وأوضحت البلدية أن الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها إمدادات المياه وتشغيل محطات الصرف الصحي، توقفت بالكامل، مما ينذر بتدفق مياه الصرف إلى الشوارع وانتشار الأوبئة والأمراض. وأشارت إلى أن تعذر تشغيل آبار المياه ومحطات التحلية يهدد بحرمان نحو 900 ألف مواطن من الوصول إلى مياه صالحة للشرب والاستخدام.

ودعت البلدية المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى التدخل العاجل لإنهاء الحرب على قطاع غزة، كما طالبت الجهات المانحة والمنظمات الأممية بالضغط على إسرائيل من أجل السماح بإدخال الوقود اللازم لتشغيل المرافق الحيوية.

يأتي ذلك في ظل أزمة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة، ناجمة عن استمرار إغلاق المعابر منذ 2 مارس/آذار 2025، ومنع دخول المواد الغذائية والمساعدات والوقود، إلى جانب تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في مختلف مناطق القطاع.

وفي نفس السياق، حذّرت بلديات المحافظة الوسطى، في بيان مشترك قبل أسبوع، من توقف خدماتها بالكامل بسبب أزمة الوقود، التي فاقمها استمرار الحصار الإسرائيلي.

من جهته، أكد المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، جيمس إلدر، أن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءاً يومياً، مشيراً إلى أن العائلات تكافح لتأمين وجبة واحدة لأطفالها، بينما تتفوق كميات القنابل والصواريخ التي تدخل القطاع على كميات الغذاء.

ووصف إلدر، الموجود في خان يونس ضمن مهمة رسمية، الأوضاع في غزة بأنها "قاتمة ومروعة"، وقال إن السكان يواجهون ليالي قاسية تحت القصف، ويعيشون أيامهم بين الجوع والنزوح المتكرر، مشيراً إلى أن قدرة الناس على التحمل وصلت إلى حدودها القصوى.

وأوضح أن كثيراً من العائلات تقيم في خيام منذ أكثر من ستة أشهر، ويجري إجبارهم على النزوح من جديد. وأكد أن سكان غزة لم يحتفلوا بعيد الأضحى منذ عامين، ويقضون هذه المناسبات في استذكار من فقدوهم، وسط شعور عام بالحزن والخذلان.

وأشار إلى أن الأمهات اضطررن لقضاء يومين دون طعام من أجل توفير وجبة واحدة لأطفالهن، محذراً من تفشي سوء التغذية الحاد بين الأطفال، الذي يزيد احتمال وفاتهم بعشر مرات عند الإصابة بأمراض كان يمكن علاجها بسهولة.

وفي ما يتعلق بالخدمات الصحية، أشار إلى أن الوصول إلى المستشفيات بات محفوفاً بالمخاطر، وأن هذه المرافق تعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية، إذ لا تعمل سوى 19 مستشفى جزئياً من أصل 38 في القطاع.

كما انتقد إلدر النظام الجديد لتوزيع المساعدات الإنسانية في جنوب غزة، المدعوم من الولايات المتحدة وإسرائيل، واصفاً إياه بـ"العسكري الطابع"، ومؤكداً أنه تسبب في سقوط ضحايا يومياً في أثناء انتظارهم للحصول على المساعدات، بينهم أطفال.

وبعيداً عن إشراف الأمم المتحدة، بدأت إسرائيل منذ 27 مايو/أيار الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيلياً وأمريكياً، لكنها لا تحظى باعتراف الأمم المتحدة. وقد شهدت هذه الآلية اضطرابات متكررة، بسبب الازدحام الشديد، وإطلاق القوات الإسرائيلية النار على المدنيين المنتظرين.

وفي هذا السياق، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بأن 5 فلسطينيين استشهدوا وأصيب آخرون صباح اليوم برصاص جيش الاحتلال في أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات في مناطق متفرقة من قطاع غزة، بينهم اثنان غرب مدينة رفح، وثلاثة قرب محور نتساريم وسط القطاع.

كما استشهد 7 آخرون في منطقتي التوام وبيت لاهيا شمال غزة، فيما أصيب عدد من المدنيين خلال حوادث مشابهة في مدينة خان يونس.

وحسب مصادر طبية، تجاوز عدد الشهداء الذين سقطوا منذ بدء العمل بآلية توزيع المساعدات الجديدة في مايو/أيار الماضي 100 شهيد، إلى جانب عشرات المصابين، في ظل تفاقم الوضع الإنساني وتعذر وصول المساعدات بشكل آمن إلى السكان المحتاجين.

وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاماً، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل نحو 2.4 مليون بالقطاع بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ويعاني القطاع مجاعة قاسية جراء إغلاقها المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.

وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 183 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.