سياسة
6 دقيقة قراءة
أزمة سدّ النهضة.. تلويحٌ بالحرب واحتمالات وساطة
بعد ما رشح من مباحثات سوتشي، الخميس، عن إعادة مسار المفاوضات بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة، تبقى عدد من التساؤلات مطروحة سواء حول جدية لجوء أيّ من الجانبين إلى خيار الحرب، أو فيما يمكن أن تقدمه عروض الوساطة سواء من الجانب الروسي أو الأمريكي.
أزمة سدّ النهضة.. تلويحٌ بالحرب واحتمالات وساطة
ترفض إثيوبيا رغبة مصرية تتمثّل في أن يكون تدفق المياه الذي يصلها لا يقل عن 40 مليار متر مكعب سنوياً / AP
24 أكتوبر 2019

تعيش أزمة سدّ النهضة عامها الثامن، ولا يبدو أنها تقترب من مساومة ما؛ ففي الوقت الذي بدت فيه بوادر انفراج منتصف 2018 بعد لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والدخول في سلسلة لقاءات للتفاوض، توقفت المحادثات بداية الشهر الجاري، حينما أعلن الجانب المصري وصولها إلى "طريق مسدود".

خلال أيام قليلة، تطوّرت الأزمة وهدأت قليلاً بعد أن أكد السيسي اتفاقه مع آبي أحمد على إعادة محاولة تسوية الملف على هامش القمة الروسية الإفريقية في مدينة سوتشي الروسية، لتعود للأشتعال مرّة أخرى بعد تلويح الجانب الإثيوبي بالحرب وقول آبي أحمد إن بلاده مستعدة "لحشد مليون شخص"، وإنه "لا يمكن لأي قوة أن تمنع إثيوبيا من بناء السد".

وبعد ما رشح من مباحثات سوتشي، الخميس، عن إعادة مسار المفاوضات، تبقى عدد من التساؤلات مطروحة سواء حول جدية لجوء أيّ من الجانبين إلى خيار الحرب، أو فيما يمكن أن تقدمه عروض الوساطة سواء من الجانب الروسي أو الأمريكي.

لماذا توقّفت المفاوضات؟

في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت أديس أبابا أنها رفضت دراسة أرسلتها مصر، اقترحت فيها أن تتم عملية ملء خزان السد المرتقبة منتصف السنة القادمة بالتدريج، على مدار لا يقلّ عن سبع سنوات، بالإضافة إلى عدد من التفاصيل التقنية المتعلقة بتوليد الطاقة.

كما أن الخلاف الحالي يعود أيضاً إلى رفض إثيوبيا رغبة مصرية تتمثّل في أن يكون تدفق المياه الذي يصلها لا يقل عن 40 مليار متر مكعب سنوياً، فيما يمتنع الجانب الإثيوبي عن ذكر حجم التدفق الذي تخطط له.

بعد شدّ وجذب، أعلنت القاهرة في 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أن المفاوضات "وصلت إلى طريق مسدودة نتيجة تشدّد الجانب الإثيوبي، ورفضه كافة الطروحات التي تراعي مصالح مصر المائية".

أمرٌ أدى إلى اتهامات واتهامات مضادة. في هذا الصدد، قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن "إثيوبيا اتهمت مصر بأنها تريد إفشال مشروعها [السد]، وعرقلة تطور البلاد، في حين يقول المسؤولون المصريون إن خطط أديس أبابا ستعطي إثيوبيا سيطرة كاملة على تدفق نهر النيل".

ما مدى جدّية التلويح بالحرب؟

في خضم الأزمة، خرج رئيس الوزراء الإثيوبي مُلوحاً بخيار الحرب قائلاً "إذا كنا سنحارب، فإننا نستطيع نشر ملايين كثيرة"، مشدداً على أن "لا قوة ستمنع إثيوبيا من بناء السد".

في هذا الصدد، قال محمد مصطفى جامع، الباحث في الشؤون الإفريقية، إنه يجب فهم تصريح آبي في سياقه، إذ إنه جاء "رداً على سؤال من أعضاء البرلمان بشأن التهديدات التي تبثها وسائل الإعلام المصرية عن إمكانية ضرب السد، إذا ما فشلت المفاوضات نهائياً".

ولا يبدو أن الجانبين يأخذان خيار الحرب جدياً؛ فالرد المصري على تصريح آبي كان هادئاً، وجاء فيه أن مصر تستغرب من التصريح "باعتبار أنه لم يكن من الملائم الخوض في أطروحات تنطوي على تناول لخيارات عسكرية".

في السياق ذاته، نقلت صحيفة العربي الجديد عن مصادر دبلوماسية مصرية، لم تسمها، ترجيحها "أن تكون الإشارة للاستعداد للحرب وسيلة لرفع سقف المطالب خلال التفاوض، أو لانتزاع تأكيد مصري صريح أمام القوى الدولية بعدم اللجوء للقوة".

أمرٌ تأكّد بعد قول آبي أحمد، الخميس، إن تصريحاته الأخيرة اجتُزئت من سياقها، مؤكداً التزام بلاده بمسار المفاوضات.

