عاصفة العرائض.. تمرد عسكري ومدني يُربك حرب نتنياهو على غزة
الحرب على غزة
5 دقيقة قراءة
عاصفة العرائض.. تمرد عسكري ومدني يُربك حرب نتنياهو على غزةتشهد إسرائيل تصاعداً غير مسبوق في توقيع عرائض تطالب بوقف الحرب على غزة وإعادة المحتجزين، شارك فيها أكثر من 128 ألف شخص، بينهم آلاف الجنود والضباط السابقين، ما يعكس اتساع المعارضة لسياسات نتنياهو داخلياً.
تحوّلت الحرب التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة من حملة مدعومة سياسيًا وشعبيًا في بدايتها، إلى موضوع جدلي في قلب النقاش الإسرائيلي الداخلي. / AA

بدأت موجة التوقيعات في التاسع من أبريل/نيسان الماضي، عندما أطلق مئات من طياري سلاح الجو الإسرائيلي -بينهم جنود في الخدمة والاحتياط ومتقاعدون- عريضة دعوا فيها إلى وقف الحرب وإعادة المحتجزين. وسرعان ما تحولت هذه المبادرة إلى حركة متصاعدة شملت مختلف فئات المجتمع.

وحسب موقع "Restart Israel"، الذي يرصد هذه البيانات وينشر العرائض، فقد تجاوز عدد الموقعين حتى الآن 128 ألفاً، ضمن ما لا يقل عن 47 عريضة متفرقة. وتنوعت الجهات الموقّعة لتشمل وحدات من الجيش النظامي، وأجهزة الأمن، والمؤسسات المدنية، إضافةً إلى عائلات جنود ومواطنين من قطاعات التعليم والطب والإعلام والثقافة.

ويشير الموقع إلى أن أكثر من 11000 موقّع هم من جنود الاحتياط والمتقاعدين من الجيش الإسرائيلي، ما يعكس حجم التململ داخل المنظومة العسكرية.

وشملت قائمة الموقعين عدداً من كبار المسؤولين العسكريين السابقين، بينهم: رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، ورئيس الأركان الأسبق دان حالوتس، وأربعة قادة سابقين لسلاح البحرية هم: عامي أيالون، ويديديا ياري، وأليكس تال، ودودو بن بسطات. بالإضافة إلى ثلاثة قادة سابقين لوحدة "شاييتت 13"، وقائدين سابقين لسلاح المدفعية هما: أبراهام بار دافيد ودورون كادميئيل، والقائد الأسبق للمنطقة الجنوبية عِمْرام متسناع، وللمنطقة الوسطى آفي مزراحي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق عاموس مالكا.

كما شملت القائمة قائد سلاح المدرعات الأسبق آمنون ريشيف، والقائد الأسبق للقوات البرية موشيه سوكيك، والرئيس الأسبق لقسم التخطيط في الجيش نِمرود شيفير، والقائد الأسبق للمنطقة الوسطى إيلان بيران.

هذا الزخم المتصاعد في توقيع العرائض يشكّل تحدياً داخلياً متزايداً لحكومة نتنياهو، ويعكس تآكلاً في الإجماع العسكري والمدني حول استمرار الحرب، بل تحولاً نوعياً في الخطاب الإسرائيلي الداخلي تجاهها.

حرب نتنياهو

تحوّلت الحرب التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة من حملة مدعومة سياسياً وشعبياً في بدايتها، إلى موضوع جدلي في قلب النقاش الإسرائيلي الداخلي، بعدما تصاعدت أعداد العرائض الموقَّعة ضدها من شخصيات بارزة وفئات مختلفة من المجتمع الإسرائيلي.

فبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تمكَّن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من تشكيل "حكومة طوارئ" ضمّت شخصيات من المعارضة، وحظي قراره شنّ الحرب بدعمٍ شعبي واسع، عبّرت عنه نتائج استطلاع للرأي نشرته صحيفة معاريف العبرية في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ أيَّد 65% من الإسرائيليين تنفيذ عملية برية واسعة في غزة.

