ووصل الفتية إلى مستشفى ناصر في مدينة خان يونس (جنوب) عبر طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وبدت على غالبيتهم آثار واضحة للتعذيب والإرهاق الشديد.
ووفق شهادات أدلى بها مفرج عنهم، فإنهم كان قد جرى اعتقالهم من منطقة تصنَّف ممراً آمناً مخصصاً لتوزيع المساعدات الإنسانية، قبل أن يتعرضوا للضرب المبرح والتعذيب اليومي على مدار نحو شهر، داخل سجن "سدي تيمان" سيئ السمعة الذي احتُجزوا فيه.
وقال الفتى كرم حمدي حسين للأناضول: "كانوا يضربوننا على مدار الوقت، ويقدمون لنا طعاماً فاسداً. كنا نأكل وأيدينا مقيدة"، وأضاف: "اعتقلونا من منطقة الشاكوش التي يُفترض أنها آمنة لتسلُّم المساعدات، لكنها كانت مصيدة"، وأشار إلى أن آثار التعذيب لا تزال باديةً على أجساد الأسرى، الذين يصرخون من الألم، مؤكداً أن "شهراً كاملاً قضيناه تحت الضرب والإهانة بشكل يومي".
وفي 1 يونيو/حزيران الماضي، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، إن توزيع المساعدات في غزة أصبح "مصيدة للموت"، وشدد على ضرورة أن ترفع إسرائيل "الحصار وأن تسمح بدخول المساعدات وتوزيعها بأمان ودون عوائق تحت إشراف الأمم المتحدة".
وفي شهادة أخرى، بدا الفتى عمر غير قادر على الحديث من شدة التعب والإجهاد، فيما أفاد مراسل الأناضول بأن حالة هؤلاء الفتية كانت صعبة للغاية، وقد احتضنتهم عائلاتهم وسط أجواء مؤلمة، في ظل تدهور حالتهم الصحية.
يأتي الإفراج عن هؤلاء الفتية، في وقت تتصاعد فيه الانتهاكات الإسرائيلية بحق المجوَّعين وطالبي المساعدات في قطاع غزة، إذ سبق أن استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة نقاط توزيع الإغاثة، ما تسبب في مجازر دامية.
ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، فإن عدد الشهداء عند نقاط توزيع المساعدات تجاوز 1083 شهيداً، وأُصيب أكثر من 7 آلاف و275 آخرين، معظمهم خلال محاولات الحصول على الغذاء في ظل المجاعة المفروضة على القطاع.
وبين الفينة والأخرى، تفرج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين اعتقلتهم خلال حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة منذ أكثر من 21 شهراً.
وفي بيانات سابقة، قال نادي الأسير الفلسطيني إن إسرائيل اعتقلت آلاف المواطنين من قطاع غزة وسط تكتم شديد وإخفاء قسري، وأضاف أن المعتقلين يتعرضون لظروف "احتجاز قاسية ومرعبة تهدف إلى إيقاع أكبر ضرر ممكن بحقهم".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل -بدعم أمريكي- إبادة جماعية في غزة تشمل قتلاً وتجويعاً وتدميراً وتهجيراً، متجاهلةً النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلَّفت الإبادة أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافةً إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلاً عن دمار واسع.