وتشارك في هذه العمليات فرق سورية بدعم بري وجوي من تركيا والأردن ولبنان، في محاولة لاحتواء النيران المتصاعدة، التي تهدد بالوصول إلى محمية الفرنلق الطبيعية، أحد أهمّ الموارد البيئية في البلاد.

وأعربت السلطات السورية عن قلقها الشديد من تمدد الحرائق باتجاه المحمية، مشيرة إلى أن الحقول المزروعة بالألغام، الموروثة من فترات سابقة، تعوق وصول فرق الإطفاء إلى بعض البؤر، وتعرّض سلامة أفرادها للخطر، بحسب الدفاع المدني السوري.

ورغم إعلان الدفاع المدني الأربعاء إخماد أكثر من 90 بالمئة من الحرائق في مناطق الريحانية بجبل التركمان وكنسبا وقنجرة والدغمشلية، فإن اشتداد الرياح وارتفاع درجات الحرارة تسببا في إعادة اشتعال بعض البؤر، وتوسيع نطاق الحريق مجدداً.

جهود مشتركة متعددة الأطراف

وفي منشور عبر منصة إكس قالت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية: "تتواصل جهود إخماد حرائق الغابات، وحماية محمية الفرنلق في ريف اللاذقية الشمالي لليوم الخامس، عبر عمليات ميدانية مكثفة برية وجوية، بمشاركة فرق إطفاء سورية وتركية وأردنية".

وأضافت أن الوزير رائد الصالح أجرى جولة ميدانية الاثنين شملت منطقتَي قسطل معاف وزنزف، للاطلاع على سير العمل في مواقع الحريق، مشيرة إلى أن "الليلة الماضية شهدت جهوداً مضنية لمواجهة الحرائق، بخاصة في جبل التركمان وغابات الفرنلق".

تحديات السيطرة

من جانبه وصف الدفاع المدني السوري الوضع بأنه "سباق مع الزمن" في مناطق جبل التركمان، حيث تعيد الرياح العاتية إشعال بؤر الحريق، ما يعقّد مهام السيطرة ويضاعف المخاطر. وأشار الدفاع المدني إلى تجدد الحرائق مساء الاثنين في منطقتي كارن كول والبركة، مع صعوبات كبيرة في الوصول، لغياب الطرق وخطوط النار اللازمة.

الدفاع عن "الفرنلق"

ونشر الدفاع المدني مشاهد توثق اقتراب النيران من محمية غابات الفرنلق، محذراً من خسارة "إرث طبيعي لا يمكن تعويضه". كما وثّق مشاركة الطائرات المروحية التركية في إخماد الحرائق في محيط قرية بركة، إلى جانب فرق الإطفاء الأردنية بآليات متخصصة وطائرات إسناد جوي.

وأشار إلى أن وجود حقول ألغام غير مفعَّلة في بعض المناطق يشكّل خطراً كبيراً على فرق الإطفاء، ويعوق وصولها إلى مواقع حرجة.

أرقام رسمية وتحديات ميدانية

ووفق تصريحات نقلتها وكالة "سانا" السورية، قال وزير الطوارئ رائد الصالح إن فرق الإطفاء السورية تعاملت مع أكثر من 4 آلاف حريق خلال الأشهر الثلاثة الماضية، منها 441 في محافظة اللاذقية وحدها، التي تطلبت 1400 ساعة عمل من أصل 3744 ساعة على مستوى البلاد.

وأكد الصالح استمرار العمليات بمشاركة فرق تركية وأردنية، وبدعم جوي من سوريا ولبنان، في مواجهة ما وصفه بـ"الحرائق الشديدة المعقَّدة بفعل الطبيعة الجبلية والمساحات الحراجية الواسعة".

المتضررون والدعم الإنساني

من جانبها أعلنت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات، تشكيل غرفة طوارئ لمتابعة أوضاع المتضررين والنازحين، وتقديم الدعم العاجل. كما أصدر الجيش اللبناني بياناً أكد فيه إرسال طائرتين من مطار القليعات صباح الاثنين، للمشاركة في عمليات الإخماد، بالتنسيق مع السلطات السورية.

في السياق نفسه أعلنت الوزارة السورية للطوارئ إنشاء "غرفة عمليات ميدانية مشتركة" بالتعاون مع منظمات سورية محلية، لتقديم الدعم اللوجستي والإغاثي في المناطق المتضررة.

خسائر ميدانية وحرائق متجددة

كان وزير الطوارئ السوري أشار الأحد إلى إصابة 8 من طواقم الدفاع المدني، وتَضرُّر أكثر من 10 آلاف هكتار من الأراضي نتيجة الحرائق. وأفاد مدير الدفاع المدني في الساحل عبد الكافي كيال باندلاع بؤر نيران جديدة، ما يستدعي استمرار جهود السيطرة ومنع تمدُّدها.

وتشهد مناطق ريف اللاذقية حرائق متكررة مع بداية فصل الصيف، نتيجة مزيج من العوامل المناخية والطبيعية، أبرزها الحرارة المرتفعة وكثافة الأشجار وسرعة الرياح، ما يجعل إخماد النيران مهمة بالغة الصعوبة.