فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبعد بداية الهجمات الإسرائيلية، استُدعي السفير التركي في تل أبيب إلى أنقرة للتشاور. ومع استمرار الهجمات ورفض الاحتلال الإسرائيلي السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، صعّدت أنقرة موقفها ضد تل أبيب وبدأت في تقييد تجارتها مع إسرائيل، إذ جرى تقييد التعاملات التجارية في البداية على 54 منتجاً، ثم توقفت التجارة بالكامل مع إسرائيل اعتباراً من 2 مايو/أيار 2024.
وفي أغسطس 2024، قدمت تركيا بيانها للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية المرفوعة من قِبل جمهورية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وتحت قيادة تركيا، فُتح باب التوقيع على رسالة في الأمم المتحدة لحظر نقل الأسلحة إلى إسرائيل. وقد وقّع على الرسالة ما مجموعه 52 دولة (من ضمنهم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وروسيا والصين) ومنظمتان دوليتان، وسُلِّمت الرسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الحالي، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتواصل تركيا الدعوة إلى حظر نقل الأسلحة إلى إسرائيل.
في القمة الاستثنائية المشتركة لمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية المنعقدة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، شُكِّلت مجموعة اتصال بهدف العمل على تحقيق سلام شامل في غزة.
تتألف المجموعة من أعضاء من 8 دول هي: تركيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وقطر، وفلسطين، وإندونيسيا، ونيجيريا. وشارك في الاجتماعات أيضاً الأمينان العامان لكلٍّ من منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية.
ونظَّمت مجموعة الاتصال مبادرات في أوتاوا، ولندن، وباريس، وأوسلو، وبكين، وموسكو، والرياض، وواشنطن، وعمان، ومدريد، وكذلك في الأمم المتحدة (نيويورك) والاتحاد الأوروبي (بروكسل).
وتعمل مجموعة الاتصال، التي يشارك فيها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بشكل فعال، على إنهاء العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وتعبئة المجتمع الدولي، وضمان تنفيذ سلام عادل ودائم يقوم على حل الدولتين.
في هذا السياق، عُقد اجتماع لمجموعة الاتصال في أنطاليا في 11 أبريل/نيسان 2025، قبل انعقاد منتدى أنطاليا الدبلوماسي الذي تنظمه تركيا.
تركيا عضو أيضاً في مجموعة مدريد، المُشكّلة بمشاركة أعضاء مجموعة الاتصال التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى إسبانيا وآيرلندا والنرويج وسلوفينيا. وقد شاركت أنقرة مؤخراً في اجتماع مجموعة مدريد الذي عُقد في 25 مايو/أيار 2025.
بالإضافة إلى ذلك، تُشارك تركيا بشكل نشط في اجتماعات "التحالف العالمي"، الذي يطالب بتطبيق حل الدولتين، وإنشاء دولة فلسطينية.
في الفترة من 28 أبريل/نيسان إلى 2 مايو/أيار 2025، عُقدت مرحلة البيان الشفوي من عملية الرأي الاستشاري بشأن "التزامات إسرائيل في سياق وجود وأنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة في الأرض الفلسطينية المحتلة وما يتصل بها" في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وقدّم نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماز، البيان الشفوي لتركيا في 30 أبريل/نيسان 2025. كما شاركت أنقرة في اجتماع مجموعة لاهاي الذي عُقد في بوغوتا 16 يوليو/تموز 2025، ودعمت الدعوات إلى زيادة المساءلة والضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
علاوة على ذلك، تُعدّ تركيا من الدول الرائدة في تقديم المساعدات الإنسانية لفلسطين، إذ أرسلت أكثر من 100 ألف طن من المساعدات الإنسانية إلى غزة. كما قدّمت دعماً مالياً بقيمة 10 ملايين دولار أمريكي لعام 2025 لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي تلعب دوراً أساسياً لمساعدة الأهالي في فلسطين، بخاصة في مجال توفير خدمات التعليم والصحة.
وقد تجاوزت القيمة الإجمالية للدعم التركي المقدم لأونروا والتبرعات بالطحين المقدم لغزة عام 2024، 40 مليون دولار أمريكي.
مواقف وإجراءات تركيا، وتصريحات ومواقف قيادتها وشعبها تؤكد أن أنقرة تُسخّر جميع مواردها الدبلوماسية والقانونية والإنسانية لضمان مستقبل كريم وحر للشعب الفلسطيني، وهي السياسة المبدئية التي أعلنت استمرارها رغم كل الضغوط والتحديات.