5 أسباب تكشف لماذا لم يطور جيش الاحتلال الإسرائيلي برنامجاً صاروخياً هجومياً
الحرب على غزة
6 دقيقة قراءة
5 أسباب تكشف لماذا لم يطور جيش الاحتلال الإسرائيلي برنامجاً صاروخياً هجومياًأعاد سقوط الصواريخ الإيرانية على مواقع داخل إسرائيل، خلال المواجهة الأخيرة بين طهران وتل أبيب، إحياء النقاش داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن جدوى امتلاك جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنظومة صواريخ باليستية مشابهة لتلك التي طورتها إيران.
صواريخ أطلقت من إيران باتجاه إسرائيل شوهدت من طوباس، في الضفة الغربية المحتلة، 22 يونيو/حزيران 2025. / Reuters
7 يوليو 2025

ورغم أن هذا النقاش ليس جديداً، فإنه عاد إلى الواجهة بقوة منذ أن شغل زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان منصب وزير الدفاع في عام 2018، حيث طرح آنذاك مبادرة لإنشاء قوة صاروخية مستقلة تتبع لسلاح البر.

ليبرمان أشار في مقابلة مع صحيفة معاريف نُشرت في ديسمبر/كانون الأول 2023 إلى أن فكرة هذه القوة الصاروخية ظهرت لديه منذ عام 2004، وضمنها في أحد كتبه.

وأوضح أن رؤيته كانت تعتمد على تطوير خمسة أنواع من الصواريخ، تبدأ بصواريخ دقيقة قصيرة المدى، وتنتهي بصواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى إيران واليمن، لكن المقترح واجه معارضة قوية من سلاح الجو الإسرائيلي، الذي اعتبره تهديداً لنفوذه داخل المؤسسة العسكرية. 

ووصف ليبرمان هذه المعارضة بأنها نابعة من "غطرسة مؤسسية"، مضيفاً: "يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء، لا يقبلون النقد أو النصح، وقائد سلاح الجو دائماً هو الأذكى والأعظم".

وقد تمحورت مواقف الرافضين لمشروع الصواريخ، والداعمين لاستمرار الاعتماد على سلاح الجو، حول جملة من الحجج والاعتبارات، أبرزها ما تناولته صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية، التي استعرضت القيود التقنية والمالية والعملياتية التي تحيط بتطوير واعتماد منظومة صواريخ باليستية، مقابل ما تمنحه الطائرات من مرونة وتفوق استراتيجي في ميدان القتال المعاصر.

محدودية عنصر المفاجأة

تشير صحيفة كالكاليست إلى أن الصواريخ الباليستية، خلافاً لما يُشاع عنها، لا تملك ميزة المفاجأة العملياتية التي تُعَدّ عنصراً حاسماً في الحروب الحديثة. فبنيتها الضخمة ومسارها المكشوف يجعلانها هدفاً سهلاً لأنظمة الرصد والاستشعار المتقدمة، لا سيما في ظل امتلاك دول مثل روسيا والصين وإيران لمنظومات رادارية قادرة على اكتشافها من مسافات بعيدة.

وتوضح الصحيفة أن سرعة الصاروخ، رغم كونها عالية، لا تعوّض عن الزمن الطويل الذي يستغرقه للوصول إلى هدفه، وهو ما يمنح العدو فرصة كافية لتحديد اتجاهه وتفعيل إنذار مبكر، كما حدث في الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل، حيث استغرق الأمر نحو عشر دقائق قبل وصول الصواريخ.

هذا الوقت، برأي كالكاليست، كافٍ لتنفيذ سلسلة من الإجراءات الدفاعية، مثل إخلاء المواقع المستهدفة، أو نقل القادة إلى مواقع محصنة، أو تحريك المنصات والعربات القتالية إلى أماكن آمنة.

وفي هذا السياق، تُبرز الصحيفة محدودية الصواريخ الباليستية في البيئات المتغيرة، نظراً إلى اعتمادها على مسار طيران محدد واستهدافها لأهداف ثابتة.

وعلى العكس من ذلك، ترى كالكاليست أن الطائرات الحربية تتمتع بمرونة تكتيكية عالية، إذ يمكنها التحليق على ارتفاعات منخفضة، والمناورة عبر مسارات غير متوقعة، وتنفيذ ضربات من زوايا مختلفة، فضلاً عن قدرتها على الاستجابة الفورية للتغيرات الميدانية، سواء من خلال تعديل المسار أو مطاردة أهداف متحركة.

 الاعتراض والدقة

تفيد صحيفة كالكاليست بأن سباق تطوير تقنيات الدفاع الصاروخي يشهد تسارعاً عالمياً متزايداً، وهو ما يعكس إدراكاً متزايداً لمخاطر هذا النوع من التهديدات في الحروب المستقبلية.

