العالم
4 دقيقة قراءة
آلاف المدمنين وحرب خاسرة.. كيف فشلت حكومة فرنسا بمكافحة مخدر الـ"كراك"؟
لا يزال تعاطي مخدر الـ"كراك" ظاهرة تقض مضجع الفرنسيين وتخلق مشكلات صحية وأمنية خطيرة خاصة في العاصمة باريس. هذا مع تزايد أعداد المدمنين له كل سنة، ما يكشف فشل سياسة الحكومة في محاربته.
آلاف المدمنين وحرب خاسرة.. كيف فشلت حكومة فرنسا بمكافحة مخدر الـ"كراك"؟
متعاطو الـ"كراك" يصطفون على رصيف بالقرب من ساحة ستالينغراد / صورة: AFP
3 نوفمبر 2022

ما إن يتسحب غطاء الليل على سماء باريس الرمادية تتغير طبيعة رواد ساحة ستالينغراد الشهيرة، تحتلها وجوه جديدة تعتلي سحنتها آثار تعب مرير، يتشممون الأزقة الجانية بحثاً عن ضالتهم: تجار مخدر الـ"الكراك". وما إن يحصلوا عليه حتى يهرعون إلى أركان الساحة، فيتحلقون في جماعات يتعاطون ذلك السم القاتل في نشوة مخدرة.

هي ذي المشاهد التي تطبع ليل الساحة المتربعة على ضفة نهر السين، والتي كانت لأمس قريب أيقونة من أيقونات العمارة بعاصمة الأنوار. وما يتلو تلك المشاهد أكثر فظاعة، فغالباً ما تنشب اشتباكات بين المدمنين، وبينهم وبين التجار، كما تنتشر الجرائم والتحرش الجنسي.

وليست ستالينغراد سوى نموذج واحد ضمن عشرات الأماكن المماثلة لها في شتى أنحاء البلاد، إذ أصبح إدمان الـ"كراك" ظاهرة تقض مضجع الفرنسيين، مع تزايد أعداد المتعاطين في كل سنة. بالمقابل تفشل الحكومة الفرنسية في إيجاد حل ناجع لهذه المعضلة.

ستالين "كراك"!

في حديثها لصحيفة "لوفيغارو" تشتكي إيزابيل، وهي قاطنة برفقة عائلتها في أحد البيوت المجاورة لساحة ستالينغراد، الضجيج والصراخ الذي يطلقه متعاطو الـ"كراك". قائلة: "لم يعد بإمكاننا تحمل كل هذا (الإزعاج). كل ساعتين توقظنا صرخات مرعبة. أطفالي خائفون!".

لم يكن الحال في هذه الساحة على ما هو عليه الآن، قبل دخول مخدر الـ"كراك إلى فرنسا أول التسعينيات، حيث لقي ويلقى رواجاً كبيراً، مشكلاً ظاهرة تقض مضجع الفرنسيين. وحسب إحصائيات المعهد الفرنسي لمحاربة الإدمان "CSAPA" تضاعف عدد المتعاطين لهذا المخدر سنة 2017 ليبلغ 44.7 ألف شخص، قبل أن كان في حدود 20 ألف شخص سنة 2010.

تتسع الشريحة العمرية لهؤلاء المدمنين من 15 إلى 64 سنة، بينما ينتشر تعاطي الـ"كراك" غالباً بالأوساط الفقيرة التي تشهد هشاشة اقتصادية واجتماعية. وهو ما يجعل الظاهرة قابلة للاتساع أكثر مع اتساع هذه الفئة من المجتمع، بعد سنوات الأزمة الصحية والمشكلات الاقتصادية التي تعرفها البلاد، ويؤشر على هذا ارتفاع كمية المحجوزات من الـ"كراك"، التي بلغت سنة 2021 سقف 26.5 طن، بعد أن عادلت 11 طناً في 2010.

