وقالت إن عديداً من الأطفال يُولدون بأحجام صغيرة وفي مراحل مبكرة من الحمل، في ظل استمرار حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل وسياسة التجويع الممنهجة المفروضة على سكان القطاع.

سليمي، التي وصلت إلى غزة قبل ثلاثة أسابيع ضمن بعثة طبية تابعة لمنظمة بيت المال الأمريكية غير الحكومية، تعمل إلى جانب الطواقم الطبية المحلية في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوبي القطاع.

ومنذ 2 مارس/آذار، تُواصل إسرائيل سياسة الحصار الشامل عبر إغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية المتكدسة على الحدود، مما أدخل القطاع مرحلة المجاعة الفعلية، وأدى إلى وفاة عدد متزايد من السكان، حسب تقارير أممية.

وسبق أن قال الدكتور منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة، إن قطاع غزة سجل 17000 حالة ولادة خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ29000 حالة خلال الفترة نفسها من عام 2022، ما يعكس انخفاضاً حاداً بنسبة تزيد على 41% في معدل المواليد خلال عامين فقط.

وأوضح البرش أن من بين هذه الولادات في عام 2025، سُجلت 2600 حالة إجهاض (15%)، و67 حالة تشوه خلقي (0.39%)، في حين أُدخل 2535 رضيعاً إلى وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة (15%). كما وُلد 1600 طفل بوزن أقل من المعدل الطبيعي (9%)، وسُجلت 1460 ولادة مبكرة (9%).

نقص حاد في كل شيء

وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، ظهرت سليمي داخل قسم الحضانة إلى جانب رضيع يعاني من سوء تغذية حاد، قالت إنه وُلد قبل أسبوعين بعملية قيصرية. وأضافت: "هذا المشهد يتكرر يومياً"، كما أشارت إلى رضيع آخر تظهر عليه بوضوح علامات النقص الغذائي.

وأوضحت أن نقص المعدات والإمدادات الطبية والطعام والأسِرّة يعقّد جهود رعاية المرضى، خصوصاً النساء الحوامل والأطفال. 

وأشارت إلى أن قسم الولادة في مستشفى ناصر غير قادر على استيعاب الأعداد المتزايدة من النساء الحوامل وحديثي الولادة، فضلاً عن جرحى الحرب والمصابين بسوء التغذية، ما يؤثر سلباً في جودة الرعاية.

تحدثت سليمي عن مشاهد يومية لمعاناة الفلسطينيين تظهر بوضوح على وجوه الأطفال والنساء وحتى الطواقم الطبية، التي تُواصل عملها رغم انعدام أبسط مقومات البقاء.

 ولفتت إلى أن الأطباء يتعاملون مع حالات التهابات حادة، خاصة لدى النساء، مشيرة إلى أن التغذية الجيدة عنصر أساسي لمقاومة الالتهابات، وهو ما تفتقر إليه بيئة الحصار.

كما أضافت أن تكرار النزوح، وسوء ظروف النظافة، يزيدان تفشي العدوى. وأشارت إلى وجود حالات نساء حوامل تعرضن لجروح وحروق نتيجة القصف، ويحتجن إلى عمليات جراحية دقيقة ورعاية متقدمة.

حالة مأساوية

وسلطت الطبيبة الضوء على حالة امرأة فلسطينية، 22 عاماً، كانت حاملًا في شهرها السادس حين فقدت زوجها بسبب قذيفة إسرائيلية سقطت قرب خيمتهم. 

المرأة أصيبت بحروق شديدة في وجهها أدت إلى فقدان إحدى عينيها، كما تعرضت لجروح بليغة تطلبت تدخلاً جراحياً فورياً، في حين أُصيب ابنها، البالغ ثلاث سنوات، أيضاً.

 ووصفت الطبيبة حالتها النفسية بأنها صدمة عميقة، وقالت: "لا أحد يمكنه تخيّل ما يعيشه كل فلسطيني في غزة، وليس فقط هذه العائلة".

أوضحت سليمي أن سوء التغذية والتوتر النفسي الناجم عن الحرب يؤديان إلى ولادات مبكرة وولادة أطفال بأحجام صغيرة، ما يعرضهم لمضاعفات صحية خطيرة في ظل غياب الغذاء والرعاية المناسبين.

وأضافت: "لدينا أطفال يعانون من الجوع، من الحروق، من الجروح، ولا نجد أسرّة كافية لعلاجهم". 

وشددت على أن مظاهر سوء التغذية باتت تطال الجميع: من الرضّع إلى الرجال والنساء، وحتى العاملين في المستشفيات الذين يواصلون الحضور والعمل رغم كل شيء، واصفة التزامهم بأنه "أمر مدهش ومؤثر".

وحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يوجد 60 ألف امرأة حامل معرضة للخطر جراء انعدام الرعاية الصحية والأمن الغذائي.

والسبت، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع جراء نفاد الحليب والمكملات الغذائية في ظل استمرار سياسة التجويع التي ترتكبها إسرائيل، وتتزامن مع حرب الإبادة الجماعية المتواصلة منذ أكثر من 21 شهراً.

كما أعلنت وزارة الصحة في غزة الأحد، أن إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن المجاعة وسوء التغذية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بلغ 133 فلسطينياً، بينهم 85 طفلاً.

وخلّفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.