ألمانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا، وتمنحها ميزة استراتيجية في العمليات العسكرية والتأثير في الحلفاء.  

وأضاف هودجز لـNBC News: "عندما تبدأ تقليص مقرات التخطيط والاستخبارات، فإن ذلك يضر بالمصالح الأمريكية.. السؤال هنا: هل هذا قرار استراتيجي مدروس أم مجرد محاولة لتخفيض التكاليف؟".  

أزمة سياسية

يشغل القائد الأعلى لقوات الحلف في أوروبا (SACEUR) -الذي يدرس ترمب إلغاءه- دوراً محورياً في توجيه الدعم العسكري لأوكرانيا في حربها مع روسيا.

ويسعى ترمب إلى إنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات، إذ يُجري اتصالات متكررة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في محاولة لدفع المفاوضات الدبلوماسية. وفي مكالمة هاتفية حديثة، اتفق ترامب وبوتين على ضرورة التوصل إلى حل دائم للنزاع، أعقبته تصريحات متباينة من موسكو وكييف حول شروط وقف إطلاق النار.

أثارت هذه المحادثات استغراب الأوساط الأوروبية، إذ بدا أن المساعي الدبلوماسية الأمريكية تُبدّد آمال أوكرانيا في استعادة أراضيها من روسيا.

ووفق صحيفة بوليتيكو الأمريكية، فقد أعرب مسؤولون حاليون وسابقون داخل الناتو عن قلقهم، وبخاصة مع تراجع تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول الأعضاء، إذ أدى الحذر المتزايد بين الشركاء إلى تهديد التعاون الأمني داخل الحلف، وفق قولهم. 

وفي هذا الصدد، أفاد تقرير لبوليتيكو بأن الولايات المتحدة "علّقت مؤقتاً تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، في محاولة للضغط على كييف للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع موسكو". وقالت جولي سميث، السفيرة الأمريكية السابقة لدى الناتو: "داخل أروقة الناتو مخاوف متزايدة حول مستقبل تبادل المعلومات الاستخباراتية، وقد رأيت قلقاً من بعض الدول الأعضاء بشأن استمرار التعاون مع واشنطن".

وقال مسؤول في الناتو للصحيفة إن الاجتماع الأخير بين ترمب وزيلينسكي أثار "عديداً من التساؤلات داخل الحلف"، لكنه أضاف أن جميع الفرق لا تزال تواصل مهامها رغم حالة عدم اليقين. وقال: "يوجد تآكل في الثقة بسبب تعامل واشنطن مع أوكرانيا، لكن لا يبدو أن لدى ترامب مشكلة جوهرية مع الناتو تتجاوز مسألة الإنفاق الدفاعي، وهو ما قد يكون مؤشراً إيجابياً نسبياً".  

كيف سيؤثر انسحاب ترمب من الناتو في أوروبا؟

أفاد موقع يوراكتيف الأوروبي أن الغموض الذي يكتنف الموقف الأمريكي من مستقبل الناتو يثير قلقاً واسعاً لدى الدول الأوروبية، ما يدفعها إلى إعادة النظر في سياساتها الدفاعية. وقد أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قلقه من الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة، مشيراً إلى ضرورة أن تكون أوروبا مستعدة لاحتمال ألا تقف واشنطن إلى جانبها.

وقد بدأت دول أوروبية بالفعل اتخاذ خطوات عملية، مثل زيادة الإنفاق الدفاعي وتحسين الجاهزية العسكرية، إضافة إلى تقديم دعم متزايد لأوكرانيا، كما تتصاعد النقاشات حول تطوير ردع نووي مستقل عن المظلة الأمريكية. 

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية، نقلاً عن مصادر رسمية، أن الاتحاد الأوروبي يخطط لبرنامج إعادة تسليح واسع النطاق قبل نهاية العقد الحالي. وأوضحت أن زعماء الاتحاد قرروا في قمتهم الربيعية تكثيف الجهود لتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية خلال السنوات الخمس المقبلة، مع تخصيص 800 مليار يورو لهذا الغرض خلال السنوات الأربع القادمة.  

كما أعلنت فرنسا وألمانيا عن خطط لتوسيع مشاريعهما الدفاعية المشتركة، مثل تطوير مقاتلات الجيل الجديد وتعزيز التعاون الاستخباراتي بعيداً عن الاعتماد على واشنطن.

