طفل غزيّ، بملامح متعبة ووجه شاحب، ينحني فوق كومة نفايات عفنة، يبحث، بعينين مرهقتين، عن أي شيء قابل للاشتعال، قد يمنحه وعائلته فرصة لطهي بعض الطعام.
"الكنز" المنشود
الطفل الذي يعيش داخل خيمة لا تقيه حرارة الصيف ولا برد الشتاء، يرى في قطعة البلاستيك أو الخشب "كنزاً حقيقيّاً"، بعدما فقد كل مقومات الحياة بفعل الحرب المتواصلة.
ووفقًا لمعطيات صادرة عن البنك الدولي، فإن العدوان الإسرائيلي حوّل سكان قطاع غزة إلى فقراء بالكامل، ما يعني فقدانهم القدرة على تأمين الغذاء والمياه وأبسط ضروريات الحياة.
هذا المشهد القاسي لا يغيب عن شوارع القطاع، إذ ينتشر يومياً الأطفال والرجال بين أكوام القمامة، يفتشون وسط النفايات بأيديهم بحثًا عن لقمة تسد الجوع، بينما خطر الأمراض لا يبدو مقلقاً أمام تهديد الجوع المستمر والقصف المتواصل.
ومنذ الثاني من مارس/آذار الماضي، تواصل إسرائيل إغلاق المعابر أمام إدخال المساعدات الغذائية والطبية والاحتياجات الأساسية، ما فاقم من الأزمة الإنسانية، حسب تقارير صادرة عن جهات رسمية وحقوقية ودولية.
وقد نبّهت وكالة "أونروا" إلى أن القطاع يقترب من مرحلة "الجوع الشديد للغاية"، نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق.
ويأتي ذلك في ظل عدم تعافي السكان من موجة جوع سابقة، بعدما عمدت إسرائيل خلال عام ونصف من العدوان إلى تقليص المساعدات المرسلة إلى القطاع، ما حرم مئات آلاف العائلات حصصَها الغذائية المجانية.
مورد دخل محدود
وفي حديث للأناضول، قال أحد الشبان ممن يبحثون في النفايات: "أجمع الورق والكرتون والبلاستيك لتأمين دخل بسيط لعائلتي، وأستخدم جزء منه لطهي الطعام".
وبيّن أن ما يجمعه من هذا العمل يتراوح ما بين عشرة إلى عشرين شيكلاً يومياً (نحو 2.7 إلى 5.5 دولار).
وأضاف: "الحال واحد في غزة، حتى الأطفال باتوا يفتشون عن الكرتون والحطب والنايلون، بعدما أصبحت هذه المواد مصدر الوقود الوحيد في ظل انعدام غاز الطهي".
وأكد أن البحث في القمامة بات وسيلته الوحيدة لتأمين ما يسد رمق أطفاله.
وفي تصريحات أدلت بها خلال "منتدى أنطاليا الدبلوماسي"، قالت سيغريد كاغ، المنسقة الأممية الخاصة لعملية السلام ومنسقة الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، إن أكثر من ستين ألف طفل دون سن الخامسة في القطاع يعانون سوء التغذية.
ويُذكر أنه في الثامن عشر من مارس/آذار الماضي، تنصّلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الموقّع في التاسع عشر من يناير/كانون الثاني 2025، واستأنفت عملياتها العسكرية رغم التزام حركة حماس ببنود الاتفاق.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواصل إسرائيل، بدعم أمريكي، ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، أسفرت عن سقوط نحو 168 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود.