جاء ذلك في مقابلة أجرتها وكالة الأناضول مع أبي المنى، اليوم الجمعة، تعقيباً على الاشتباكات الدامية بين أطراف بدوية ودرزية خارجة عن القانون في السويداء منذ الأحد، تدخلت إثرها القوات الحكومية لإعادة الاستقرار إلى المحافظة.
وقال أبي المنى إن "الحوار هو السبيل الوحيد لتجنيب السويداء وسوريا عموماً مزيداً من العنف والانقسام"، معتبراً أن "أي اتفاقات ميدانية لن تصمد من دون ضمانات عربية وتركية واضحة".
وأكد أن "الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه (ليلة الخميس/الجمعة) كان جيداً، لكن تنفيذه يتطلب رعاية وضمانات عربية وتركية، لأن الثقة مفقودة بين الدولة والفصائل المحلية (مسلحي الدروز)".
وحذّر من "تداعيات استمرار الأحداث في السويداء على الاستقرار اللبناني"، قائلاً إن "هناك من يسعى لنقل الفتنة إلى لبنان، في ظل تحركات مقلقة تستهدف إشعال التوترات الطائفية".
أبي المنى اعتبر "ما يحصل في سوريا أمراً مداناً ومستغرباً ويثير المخاوف، ويهدد وحدة سوريا وقيام الدولة الجديدة العصرية التي لنا أمل كبير بها".
وتأتي دعوة أبي المنى غداة إعلان الرئاسة السورية اتفاقاً يقضي بسحب القوات العسكرية من السويداء تجنباً للتصعيد، واستجابة لوساطة عربية-أمريكية، بينما لا تزال الاشتباكات متواصلة.
وبشأن جهود التوصل لحل شامل، قال إن "التواصل مستمر مع الجهات الروحية، ولا سيما دار الإفتاء اللبناني، لتأكيد الثوابت المشتركة، ورفض أي دعوات تحريضية لا تعبّر عن موقف المرجعيات الدينية الرسمية".
وفيما يتعلق بدور تل أبيب، أوضح أبي المنى أن "إسرائيل هي المستفيد الأول مما يجري في السويداء، وتسعى إلى استغلال الوضع الأمني لزرع الفتنة ودفع بعض المكونات إلى طلب الحماية".
وأضاف أن ما يحدث الآن هو "مشروع إسرائيلي بحت، لا يعبّر عن إرادة أبناء الطائفة" الدرزية.
كما أشار إلى أن "إسرائيل المعنية الأولى بتأجيج الأوضاع في السويداء، لتحقيق مصالحها وأطماعها التوسعية والدفع ببعض المكونات الطائفية باتجاه طلب الحماية، تحت ذريعة أن هناك تهديداً وخطراً".
وتابع: "لكي نكون يقظين أمام هذا الأمر، لا بد من تغليب صوت العقل والحكمة، وإجراء حوار سوري داخلي لم يجرِ إجراؤه على المستوى المطلوب بعد".
حوار داخلي
ودعا شيخ عقل دروز لبنان، تركيا إلى "لعب دور فاعل في رعاية الحوار السوري الداخلي، بما يضمن مشاركة جميع المكونات ويعيد الثقة إلى العملية السياسية".
قال: إن "الدروز قدّموا تضحيات كبيرة في الثورة السورية على مدار 14 عاماً، ومن حقهم أن يكونوا شركاء في سوريا الجديدة".
وشدَّد على أن "استمرار المواجهات في السويداء يقود إلى تفتيت سوريا، وهو ما ترفضه المرجعيات الروحية"، مذكّراً "برؤية القائد التاريخي سلطان باشا الأطرش (قائد الثورة السورية عام 1925 ضد الاحتلال الفرنسي) لسوريا موحدة، ورفضه الانغلاق الطائفي حين سمّى المنطقة جبل العرب وليس جبل الدروز".
وختم أبي المنى حديثه بالقول، إن "استمرار المواجهات في السويداء سيقود إلى تفتيت سوريا، وهذا ما لا يريده شيوخ العقل في سوريا، وإنما يريدون سوريا شعباً واحداً كما أرادها سلطان باشا الأطرش".
وتحت ذريعة "حماية الدروز"، استغلت إسرائيل تلك الأوضاع، فقد صعَّدت عدوانها على سوريا، بما شمل الأربعاء غارات مكثفة على 4 محافظات، تضمّنت قصف مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.
وانفرجت الأزمة بالسويداء عقب إعلان التوصل إلى وقف لإطلاق النار مساء الأربعاء، لكن "خارجين عن القانون" ارتكبوا انتهاكات بحق عشائر بدوية ما أدى إلى انهيار الاتفاق.