وقال جيش الاحتلال، الذي يشن حرب إبادة جماعية على الفلسطينيين بغزة، في بيان: “إن نتائج تحقيق معمّق أجرته آلية التحقيق التابعة لهيئة الأركان العامة، تشير إلى أن الحادث وقع في ساحة قتال عدائية وخطيرة، في ظل تهديد على المنطقة المحيطة بالقوات العاملة في الميدان”، حسب زعمه.
وفي مجزرة رفح قتلت قوات إسرائيلية في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة 15 من أفراد الإسعاف والدفاع المدني، المحميين بموجب القانون الدولي، وجرى دفنهم بمقبرة جماعية وإخفاء سياراتهم، ما أثار ردود أفعال غاضبة في أنحاء العالم، مع دعوات لمحاكمة القادة والعسكريين الإسرائيليين المسؤولين عن جرائم الإبادة بحق الفلسطينيين.
وزعم أن التحقيق أظهر عدم وجود "أي أدلة على تكبيل قتلى قبل إطلاق النار أو بعده، ولا على تنفيذ إعدامات ميدانية". كما زعم أن الحديث عن ارتكاب قواته لتلك الفظائع "مجرد إشاعات وافتراءات وأكاذيب شنيعة".
وقال: "في ليلة الحادث 23 مارس (آذار) 2025، نصبت القوة كميناً بغية استهداف" من أسماهم "مخربين". وتابع: "في حادث وقع بعد ساعة تقريباً، أطلقت القوة النار على مشتبه بهم خرجوا من سيارة إطفاء وسيارات إسعاف قريبة جداً من موقع القوة في الكمين".
ومبرراً المذبحة بحق طواقم الإغاثة، أردف الجيش: "رصدت القوة خمس سيارات تتحرك بسرعة نحو الكمين وتتوقف بجانبه، إذ نزل منها أشخاص بسرعة"، وتابع: "اعتقد قائد القوة أن الحديث يدور عن سيارات لحماس جاءت لمساعدة ركاب السيارة الأولى، وفي ظل شعوره بخطر حقيقي، قرر إطلاق النار".
وأقر جيش الاحتلال بأنه "قُتل في هذه الأحداث ما مجموعه 15 فلسطينياً"، زاعماً أن "6 منهم جرى تحديدهم باعتبارهم مخربين من حماس"، وفق ادعائه. وهو ما ردت عليه حماس مؤكدة عدم وجود أي مقاتلين تابعين لها بين الضحايا.
الجيش استطرد: "مع طلوع الفجر، تقرر تجميع الجثث وتغطيتها لمنع العبث بها، كما تقرر إزالة السيارات من الطريق تمهيداً لاستخدامه في إخلاء السكان المدنيين من هذا المكان لاحقاً".
وأضاف: "جرى نقل الجثث واتخاذ قرار بإخلاء السيارات وسحقها. وخلص التحقيق إلى أن قرار نقل الجثث كان معقولاً، بينما قرار سحق السيارات خاطئاً".
وفقط أظهر التحقيق المزعوم "اكتشاف عدة أخطاء مهنية وتجاوزات في أثناء الحادث، إلى جانب تقصير يتمثل في عدم الإبلاغ الكامل عن الحادث".
وقال جيش الاحتلال إن رئيس الأركان إيال زامير، صدّق على توصية قائد قيادة المنطقة الجنوبية بتوجيه "ملاحظة قيادية" إلى قائد اللواء 14 "تُسجل في ملفه الشخصي، بسبب مسؤوليته الشاملة عن الحادث".
وأضاف أن نائب قائد الوحدة الخاصة التابعة للواء غولاني سينهي مهامه "بسبب مسؤوليته كقائد القوة في الميدان والتقرير الناقص وغير الدقيق في التحقيق".
وفي وقت سابق، شككت صحيفة "هآرتس" العبرية في نزاهة آلية التحقيق التابعة لرئاسة الأركان، بقولها إنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرى نقل معلومات عن عشرات الحالات إلى تلك الآلية، لكن لم تجرِ محاكمة العسكريين المسؤولين عنها.
وتعود مجزرة رفح إلى 23 مارس/آذار الماضي، عندما استجاب فريق مؤلَّف من 9 عناصر إسعاف و5 من الدفاع المدني وموظف تابع لإحدى الوكالات الأممية لنداءات استغاثة من مدنيين محاصرين في حي تل السلطان.
وفي 27 و30 من الشهر ذاته، أعلنت السلطات في غزة العثور على جثامين 15 من أعضاء فريق الإسعاف والإطفاء مدفونة في منطقة تبعد نحو 200 متر عن موقع توقف سياراتهم.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
كما أصدرت محكمة العدل الدولية في 28 مارس/آذار و26 يناير/كانون الثاني 2024، مجموعتين من التدابير المؤقتة طلبتها جنوب إفريقيا قي قضية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة.
ومن بين هذه التدابير ضرورة توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها دون عوائق، فضلاً عن الإمدادات والرعاية الطبية للفلسطينيين في جميع أنحاء غزة.
لكن إسرائيل تواصل تجاهل تلك التدابير، إذ تغلق جميع معابر غزة، ما أدخل القطاع في مرحلة المجاعة، جراء منع إدخال المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة.
كما أصدرت المحكمة في 29 يوليو/تموز 2024 رأياً استشارياً أكدت فيه أن استمرار وجود إسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة "غير قانوني"، وأن المنظمات الدولية، بما فيها الولايات المتحدة، ملزمة عدمَ الاعتراف بالوضع الناشئ عن هذا الوجود غير القانوني.