وشاركت أمينة أردوغان، اليوم الخميس، في مؤتمر بعنوان "اقتصاد قائم على الأخوة: تعددية أخلاقية"، الذي نظمه معهد العلوم الاجتماعية البابوي في الفاتيكان.
ناقش المؤتمر موضوعات مثل التعددية، والتعددية القطبية، وإصلاح الأمم المتحدة، والمواطنة العالمية، بمشاركة عدد من الشخصيات البارزة.
وفي كلمتها خلال الجلسة المعنونة بـ"التعددية من أجل المواطنة العالمية"، عبَّرت أمينة أردوغان عن سعادتها بلقاء مجموعة متميزة تؤمن بأن الإنسانية تصبح أقوى بجميع ألوانها وأصواتها.
وأكدت أمينة أردوغان أن الإنسانية عائلة واحدة، وقالت: "كلنا ننتمي إلى عائلة إنسانية كبيرة اجتمعت حول مائدة الأرض، ولهذا نطلق على العالم اسم (بيتنا المشترك). كما قال مولانا جلال الدين الرومي: (السماء قبتي والإنسانية عائلتي). اختلاف أعراقنا، ولغاتنا، وثقافاتنا، وأدياننا، يصنع فسيفساء رائعة، تجعل العالم أكثر جمالاً وقيمة”.
وأضافت: "العائلة تُبنى على المحبة والاحترام المتبادل وحفظ الحقوق، لكن في ربع القرن الأول من القرن الحادي والعشرين، نرى أن العائلة الإنسانية تمر بحالة إنذار. هناك أكثر من 150 مليون طفل يتيم، و32 مليوناً يموتون من الجوع المزمن في إفريقيا، و3 مليارات شخص يعيشون بأقل من 5.5 دولار في اليوم، و244 مليون طفل محرومون من التعليم، ونحو 70 مليون لاجئ، و10 ملايين شخص بلا وطن أو عمل أو تعليم أو أمل. وفي غزة، هناك قائمة من 1516 صفحة لأسماء نساء ورجال وأطفال قُتلوا، من بينهم أطفال لم يبلغوا عامهم الأول".
وانتقدت أمينة أردوغان نمط الحياة الاستهلاكي القائم على "الاستخدام والرمي"، قائلةً: "هذه دلائل على فشل الأنظمة التي وُعدنا من خلالها بعالم مزدهر. لا يمكن بناء عالم عادل عبر نظام يخذل الإنسانية في كل مرة يُجرب فيها. نحتاج إلى حلول جديدة تُعيد النهوض بالعائلة الإنسانية".
وأشارت إلى أن تركيا تنظر إلى العالم من نافذة حكمة الأناضول، وأضافت: "نتعامل مع الإنسانية انطلاقاً من خبرتنا التاريخية الممتدة لقرون. منذ بداية الحرب في سوريا، فتحنا قلوبنا وأبوابنا لجيراننا، لأن في كل بيت في الأناضول هناك مكان معدّ للضيف. وما زلنا نستضيف قرابة 4 ملايين لاجئ، ونوفر لمن يرغب في العودة إلى وطنه، عودة طوعية وآمنة وكريمة".
وأشارت إلى أن عالماً موحَّدَ اللون والصوت يُفقد الإنسانية تراكمها عبر آلاف السنين، وقالت: "في عالمنا الذي تُتحدث فيه 7000 لغة، للأسف تُفقد لغة واحدة كل أسبوع. وهذا يعني تآكل الثقافات، وفقدان الهويات الغنية والفريدة. لذا، يجب أن نُعيد تعريف المواطنة العالمية".
وقالت أمينة أردوغان إن الأزمات العالمية تُظهر يوماً بعد يوم أهمية التضامن والعقل الجماعي. وأكدت أن "العالم لم يعد يعرف مشكلات محلية فقط. لا يمكن للدول مواجهة الأزمات المتعددة وحدها. لذلك، نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى شراكات قائمة على مبدأ التعددية الأخلاقية".
وشددت على أهمية التحالفات الشاملة والعادلة التي تنبع من أساس أخلاقي وروحي، مشيرةً إلى التفاوت في الأعباء بين الدول، وقالت: "أوضح مثال على ذلك هي حالة التشتت في مواجهة التغير المناخي. بعض الدول لا تسهم في هذا التغير بنسبة 1%، لكنها تتأثر به بشكل غير متناسب، فتتحول إلى لاجئين بيئيين، وتفقد مصادر الغذاء، وتواجه خطر الزوال الكامل".
وأشارت أمينة أردوغان إلى أن مشروع "صفر نفايات" الذي أطلقته تركيا عام 2017 وتَحوَّل اليوم إلى مبادرة عالمية بقرار من الأمم المتحدة، ينطلق من وفاء تجاه الإنسانية.
وقالت: "ننظر إلى هذه القضية على أنها مسؤولية بيئية، واختبار في تحقيق العدالة بين الأجيال والمجتمعات. ويرتبط هذا المنظور بإيماننا بأن الطبيعة أمانة إلهية. لذلك، أرى أنه ينبغي إحداث تحول جذري في طريقة تفكيرنا إزاء تغير المناخ. ما دمنا ننظر إلى الطبيعة على أنها خزان للموارد الخام، دون علاقة قائمة على الاحترام، ستبقى الالتزامات العالمية مجرد نصوص".
كما أكدت أن الرئيس رجب طيب أردوغان لطالما كرر في المحافل الدولية أن "العالم أكبر من خمسة، وأن عالماً أكثر عدلاً ممكن"، وأضافت: "هذه الرسالة هي بيان للمظلومين المتروكين خلف الركب. وهي دعوة للعدالة العالمية، تدعو الجميع إلى مراعاة مصالح الآخرين كما يراعون مصالحهم، دون استثناءات أو شروط. آمل أن تكون هذه الرؤية نافذتنا المشتركة نحو العالم، لأنها السبيل لتلبية الشوق العميق للأخوّة الإنسانية".
وختمت أردوغان بالقول: "الإنسانية تحتاج الآن إلى مسار جديد، مسار يقود إلى الرحمة، والمحبة، والتسامح، والنيّات الحسنة والعدالة. وأؤمن شخصياً بأن هذا المسار يمكن أن يُرسَم عبر التعاليم المشتركة لأدياننا. لأن حياة الإنسان وكرامته هي مقدسات مشتركة بين كل الأديان. المسلمون يؤمنون بأن إنقاذ إنسان واحد كإنقاذ البشرية جمعاء. وفي العقيدة المسيحية، محبة الناس بعضهم بعضاً واجب إلهي. وهذا القاسم المشترك هو المرهم الوحيد الذي يمكنه شفاء جراح الضمير الإنساني”.