لكن هذا الزخم بدأ يتآكل مع مرور الوقت، خصوصاً مع تراجع الروح القتالية، وهو ما ظهر في نسب الحضور المتدنية لخدمة الاحتياط في جيش الاحتلال.

وكشفت القناة 12 العبرية عن أن المعطيات التي رُصدت لأول مرة في الجيش "مقلقة"، مشيرةً إلى انخفاض بأكثر من 40% في نسبة الحضور إلى الاحتياط منذ بداية الحرب حتى فبراير/شباط 2024.

وقال الضابط في قوات الاحتياط عوز عاموس: "في بداية القتال كانت نسب الحضور تتجاوز 100 بل حتى 300 بالمئة، أما اليوم فنحن في نطاق 50 إلى 70 بالمئة في أفضل الأحوال".

هذا التراجع ترافق مع حملة رسائل وعرائض من جنود وضباط سابقين وحاليين، ما شكّل ضغطاً متصاعداً داخل المؤسسة العسكرية، ودفع قائد سلاح الجو، تومر بار، إلى التحذير علناً من خطورة هذا التآكل.

ففي بيان له بتاريخ 13 أبريل/نيسان 2025، صرّح بار: "دخلنا الحرب في وقت يسوده الانقسام الاجتماعي والاحتجاجات العامة. ومنذ البداية، سعينا جاهدين للحفاظ على جاهزية السلاح وتماسكه".
وأضاف: "الرسائل المنشورة تعكس انعدام الثقة وتُضعف التماسك الداخلي. لا مكان لها في وقت يخاطر فيه الجنود وقادتهم بأرواحهم".

أما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المستهدف الأساسي من هذه الرسائل، فقد ردّ بعنف في بيان صدر يوم 11 أبريل/نيسان، قال فيه: "هذه الرسائل لم تُكتب باسم جنودنا الشجعان، بل من حفنة من الأعشاب الضارة، تُموَّل من جمعيات أجنبية هدفها إسقاط حكومة اليمين. هم مجموعة ضئيلة من المتقاعدين، صاخبة، فوضوية ومنفصلة عن الواقع، ومعظمهم لم يخدم منذ سنوات".

وأضاف: "هؤلاء الأعشاب الضارة يسعون لإضعاف إسرائيل والجيش، ويرسلون رسائل ضعف إلى أعدائنا. لن نسمح لهم بذلك. المواطنون تعلموا الدرس: العصيان هو عصيان، مهما أُعطي من أسماء. كل من يحرّض عليه سيُطرد فوراً".

وهكذا، وبين عرائض الضباط، وتراجع الدافعية القتالية، وردود أفعال القيادة السياسية والعسكرية، تتكشف ملامح أزمة داخلية عميقة في إسرائيل، تطول جوهر شرعية الحرب وقيادتها.

جاهزية الجيش

في مقال له نُشر على موقع Israel Defense، أشار الكاتب الإسرائيلي دان أركين إلى أن "القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي تخشى من تسرّب هذه الظاهرة إلى صفوف الجنود النظاميين والدائمين، لكن بينما يمكن التعامل مع الأفراد من خلال إجراءات تأديبية، لا يمكن اتباع نفس النهج مع وحدات كاملة".

وشكَّلت عريضة الطيارين، وما تبعتها من رسائل احتجاج، التحدي الأول لرئيس أركان جيش الاحتلال الجديد إيال زامير، الذي حاول بدوره ثني الطيارين عن نشرها.

ووفق ما أورده الصحفي الإسرائيلي ناحوم برنيع في صحيفة يديعوت أحرونوت، عُقد لقاء في مكتب نائب رئيس الأركان جمع كلاً من إيال زامير، وقائد سلاح الجو الحالي تومر بار، وقائدي السلاح السابقين عيدو نحوشْتان وإليعزر شكدي، إلى جانب غاي فورين وكوبي ريختر، وهما من المبادرين إلى رسالة الطيارين، إضافةً إلى رئيس الأركان الأسبق دان حالوتس، الذي حضر بدعوة من الطرفين.

