بموجب هذا النظام، ستفرض الولايات المتحدة تعريفة جمركية عامَّة بنسبة 10% على جميع الواردات، إلى جانب رسوم أعلى على بعض الدول التي يعدها البيت الأبيض "جهات فاعلة" في التجارة العالمية.

تأتي هذه الخطوة التي وصفها الرئيس الأمريكي الحالي بـ"يوم التحرير" امتداداً للإجراءات التي اتخذها ترمب خلال ولايته الأولى والتي شملت فرض رسوم جمركية على واردات من كندا والمكسيك والصين، بالإضافة إلى الصلب والألمنيوم.

ما الرسوم الجمركية الجديدة؟

اعتباراً من 5 أبريل/نيسان الجاري، ستخضع جميع الواردات الأمريكية لتعريفة بنسبة 10%، فيما سيواجه بعض الدول معدلات رسوم أعلى بدءاً من اليوم التاسع من نفس الشهر. فعلى سبيل المثال، ستُفرض رسوم بنسبة 34% على الواردات الصينية، و20% على الواردات الأوروبية، و24% على اليابانية، و17% على الإسرائيلية.

كما ستُضاف الرسوم الجديدة على الصين إلى التعريفات السابقة، مثل الرسوم البالغة 20% التي فُرضت سابقاً على مخدر الفنتانيل، ليصل إجمالي الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 54%، قبل احتساب الضرائب التي فرضت في عهد بايدن أو في ولاية ترمب الأولى، ما يجعلها أحد أكثر الشركاء التجاريين تأثراً بهذه القرارات.

كما ستواجه دول مثل فيتنام وسريلانكا ولاوس معدلات رسوم مرتفعة تصل إلى 46% و44% و48% على التوالي.

يشمل القرار جميع أنواع السلع المستوردة، بدءاً من المنتجات اليومية مثل الحبوب القادمة من المكسيك، وصولاً إلى السلع الفاخرة مثل سيارات فولكسفاغن الألمانية. 

وفي خطابه أمس الأربعاء، أعلن ترمب أيضاً أن الرسوم الجمركية على السيارات المصنَّعة خارج الولايات المتحدة، التي تبلغ 25%، ستُنفَّذ بدءاً من اليوم.

تأثير النظام الجمركي الجديد على الاقتصاد الأمريكي

يؤكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن فرض هذه الرسوم الجمركية يهدف إلى تحفيز قطاع التصنيع المحلي، وتقليل العجز التجاري، أي الفجوة بين حجم الواردات والصادرات، إضافةً إلى المساهمة في خفض الدين القومي.

ومع ذلك، فإن عديداً من الخبراء الاقتصاديين يشككون في مدى فاعلية هذه الإجراءات، محذرين من أنها قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع بالنسبة إلى المستهلكين الأمريكيين، مما يسهم في زيادة معدلات التضخم وإبطاء النمو الاقتصادي.

ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال فالشركات الأمريكية المستوردة ستتحمل التكلفة الأولية لهذه الرسوم الجمركية، إلا أن التأثير النهائي سيعتمد على كيفية استجابة هذه الشركات لزيادة التكاليف داخل سلاسل التوريد.

وقد يدفع ذلك الشركات إلى رفع أسعار المنتجات، مما يجعل المستهلك الأمريكي يتحمل العبء الأكبر، أو قد تضطر الشركات إلى تقليل حجم استيرادها بسبب ارتفاع التكاليف، مما قد يؤثر على توفر السلع في الأسواق، وفق تقرير الصحيفة. 

وأعربت شركات صناعة السيارات ومصنّعو قطع الغيار عن قلقهم بشأن تأثير هذه الرسوم الجمركية، حيث أكدوا أنهم سيضطرون إلى تحميل المستهلكين جزءاً من التكاليف الإضافية.

 وتشير تقديرات بنك الاستثمار "مورغان ستانلي" إلى أن أسعار السيارات قد ترتفع بنسبة تتراوح بين 11% و12% في المتوسط لتعويض تأثير الرسوم الجمركية المفروضة حديثاً.

وحسب وول ستريت جورنال، فإن إعلان ترمب الأخير أدى إلى انخفاض العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، إذ أعرب بعض المستثمرين عن قلقهم من احتمال تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم، وحتى قبل الإعلان عن هذه الرسوم الجديدة، كانت هناك مخاوف من أن فرض مزيد من التعريفات الجمركية قد يزيد من مخاطر دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود.

وقدّرت شركة "بلو باي" لإدارة الأصول، التابعة لشركة "آر بي سي غلوبال"، أن التعريفات الجمركية الجديدة ستؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم الأمريكي بنسبة 1%، مع تباطؤ النمو الاقتصادي إلى 1.5%، وفق الصحيفة الأمريكية.

ويرى كين روجوف، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، أن هناك احتمالاً بنسبة 50% لدخول الولايات المتحدة في حالة ركود نتيجة لهذه الإجراءات الجمركية الجديدة.

وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، قال روجوف: "لقد ألقى ترمب للتو قنبلة نووية على النظام التجاري العالمي"، مشيراً إلى أن العواقب الاقتصادية المترتبة على فرض مثل هذه الرسوم على الواردات الأمريكية ستكون "وخيمة".

ووفقاً للجنة التجارة الدولية الأمريكية، أدت التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب خلال ولايته الرئاسية الأولى إلى رفع متوسط أسعار الفولاذ والألمنيوم في السوق الأمريكية بنسبة 2.4% و1.6% على التوالي. كما أدت التعريفات المفروضة على الغسالات المستوردة بين عامي 2018 و2023 إلى زيادة أسعار معدات الغسيل بنسبة 34%، وفقاً للإحصاءات الرسمية، قبل أن تعود الأسعار للانخفاض بعد انتهاء صلاحية تلك الرسوم الجمركية.

هزة اقتصادية عالمية

شهدت الأسواق المالية العالمية اضطرابات حادة اليوم الخميس، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض الرسوم الجمركية الجديدة. 

وأفاد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز بأن هذا الإعلان أدى إلى تراجع العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500، حيث هبطت بأكثر من 3%، مما يعكس حالة الذعر في أوساط المستثمرين.

كما تأثرت الأسواق الآسيوية بشدة، إذ تراجع المؤشر القياسي في اليابان بأكثر من 3%، فيما شهدت بورصتا هونغ كونغ وكوريا الجنوبية انخفاضاً بنحو 2%.

وشهدت الرسوم التجارية ارتفاعاً قياسياً؛ إذ قال رئيس أبحاث الاقتصاد الأمريكي في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أولو سونولا، في حديثه مع نيويورك تايمز، إن معدل الرسوم الجمركية الأمريكية على جميع الواردات ارتفع إلى 22%، مقارنةً بـ2.5% فقط في عام 2024.

وأضاف: "هذا يُحدث تحولاً جذرياً، ليس فقط للاقتصاد الأمريكي، بل للاقتصاد العالمي أيضاً. من المحتمل أن يدخل عديد من الدول في حالة ركود بسبب هذه الإجراءات. لا يمكن الاعتماد على التوقعات التقليدية بعد الآن".

يوافقه في الرأي رئيس قسم الدخل الثابت الدولي في شركة التحالف الوطني للأوراق المالية، أندرو برينر، للصحيفة، قائلاً إن "ترمب يشن حرباً على الدول بهذه الإجراءات. إنه لا يُدرك تأثير ما يفعله على الاقتصاد العالمي، وهذا سيضر بالولايات المتحدة نفسها".