وفي هذا الصدد أشار الزميل البارز في معهد "أمريكان إنتربرايز"، داليبور روهاك، لموقع فوكس الأمريكي، إلى أن الحكومات الأوروبية بدأت تتصرف وكأن الناتو غير موجود، وتعمل على تجهيز نفسها لمواجهة التحديات بمفردها. 

في السياق، أفادت مجلة فورتشن الأمريكية بأن كندا والبرتغال تدرسان بدائل لمقاتلة إف-35 الأمريكية، وذكرت صحيفة بوبليكو البرتغالية أن وزير الدفاع نونو ميلو أشار إلى ضرورة مراعاة البعد الجيو-استراتيجي عند اتخاذ قرارات الشراء، محذراً من أن الاعتماد على حليف "غير متوقع التصرفات" قد يشكل عائقاً.

ومع ذلك، كشف تقرير لمجلة الإيكونومست البريطانية عن حجم التحديات التي تواجه القارة الأوروبية في حال اضطرت للدفاع عن نفسها دون دعم الولايات المتحدة، مشيراً إلى الفجوات العسكرية والتقنية والصناعية التي تعاني منها مقارنة بالحليف الأمريكي أو الخصم الروسي.

وأوضح التقرير أن أوروبا في حاجة إلى رفع إنفاقها العسكري إلى أكثر من 4% من الناتج المحلي الإجمالي لتعويض غياب الدعم الأمريكي، وهو ما يتجاوز النسبة المطلوبة حالياً ضمن خطط الناتو، كما أشار التقرير إلى أن أوروبا تفتقر إلى الذخائر الذكية وتعتمد بشكل كامل على أمريكا في مجالات الحرب الإلكترونية والاستخبارات.

وحذر التقرير من أن فقدان المظلة النووية الأمريكية سيشكل تهديداً لأمن أوروبا، إذ تمتلك بريطانيا وفرنسا معاً نحو 400 رأس نووي، مقارنة بـ1700 رأس روسي. كما أن بريطانيا تعتمد على أمريكا في صواريخها ومكونات رؤوسها النووية، مما يزيد حجم التحدي حال تقليص الدور الأمريكي في الناتو.

مصدر:TRT Arabi
اكتشف
جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن التصدّي لأحد صاروخين أطلقا من لبنان ويقصف الجنوب بالمدفعية
"خلال توزيعه وجبات".. المطبخ العالمي يعلن استشهاد أحد متطوعيه بقصف إسرائيلي على غزة
إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال شرق نابلس وتعزيزات عسكرية تصل جنين
عشرات الشهداء والجرحى بغارات متواصلة على غزة والآلاف معرضون للجوع مع تناقص مخزون الغذاء
حماس: جاهزون للتفاوض رغم تنصل الاحتلال.. و"العليا الإسرائيلية" ترفض السماح بإدخال المساعدات لغزة
بصاروخين باليستيين.. "الحوثي" تعلن استهداف مطار بن غوريون وهدفاً عسكرياً وسط إسرائيل
بعد عقود من التبعية.. هل تنجح الدول الأوروبية في الاستقلال عسكرياً عن الولايات المتحدة؟
الدفاع التركية: تحييد 14 عنصراً من PKK الإرهابي شمالي العراق وسوريا خلال أسبوع
نتنياهو يوسع نفوذه على القضاء.. الكنيست يقر تعديلاً لقانون اختيار القضاة
"الدفاع" التركية: ندرس إنشاء قاعدة عسكرية في سوريا لتعزيز قدرات جيشها
ماكرون: تركيا تلعب دوراً محورياً بتأمين صادرات الحبوب عبر البحر الأسود
"حرب مباشرة".. دول تنتقد قرار ترمب فرض رسوم جمركية على واردات السيارات
ترمب يحمّل تسريب "سيغنال" لمستشاره والتس.. وقاضٍ له خلافات سابقة مع الرئيس سينظر في القضية
مسيرات روسية تقصف خاركيف.. وماكرون يهدد بالرد على أي هجوم روسي بعد نشر قوة أوروبية في أوكرانيا
جامعة ألاباما تعلن عن احتجاز سلطات الهجرة الأمريكية طالب دكتوراه إيرانياً
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us