فيما تم الكشف عن التوافق خلال لقاء السيسي وآبي أحمد، في سوتشي، على الاستئناف الفوري لأعمال اللجنة البحثية التقنية المستقلة "على نحو أكثر انفتاحاً وإيجابية، بهدف الوصول إلى تصور نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل السد".

في الحقيقة ليس هناك ما يدعو إلى التوقع بأن هناك جديداً سوف يطرأ، لأن الحكومة الإثيوبية ترفض تدخل أطراف أخرى، باعتبار أن النزاع حول سد النهضة، نزاعٌ تقني لا سياسي

- مصطفى السيد - أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة

بين موسكو وواشنطن.. ما احتمالات الوساطة؟

الإعلان عن عودة مسار المفاوضات بين اللجان التقنية، من روسيا، جاء بعد أن أعلنت روسيا الأربعاء، استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لإجراء وساطة بين مصر وإثيوبيا، على الرغم من أنه من غير الواضح الدور الذي لعبته موسكو في الأمر.

أمرٌ يأتي أيضاً بعد ساعات من موافقة مصر على دعوة للولايات المتحدة للاجتماع، بعد حضها على وساطة دولية لكسر الجمود في المحادثات، لكن إثيوبيا ترفض حتى الآن الدعوة، كما ترفض أيّة محاولة لوساطة دولية كما ترغب مصر، وتُفضل أن يتم حسم المسألة بين الدول المعنية: مصر والسودان وإثيوبيا، كما أن إثيوبيا ترى في أي إمكانية للوساطة تسييساً للأزمة التي تتمسّك بأنها تقنية بالأساس.

"مصر ترغب بالتأكيد في تناول الأمر على مستوى رؤساء الحكومات والدول، وهو ما يعني على أعلى مستوى. لكنني أعتقد أن الطرف الإثيوبي، في هذه الحالة رئيس الوزراء آبي أحمد، لن يتخذ هذا الخيار لأن نصيحة إثيوبيا في هذه العملية هي أنه من الأفضل بكثير إتمام الإمكانيات التقنية لملء وتشغيل العملية بدلاً من أخذها إلى المستوى السياسي، هذا ما سيقترحه رئيس الوزراء آبي أحمد على السيسي". حسب تعبير يعقوب أرسانو، أستاذ السياسات المائية في جامعة أديس أبابا.

ولا يتوقع أرسانو حدوث انفراج في المحادثات بين البلدين، قائلاً: "أتصور أن السبيل الوحيد للعملية هو أن نفهم الوسائل والجدول الزمني، وكمية المياه المراد ضخها في السد الجاري استكماله الآن في إثيوبيا. إنها مسألة تقنية".

من جهته، يرى مصطفى السيد، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة أن الخيارات أصبحت محدودة أمام مصر لا سيما مع بناء جزء كبير من السد.

وقال "في الحقيقة ليس هناك ما يدعو إلى التوقع بأن هناك جديداً سوف يطرأ، لأن الحكومة الإثيوبية ترفض تدخل أطراف أخرى، باعتبار أن النزاع حول سد النهضة، نزاعٌ تقني لا سياسي".

مصدر:TRT عربي - وكالات
اكتشف
غروسي: تعاون إيران مع الطاقة الذرية التزام قانوني وليس خياراً
الاحتلال يواصل مجازره بحق مجوّعي غزة.. ولازاريني: الأونروا تواجه أزمة وجود
إيران تعتقل 26 شخصاً في خوزستان بتهمة التعاون مع إسرائيل
زعيم إسرائيلي معارض يعلق على قتل المستوطنين ثلاثةَ فلسطينيين بالضفة: مجزرة يهودية عنيفة
مستوطنون يقتلون 3 فلسطينيين ويصيبون 16 واستشهاد طفل في جنين وسط استمرار عمليات الهدم في طولكرم
"القسام" تنشر مشاهد لكمين خان يونس.. والاحتلال يعترف بمقتل 7 جنود وتحقيقاته تكشف عن "خلل خطير"
الحرب في الشرق الأوسط تدفع بكين لإعادة إحياء مشروع "قوة سيبيريا 2" لنقل الغاز الروسي
قمة الناتو.. أردوغان يؤكد في لقائه بزعماء: أولويتنا التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة
عشرات الشهداء بمجازر إسرائيلية جديدة.. و”حكومة غزة”: الاحتلال يقنص المدنيين عند نقاط المساعدات
ترمب يدعي أن اتفاقاً بشأن غزة "بات وشيكاً جداً".. وحماس: الاتصالات بين الوسطاء تكثفت والاحتلال يتلكأ
زهران ممداني.. مسلم اشتراكي ومؤيد لفلسطين يقترب من منصب عمدة نيويورك
كتائب القسام وسرايا القدس تدمران آليات إسرائيلية بخان يونس.. وجيش الاحتلال يقر بمقتل 7 جنود
بعد تقرير الاستخبارات.. ترمب: برنامج إيران النووي عاد عقوداً إلى الوراء بعد تدميره بالكامل
وزيرا دفاع تركيا وهولندا يوقّعان إعلان نيات خلال قمة الناتو في لاهاي
الاحتلال يواصل عمليات الدهم والاعتقال في الضفة الغربية ويهدم 623 منزلاً بالقدس منذ 7 أكتوبر
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us