قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن آلاف المتظاهرين تجمعوا في ساحة "هابيما" وطالبوا بإقالة نتنياهو، على خلفية ما كشف عنه رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، في إفادة خطية قدمها في وقت سابق الاثنين، إلى المحكمة العليا. وأوضحت أن المتظاهرين طالبوا بحماية الديمقراطية، وإطلاق سراح الأسرى المحتجزين في قطاع غزة.
وذكرت الصحيفة أن المتظاهرين توجهوا بعد ذلك في مسيرة تجاه الطريق السريع "أيالون"، لكنَّ خيَّالة الشرطة تصدَّوا لهم وفرّقوهم بالقوة، واعتقلوا متظاهرَين اثنين. وجرى توثيق مشهد يُظهر أحد رجال الشرطة وهو يمتطي حصاناً ويدهس المتظاهرين خلال تفريقهم، وفق المصدر ذاته.
وخلال المظاهرة في ساحة "هابيما"، قال ميخائيل إيلوز، والد الأسير القتيل غاي الذي تُحتجز جثته في غزة: "تصريحات المسؤولين المنتخبين تزلزلنا جميعاً. إنهم يحاولون جعل التخلي عن المختطفين أمراً طبيعياً".
ووصف والد غاي تصريح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي قال فيه صباح الاثنين، إن "المختطفين ليسوا الهدف الأهم"، بأنه "سكين في القلب". ومضى معلقاً على ما كشف عنه رئيس الشاباك: "للأسف الشديد، حتى أقوال رونين بار لم تفاجئني، فهو مسؤول عن فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول بقدر أي جهة أخرى. الفرق بينه وبين الحكومة أنه يتحمل المسؤولية ويقول الحقيقة في وجهك".
وأضاف: "هذا ليس شكل إدارة دولة، بل إدارة إجرامية من حكومة تتخلى عن مواطنيها. كل ما يحدث تضييع للوقت، الأمر ليس متعلقاً بإسقاط حماس، بل هم (الحكومة) يتغذون على الفوضى".
وفي وقت سابق الاثنين، قدم بار للمحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية)، إفادة مكتوبة رداً على قرار إقالته الذي اتخذته الحكومة الشهر الماضي وجمَّدت المحكمة تنفيذه. وكانت إفادة بار "صادمة" وفق إعلام عبري، إذ كشفت بين أمور أخرى، عن أن نتنياهو طلب منه، ملاحقة المحتجين ضده، والاستخدام السياسي للشاباك، ومحاولة تأجيل محاكمته في قضايا فساد بذرائع أمنية.
المعارضة: نتنياهو خطر على أمن البلاد
وخلال كلمة له على هامش المظاهرة، دعا اللواء احتياط يائير غولان، رئيس حزب "الديمقراطيين"، إلى التحقيق مع نتنياهو "فوراً"، في أعقاب إفادة رئيس الشاباك. وقال غولان عن نتنياهو "إنه زعيم دولة متهم بالفساد (...) وطلب استخدام جهاز الشاباك شرطةً سرّيةً، ليس ضد الأعداء بل ضد مواطني إسرائيل، هو شخص خطير وغير مؤهل".
وتابع: "نتنياهو رئيس وزراء متورط بقضايا جنائية، يضحّي بأرواح المخطوفين ويعرّض حياة جنود الجيش للخطر من أجل بقائه السياسي؛ هو ليس فقط غير مؤهل، بل يجب التحقيق معه فوراً، وإبعاده عن منصبه فوراً".
ووصفت المعارضة الإسرائيلية، الاثنين، نتنياهو بأنه "خطر على أمن الدولة"، بعد الكشف عن رسالة وجَّهها رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، إلى المحكمة العليا رداً على قرار إقالته.
وقالت القناة 12 العبرية: “أجرى زعيم المعارضة يائير لابيد رئيس حزب (هناك مستقبل)، ورؤساء أحزاب (معسكر الدولة) بيني غانتس، و"(إسرائيل بيتنا) أفيغدور ليبرمان، و(الديمقراطيين) يائير غولان، مشاورات عقب الإفادة التي قدّمها رئيس الشاباك".
وأضافت أن قادة المعارضة قالوا عقب الاجتماع في بيان مقتضب، إن "سلوك رئيس الوزراء، وفق ما ورد في إفادة رئيس الشاباك، يُعرِّض مستقبلنا ووجودنا للخطر ويُلحق الضرر بأمن الدولة".
وفي وقت سابق اليوم، قال لابيد في مقطع فيديو مسجل، إن إفادة رئيس الشاباك "تُثبت أن نتنياهو يُشكل خطراً على أمن إسرائيل، ولا يُمكنه الاستمرار في رئاسة الوزراء". وأضاف: "حاول نتنياهو استخدام الشاباك لمراقبة المواطنين الإسرائيليين، وتفكيك الديمقراطية". وتابع: "إذا عيَّن نتنياهو الرئيس القادم للشاباك فسيكون ذلك خطراً حقيقياً على دولة إسرائيل وجميع مواطنيها".
وفي فبراير/شباط الماضي، قرر نتنياهو إقصاء رئيسَي “الموساد” ديفيد برنياع، و”الشاباك” رونين بار، من قيادة فريق المفاوضات، وعين بدلاً منهما وزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر، المقرب منه، في خطوة أثارت انتقادات أهالي الأسرى.
وفي 20 مارس/آذار الماضي، صدَّقت الحكومة الإسرائيلية على إقالة رئيس الشاباك، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في 10 أبريل/نيسان الجاري. لكنَّ المحكمة العليا جمَّدت في 21 مارس/آذار قرار الحكومة إقالة بار، لحين النظر في التماسات قُدِّمت إليها من المعارضة ضد إقالته.
وبرَّر نتنياهو قرار إقالة بار بـ"انعدام الثقة" به، وذلك ضمن تداعيات أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فيما ألمح بار إلى وجود دوافع سياسية وراء قرار رئيس الحكومة، وأن سبب ذلك هو رفض بار تلبية مطالب نتنياهو بـ"الولاء الشخصي".
وتقدِّر تل أبيب وجود 59 أسيراً إسرائيلياً في قطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، فيما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيباً وتجويعاً وإهمالاً طبياً، أودى بحياة عديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومطلع مارس/آذار 2025، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية-قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية. لكنَّ نتنياهو تنصَّل من بدء مرحلته الثانية، واستأنف الإبادة الجماعية في القطاع في 18 مارس/آذار الماضي، استجابةً للجناح الأشد تطرفاً في حكومته اليمينية، وفق إعلام عبري.