وفي الأماكن الذي ينتشر فيها تعاطي الـ"كراك" مثل ساحة ستالينغراد أو حديقة "إيول" الباريسية ينتشر العنف والجريمة التي قد تصل إلى القتل. ففي يونيو/حزيران 2021 تعرض طفل يبلغ عامين لاعتداء أحد المتعاطين على مقربة من حديقة "إيول" كاد يفقأ عينه. وبعدها بأيام لقي شاب مصاب بالتوحد مصرعه على يد مجموعة من المتعاطين.

هذا وغالباً ما تشهد هذه الأماكن كذلك اشتباكات بين المتعاطين والسكان الذين انتظموا في مجموعات لـ"تطهير أحيائهم" من تلك الظاهرة، تستخدم بها الأسلحة البيضاء والهراوات والشماريخ والألعاب النارية.

حرب الحكومة الفاشلة!

لمحاربة الظاهرة تعاطي الـ"كراك" تقوم سياسة الداخلية الفرنسية الحالية بقيادة جيرالد دارمانان على: ملاحقة مروجي هذا المخدر، وترحيل المتعاطين من أماكن تجمعهم، الذي ينتهي غالباً بانتقالهم إلى أماكن أخرى.

وحسب مدير مركز استقبال لمتعاطي الـ"كراك" بباريس جمال لازيك في حديثه لـ"ميديابارت" فإنه "طالما لا يوجد اهتمام بالظاهرة، وتعبئة للسكان المحيطين بتجمعات التعاطي، فإننا نترك مجالاً لهذه الظاهرة كي تتطور. وعندما تسبب الكثير من الإزعاج يجري اللجوء إلى العنف الذي لا يحل المعضلة بشكل عضوي، وبالتالي دائماً ما ينتهي الأمر بإعادة تشكيل نفس المشاهد، بل وأكبر من ذي قبل".

يدلل تقرير موقع "ميديابارت" على فشل سياسة دارمانان بلغة الأرقام، إذ تضاعف عدد مرتادي حديقة "إيول" ليصل 700 شخص بعد تفكيك تجمع سابق من نحو 300 شخص، كان يحتل ميدان "فورسوفال" غير بعيد عن الحديقة. بالمقابل يقترح أخصائيو الإدمان والمحللون الاجتماعيون استراتيجية بديلة تجمع بين الرعاية ومتابعة المتعاطين للإقلاع، وتوفير مراكز لإيوائهم وإدماجهم في الحياة الاجتماعية، وهو ما يبدو بعيداً عن سياسة الداخلية الفرنسية.

مصدر:TRT عربي
اكتشف
"تلتزم تحقيق السلام مع لبنان".. المبعوث الأمريكي يدافع عن إسرائيل رغم اعتداءاتها المتواصلة
البرغوثي: نواجه مخططات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين.. وأمريكا تواصل انحيازها الكامل لإسرائيل
مظاهرة داعمة لفلسطين أمام البيت الأبيض احتجاجاً على زيارة نتنياهو
جيش الاحتلال يعلن اعتقال خلية يزعم أنها تتبع فيلق القدس الإيراني جنوبي سوريا
ترمب يتوعد الدول المتحالفة مع بريكس برسوم جمركية إضافية بنسبة 10%
ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في تكساس إلى 82 قتيلاً وسط استمرار البحث عن مفقودين
ترمب: أمامنا فرصة جيّدة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة هذا الأسبوع
قادة "بريكس" يدعون إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية ويُدينون الهجمات على إيران
القسام تستهدف تجمعات لجيش الاحتلال بخان يونس وتقصف مستوطنتين محاذيتين لغزة
بلا نتيجة حاسمة.. انتهاء الجلسة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل
جيش الاحتلال يستهدف مواني ومحطة كهرباء في اليمن والحوثيون يعلنون التصدي للهجوم
الضفة.. شهيدان في نابلس وإخطارات بالهدم في الخليل و296 انتهاكاً إسرائيلياً في سلفيت
الدوحة.. جولة مفاوضات جديدة غير مباشرة بين حماس وإسرائيل لأجل وقف إطلاق النار في غزة
"بملايين الدولارات".. تقرير بريطاني: شركة أمريكية تخطط لتهجير فلسطينيي غزة عبر المساعدات الإنسانية
عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب باتفاق شامل تزامناً مع مفاوضات الدوحة
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us