وفي هذا السياق، تشير كالكاليست إلى أن أنظمة الدفاع الجوي لا تقتصر على مواجهة الصواريخ فقط، بل تشمل أيضاً قدرات متقدمة لإسقاط الطائرات، غير أن الفارق الجوهري يكمن في سلوك الهدف عند رصده، فبينما يستطيع طاقم الطائرة المقاتلة تنفيذ مناورات وتكتيكات تفادي تُمكّنه من إتمام المهمة رغم انكشافه، يظل الصاروخ الباليستي مكشوفاً وعاجزاً عن تغيير مساره، ويعتمد بالكامل على سرعته، وقدرة العدو على اعتراضه.

وتوضح الصحيفة أن بعض الصواريخ العابرة للقارات مزود بأنظمة حرب إلكترونية ووسائل خداع لتقليل فرص الرصد، لكنها تظل أسلحة ثقيلة ومعقدة ومكلفة للغاية، ولا تُناسب الاستخدام المتكرر في العمليات العسكرية اليومية.

كما تُحذّر كالكاليست من أن تكرار استخدام الصواريخ الباليستية يسهّل على العدوّ تعلّم نمط طيرانها، ما يتيح له تحسين قدراته الاعتراضية بمرور الوقت. وبذلك تصبح الحاجة إلى إطلاق عدد أكبر من الصواريخ لاختراق الدفاعات، مما يؤدي إلى ارتفاع الكلفة التشغيلية على الجهة المُطلقة، كلما زاد الاعتماد عليها.

في المقابل، تشدد الصحيفة على أن الطائرات المقاتلة توفّر مرونة تكتيكية لا تضاهى، إذ يمكن استخدامها بطرق مختلفة في كل عملية، ما يعقّد قدرة العدو على توقع نمط الهجوم أو توقيته.

 كما أن الطائرات الحديثة قابلة للتحديث المستمر، سواء في أنظمة التسلّح أو الدفاع أو الاتصالات، ما يسمح بإبقائها في الخدمة لسنوات طويلة، ويجعلها أصلاً استراتيجياً فعّالاً أكثر من الصواريخ.

وتختم كالكاليست بالإشارة إلى أن الصواريخ الباليستية، رغم قوتها التدميرية، لا تصلح للعمليات الدقيقة، إذ تصل إلى أهدافها بطاقة حركية هائلة وتُخلّف انفجارات واسعة النطاق، ما يجعلها غير مناسبة لاستهداف مواقع صغيرة أو شديدة الحساسية. 

الهجوم من اتجاه واحد فقط

وتوضح كالكاليست أن الصاروخ الباليستي يواجه قيداً عملياً أساسياً، إذ لا يمكنه ضرب الهدف إلا من الاتجاه الذي أُطلق منه، ما يعني أن نقطة الضعف مثل باب المخبأ قد تكون في الجهة المعاكسة، وبالتالي يصعب الوصول إليها.

 أما الطائرة المقاتلة فلا تعاني من هذا القيد، إذ بإمكانها الإقلاع من إسرائيل والتحليق نحو الهدف في إيران، وضربه من أي زاوية مطلوبة وفقاً للمعطيات الاستخباراتية والظروف الميدانية.

وتضيف الصحيفة أن الذخائر الذكية، مثل القنابل الانزلاقية المتطورة التي تُنتجها شركة بوينغ، باتت قادرة على إصابة أهداف دقيقة بزوايا منخفضة للغاية، بل حتى دخول فتحات صغيرة في أنفاق تحت الأرض. وتُستخدم هذه الأنظمة بشكل روتيني من قِبل سلاح الجو الإسرائيلي لتحقيق إصابات دقيقة وتجنّب الأضرار الجانبية.

في المقابل، توضح كالكاليست أن رأس الصاروخ الباليستي ينزل على الهدف بزاوية سقوط تتراوح بين 45 و80 درجة، مما يحدّ من مرونة التخطيط للهجوم، ويجعل خيارات الزاوية والمسار محدودة مقارنة بما توفره الطائرات الحربية والذخائر الذكية من دقة وتكيّف مع طبيعة الهدف.

التكلفة

ترى صحيفة كالكاليست أنه من الناحية النظرية قد يبدو سلاح الصواريخ بديلاً اقتصادياً لسلاح الجو الإسرائيلي بصيغته الحالية، فالصواريخ تُعتبر مواد استهلاكية، تتطلب مساحة تخزين وتشغيل أقل من الطائرات، ولا تحتاج إلى صيانة معقدة أو قطع غيار كثيرة. كما أن تدريب مشغّل صواريخ أبسط وأقل تكلفة من تدريب طيارين وفنيين لطائرات مقاتلة. لكن الواقع، وفقاً للصحيفة، أكثر تعقيداً بكثير.