خلال الاجتماع، حاول زامير ثني الطيارين عن المضي في نشر رسالتهم الاحتجاجية، ودعاهم إلى الاكتفاء بالتعبير عن موقفهم بصفة شخصية كمواطنين، بعيداً عن صفاتهم العسكرية ورتبهم التي حملوها في توقيعهم على رسالة عُدَّت شديدة الانتقاد للحرب، ولأسبابها ودوافعها.

وأكد زامير أن العملية العسكرية في غزة لا تُعرّض حياة المحتجزين للخطر، مشيراً إلى أن كل تحرك يجري بمصادقة اللواء نيتسان ألون، قائد الوحدة التي أنشأها الجيش خصيصاً لمعالجة ملف المحتجزين. لكن جهوده باءت بالفشل، وخرجت الرسالة إلى العلن.

وأشار الصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان إلى أن قرار إقصاء الموقّعين من خدمة الاحتياط أدى إلى نتائج عكسية، إذ تسبب في تصاعد الاحتجاجات وازدياد الرسائل المشابهة، الأمر الذي قد يتحول إلى موجة واسعة من الاعتراض داخل الجيش.
وحذّر من أن "استبعاد جميع الموقّعين قد يُلحق ضرراً بالغاً بالجاهزية العملياتية للجيش الإسرائيلي، ما قد يضع زامير نفسه في مأزق أكثر خطورة".

وتقدِّر تل أبيب وجود 59 محتجزاً إسرائيلياً في قطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، فيما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، ما أدى إلى وفاة عديد منهم، حسب تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.

وفي 18 مارس/آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، الساري منذ 19 يناير/كانون الثاني 2025، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وأغلقت معابره، ومنعت دخول المساعدات، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.

وبدعمٍ أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 167 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، إضافةً إلى أكثر من 11 ألف مفقود.

مصدر:TRT Arabi
اكتشف
جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن التصدّي لأحد صاروخين أطلقا من لبنان ويقصف الجنوب بالمدفعية
"خلال توزيعه وجبات".. المطبخ العالمي يعلن استشهاد أحد متطوعيه بقصف إسرائيلي على غزة
إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال شرق نابلس وتعزيزات عسكرية تصل جنين
عشرات الشهداء والجرحى بغارات متواصلة على غزة والآلاف معرضون للجوع مع تناقص مخزون الغذاء
حماس: جاهزون للتفاوض رغم تنصل الاحتلال.. و"العليا الإسرائيلية" ترفض السماح بإدخال المساعدات لغزة
بصاروخين باليستيين.. "الحوثي" تعلن استهداف مطار بن غوريون وهدفاً عسكرياً وسط إسرائيل
بعد عقود من التبعية.. هل تنجح الدول الأوروبية في الاستقلال عسكرياً عن الولايات المتحدة؟
الدفاع التركية: تحييد 14 عنصراً من PKK الإرهابي شمالي العراق وسوريا خلال أسبوع
نتنياهو يوسع نفوذه على القضاء.. الكنيست يقر تعديلاً لقانون اختيار القضاة
"الدفاع" التركية: ندرس إنشاء قاعدة عسكرية في سوريا لتعزيز قدرات جيشها
ماكرون: تركيا تلعب دوراً محورياً بتأمين صادرات الحبوب عبر البحر الأسود
"حرب مباشرة".. دول تنتقد قرار ترمب فرض رسوم جمركية على واردات السيارات
ترمب يحمّل تسريب "سيغنال" لمستشاره والتس.. وقاضٍ له خلافات سابقة مع الرئيس سينظر في القضية
مسيرات روسية تقصف خاركيف.. وماكرون يهدد بالرد على أي هجوم روسي بعد نشر قوة أوروبية في أوكرانيا
جامعة ألاباما تعلن عن احتجاز سلطات الهجرة الأمريكية طالب دكتوراه إيرانياً
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us