عرف الرأي العام المغربي خلال السنوات الأخيرة جدلاً واسعاً حول موضوع الحريات الفردية، إذ كان أول ما دفع به إلى السطح المتابعات القضائية التي لحقت بالصحفية هاجر الريسوني، والتي أدانتها محكمة الرباط ببنود القانون الجنائي التي تجرم إقامة علاقات خارج إطار الزواج وإجراء عمليات الإجهاض.
ومنذ ذلك الحين تنشط منظمات نسوية وحركات في المطالبة بإلغاء هذه القوانين، وعلى الجانب الآخر يواجهها التيار المحافظ الرافض لذلك. وفي هذا الإطار تأتي الحملة الجديدة لـ"الحركة البديلة للدفاع عن الحريات الفردية" في المغرب، المعروفة اختصاراً بـ "مالي"، من أجل مناهضة كشوفات العذرية، بنشرها دليلاً مصوراً حول "العواقب اللاإنسانية لمثل هذه المفاهيم".
القاموس المروع
هذا وأعلنت الحركة الأسبوع الماضي نشرها "القاموس المروع لاختبار العذرية"، وهو دليل مصور بلغات ثلاث، يعيد تعريف مفاهيم العذرية والبكارة والاعتداء الجنسي. وأوضحت الحركة أن هدف الدليل هو: "حصر وإعادة تعريف المصطلحات التي تبدو طبيعية في لغتنا اليومية، ولكنها صُممت منذ قرون لتقييم النساء واضطهادهن".
ويعالج هذا "القاموس المروع" مفاهيم من قبيل: العذرية، غشاء البكارة، اختبار العذرية، فض غشاء البكارة، جرائم الشرف، طقم غشاء البكارة الاصطناعي، ترقيع غشاء البكارة، العنف الجنسي، الاغتصاب وثقافة الاغتصاب، الفصل 488 من القانون الجنائي المغربي.
ويعرف القاموس العذرية بكونها "خرافة أبوية ومفهوماً وهمياً جرى إنشاؤه لإخضاع النساء، لا بوجود دليل على "عذرية" النساء. لذلك، يجب دائماً كتابتها بين علامتي اقتباس. كلمة نقية للغاية، لكنها أسطورة تحمل عبئاً ثقيلاً ومظلماً. ويجادل بأن خرافة (العذرية) يجب أن تزول لأن غشاء البكارة ليس دليلاً على ممارسة الجنس" حسب القاموس.
ويأتي هذا الدليل في ظل حملة أطلقتها الحركة من أجل مناهضة كشوفات العذرية التي تعتبرها "مفهوماً قديماً يستخدم كوسيلة لاضطهاد النساء في جميع أنحاء العالم"، كون "لا يوجد دليل علمي على "عذرية" المرأة، لذلك لا يمكن اختبارها"، كما "يمكن أن يؤدي "فحص العذرية" إلى عواقب وخيمة على الصحة العقلية والبدنية وانتهاك حقوق الإنسان".
وتستنكر الحركة استمرار تسليم "شهادات العذرية" في عدد من الدول، من بينها المغرب، رغم "ما في هذه الممارسة من إهانة للمرأة"، وما تغذيه من ممارسات من قبيل "ترقيع غشاء البكارة".
مطالبات مغربية بالحريات الفردية
هذا وتأتي حملة حركة مالي المناهضة لكشوفات العذرية، مصاحبة لحملة أخرى أطلقتها حركة "خارجة عن القانون" من أجل إسقاط التجريم عن "العلاقات الرضائية خارج إطار الزواج".
إذ تنادي هذه الأخيرة بحذف الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي الذي ينص على أنّ "كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكوّن جريمة الفساد، ويُعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة". والذي حوكم من أجله في سنة 2018، بالمغرب، أكثر من 14 ألفاً و503 شخص، كما حوكم 3048 شخصاً آخرون بتهمة الخيانة الزوجية خلال نفس السنة.
وفي هذا السياق وعد وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، بإعادة النظر في مضامين القانون الجنائي المتعلقة بالحريات الفردية، والعمل على تعزيز حماية القضاء هذه الحقوق والحريات باعتبارها شرطاً أساسياً لخلق مناخ للثقة ولتحرير الطاقات.
وأردف موضحاً أثناء عرضه للميزانية الفرعية لوزارة العدل أمام البرلمان أن "مبدأ تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات الفردية، يرتبط بمراجعة النصوص القانونية المؤطرة لمنظومة هذه الحقوق، سواء في المجال المدني أو الجنائي، وبمراجعة السياسة الجنائية وإصلاح سياسة التجريم والعقاب".