وتوضح كالكاليست أن إنشاء منظومة صواريخ متكاملة يتطلب من إسرائيل تطويرها وإنتاجها ذاتياً، نظراً إلى أن الولايات المتحدة، رغم تعاونها في مجال الطيران وتزويد إسرائيل بمقاتلات متقدمة تخدم المصالح الأمنية الأمريكية في المنطقة، لن تدعم مشروعاً لتطوير صواريخ باليستية، لا سياسياً ولا مالياً.

وتضيف الصحيفة أن إقامة مشروع صواريخ بهذا الحجم أمر مكلف ويستغرق سنوات طويلة، مستشهدة بتجربة إيران التي استغرقت ما يقارب أربعين عاماً لبناء برنامجها الصاروخي.

وتضرب مثالاً بتكلفة إنشاء بنية تحتية لإنتاج وقود صلب للصواريخ، التي قد تبلغ نصف مليار دولار للقدرة الأساسية، ونحو مليارَي دولار إضافيين لإنتاج 50 صاروخاً سنوياً. 

وفي حال قررت إسرائيل بناء مصنع واحد لإنتاج وقود استراتيجي، فقد تتجاوز التكلفة 3 مليارات دولار، وهو نفس ما أنفقته الهند، رغم أن تكاليف اليد العاملة لديها أقل بكثير.

وتلفت كالكاليست إلى أن تكلفة الوقود تظل مرتفعة حتى بعد إنشاء البنية التحتية: فالصاروخ ذو الوقود الصلب قد يبلغ سعره مليون دولار، في حين يكلّف الصاروخ ذو الوقود السائل نحو 250 ألف دولار، وكلاهما يُشكل عبئاً ماليا ًعلى الموازنة العامة.

أما سعر الصاروخ نفسه، بالمقارنة مع نماذج أمريكية وروسية، فقد لا يقلّ عن 10 ملايين دولار للوحدة، وهو ما يجعل المشروع باهظ التكلفة.

وتمضي كالكاليست في طرح إشكالية إضافية: بعد تطوير الصواريخ، أين يمكن وضعها؟ لتفادي تعرضها لهجوم معادٍ، لا بد من بناء قواعد إطلاق تحت الأرض، وهو مشروع يحتاج إلى مليارات أخرى وعدة سنوات، وسط واقع إداري معروف بأن الإسرائيليين بارعون في التصميم، لكنهم ليسوا بالضرورة الأسرع أو الأرخص في التنفيذ.

وتختتم الصحيفة بالقول إنه قد توجد حاجة لإجراء تغييرات هيكلية في سلاح الجو الإسرائيلي، لكن إنشاء ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية لاستخدامها في الهجمات الروتينية ليس حلاً واقعياً لاحتياجات إسرائيل الأمنية، فجدواها العملياتية محدودة، وتكلفتها باهظة، والطائرات الحربية أثبتت أنها المنصة الأنجع والأكثر مرونة وفاعلية في ساحة المعركة.

مصدر:TRT عربي - وكالات
اكتشف
"تلتزم تحقيق السلام مع لبنان".. المبعوث الأمريكي يدافع عن إسرائيل رغم اعتداءاتها المتواصلة
البرغوثي: نواجه مخططات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين.. وأمريكا تواصل انحيازها الكامل لإسرائيل
مظاهرة داعمة لفلسطين أمام البيت الأبيض احتجاجاً على زيارة نتنياهو
جيش الاحتلال يعلن اعتقال خلية يزعم أنها تتبع فيلق القدس الإيراني جنوبي سوريا
ترمب يتوعد الدول المتحالفة مع بريكس برسوم جمركية إضافية بنسبة 10%
ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في تكساس إلى 82 قتيلاً وسط استمرار البحث عن مفقودين
ترمب: أمامنا فرصة جيّدة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة هذا الأسبوع
قادة "بريكس" يدعون إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية ويُدينون الهجمات على إيران
القسام تستهدف تجمعات لجيش الاحتلال بخان يونس وتقصف مستوطنتين محاذيتين لغزة
بلا نتيجة حاسمة.. انتهاء الجلسة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل
جيش الاحتلال يستهدف مواني ومحطة كهرباء في اليمن والحوثيون يعلنون التصدي للهجوم
الضفة.. شهيدان في نابلس وإخطارات بالهدم في الخليل و296 انتهاكاً إسرائيلياً في سلفيت
الدوحة.. جولة مفاوضات جديدة غير مباشرة بين حماس وإسرائيل لأجل وقف إطلاق النار في غزة
"بملايين الدولارات".. تقرير بريطاني: شركة أمريكية تخطط لتهجير فلسطينيي غزة عبر المساعدات الإنسانية
عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب باتفاق شامل تزامناً مع مفاوضات الدوحة
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us