وسُمع دوي الانفجارات من مسافات بعيدة، حتى في مدينة غزة ومناطق وسط وجنوب القطاع، وتصاعدت ألسنة لهب وأعمدة دخان كثيف غطت سماء المنطقة، تلتها مشاهد دمار شامل للمدينة.

بيت حانون، التي كانت أُخليت قسرياً تحت القصف منذ أشهر، بدت ليلة السبت وكأنها تحترق وحيدة، فيما تداول نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يوثق لحظات القصف، وبدا المشهد أقرب إلى مشاهد نهاية العالم من ضوء أحمر كثيف يبدد الظلام وصدى انفجارات عميقة تهز الأبنية من بُعد.

وأكد شهود عيان أن الانفجارات العنيفة أدت إلى حالة من الهلع في غزة، وأن رائحة الدخان الناتج عن الغارات يمكن شمّها من بُعد كيلومترات. 

وقال أحمد رياض، عضو اللجنة الشعبية في مشروع بيت لاهيا لوكالة الأناضول إن "بيت حانون لم تعد موجودة، تحولت إلى خراب تشتعل فيه النيران في كل زاوية، والدخان الأسود يملأ السماء".

وأشار إلى أن سكان شمالي القطاع شعروا باهتزازات نتيجة الغارات، في ظاهرة لم تسجل بهذه الحدة منذ بداية الحرب، موضحاً أن المدينة "مُسحت من الخارطة" ولم يتبق فيها سوى الركام.

ورغم أن بيت حانون تحولت فعلياً إلى حطام، فإن جيش الاحتلال قال إن طائراته استهدفت "أكثر من 35 هدفاً لحماس" في البلدة بزعم ضرب بنى تحتية للحركة، ونشر وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس صورة جوية للمدينة بعد القصف، قال فيها إن بيت حانون "سُويت بالأرض"، ما أثار ردود فعل غاضبة وسط تصاعد الانتقادات الدولية.

وقال الإعلامي الإسرائيلي ألموج بوكر، عبر القناة 12 العبرية، إن "أصوات انفجارات شديدة سُمعت في بيت حانون، حتى في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة".

وأفاد الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، في تغريدة عبر حسابه على منصة "إكس"، أن الجيش يشن هجمات "قوية" على بنية تحتية في مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة.

وبيت حانون من أولى المناطق التي دخلها جيش الاحتلال في التوغل البري يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي 2 يونيو/حزيران 2024، وقد أعلنت لجنة طوارئ البلديات في شمال غزة بيت حانون "منطقة منكوبة" بفعل الغارات الإسرائيلية المستمرة، والدمار شبه الكامل للبنية التحتية والخدمات الحيوية، وانهيار الوضع الإنساني.

وحسب أرقام سابقة لبلدية بيت حانون، كان نحو 60 ألف شخص يقطنون المدينة، التي تبلغ مساحتها نحو 17 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، وذلك قبل بدء حرب الإبادة الأخيرة.

وتواصل إسرائيل حربها على غزة بموازاة مفاوضات غير مباشرة في قطر بين تل أبيب وحماس، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار.

وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 196 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.