وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر منصة إكس: "في مواجهة الضرورة الملحة للغاية، نفَّذنا للتوِّ عملية إسقاط جوي للمساعدات الغذائية في غزة. نشكر شركاءنا الأردنيين والإماراتيين والألمان على دعمهم، وأفراد جيشنا على التزامهم".
وتابع: "عمليات الإسقاط الجوي ليست كافية. يجب على إسرائيل أن تفتح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل للتصدي لتهديد المجاعة".
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لشبكة فرنس إنفو، إنّ “باريس سترسل 4 رحلات جوية محمَّلة بعشرة الأطنان من المساعدات الإنسانية إلى غزة من الأردن”.
وحذر مرصد عالمي للجوع يوم الثلاثاء الماضي، من أن سيناريو المجاعة يتكشف في قطاع غزة، مع زيادة حادة في سوء التغذية ووفاة أطفال دون سن الخامسة لأسباب تتعلق بالجوع والقيود شديدة الصرامة على دخول المساعدات الإنسانية.
وقال مكتب ماكرون إنّ “فرنسا شاركت ست مرات في الجسر الجوي الإنساني الأوروبي الذي أقامه الاتحاد الأوروبي في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى الأردن ومصر؛ لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
ووفق مكتب ماكرون، ساعد الجسر الجوي الأوروبي على تنظيم أكثر من 60 رحلة جوية حملت ما يزيد على 3350 طناً من الإمدادات الإنسانية، ودخلت معظم شحنات المساعدات عبر مصر والأردن.
وذكر مكتب الرئيس الفرنسي أن جزءاً من هذه المساعدات لم يدخل غزة حتى الآن، بسبب رفض السلطات الإسرائيلية.
مساعدات ألمانية
من جانبها، قالت وزارة الدفاع الألمانية اليوم الجمعة، إنّ “الجيش بدأ في إسقاط إمدادات إغاثة فوق قطاع غزة، بدايةً عبر رحلتين جويتين لسلاح الجو تحملان نحو 14 طناً من الإمدادات”.
وأفاد وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، بأنه "لا يمكن للرحلات الجوية أن تقدم سوى مساهمة صغيرة جداً، في تزويد المتضررين على الأرض بالضروريات الأساسية"، متوقعاً أن تضمن إسرائيل دخول “إمدادات إنسانية شاملة" لسكان القطاع.
وأشارت وزارة الخارجية الألمانية إلى أن برلين تعهدت أيضاً بتقديم دعم إضافي بقيمة خمسة ملايين يورو (5.70 مليون دولار)، لبرنامج الأغذية العالمي في غزة.
"الطريق البري أفضل وأسرع"
في المقابل، شدد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، اليوم الجمعة، على أنّ عمليات إسقاط المساعدات جواً لغزة "غير كافية"، وتكلِّف ما لا يقل عن 100 ضعف مقارنةً بالشحن البري.
وفي منشور عبر منصة إكس، أوضح لازاريني أنّ "عمليات الإسقاط الجوي أعلى تكلفة بما لا يقل عن 100 مرة من إرسال المساعدات عبر الشاحنات، التي تحمل ضعف كمية الإمدادات التي تنقلها الطائرات".
وأضاف: "إذا توفرت الإرادة السياسية للسماح بإسقاط المساعدات جواً، رغم تكلفتها الباهظة وعدم كفايتها وفاعليتها، فيجب أن تتوفر الإرادة ذاتها لفتح المعابر البرية".
وأكد المسؤول الأممي أن "الطريقة الوحيدة لمواجهة المجاعة في غزة هي إغراق القطاع بالمساعدات"، مشيراً إلى أن أونروا تملك نحو 6 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات تقف خارج القطاع بانتظار السماح لها بالدخول.
وذكر لازاريني أنه خلال الهدنة السابقة (19 يناير/كانون الثاني الماضي، استمرت نحو 3 أشهر)، تمكنت الأمم المتحدة، بما في ذلك أونروا وشركاؤها، من إدخال ما بين 500 و600 شاحنة يومياً، وصلت إلى جميع المواطنين في غزة بـ"أمان وكرامة"، وأسهمت في كبح تفاقم الجوع دون تسجيل أي حالات سرقة أو تحويل للمساعدات.
وشدد لازاريني على أن "التنسيق الذي تقوده الأمم المتحدة، وتكون فيه أونروا العمود الفقري، لا بديل له، ولم تحقق أي آلية أخرى نتائج مماثلة".
وقال: "دَعُونا نَعُدْ إلى ما نجح، دَعُونا نَقُمْ بعملنا، هذا ما يحتاج إليه المواطن في غزة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى جانب وقف إطلاق نار دائم".
كان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن يوم السبت الماضي، "سماحه" بإسقاط كميات محدودة من المساعدات على غزة.
وتتزامن تلك الخطوة الإسرائيلية مع تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية نتيجة استفحال المجاعة في القطاع، وتحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، تُغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعةً عبور أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة، رغم تكدس شاحنات المساعدات على حدوده.
وحسب أحدث معطيات وزارة الصحة في غزة، فقد بلغ عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية حتى الأربعاء نحو 154 فلسطينياً، بينهم 89 طفلاً، منذ بدء الحرب.
وبعيداً عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/أيار الماضي، تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما تعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيلياً وأمريكياً، لكنها مرفوضة أممياً.
ويؤكد الفلسطينيون أن آلية توزيع المساعدات عبر "مؤسسة غزة الإنسانية" تهدف إلى تجميعهم وإجبارهم على التهجير من أراضيهم، تمهيداً لإعادة احتلال غزة.
ومنذ بدء هذه الآلية حتى الجمعة، وصل إلى مستشفيات غزة ألف و383 شهيداً فلسطينياً وأكثر من 9 آلاف جريح، جراء إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على منتظري المساعدات، حسب وزارة الصحة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل، بدعمٍ أمريكي، إبادة جماعية في غزة تشمل قتلاً وتجويعاً وتدميراً وتهجيراً، متجاهلةً النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلَّفت الإبادة نحو 208 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافةً إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.