أعلنت وزارة الخارجية الأسترالية، الاثنين، مقتل مواطن لها كان يقاتل ضمن صفوف الجيش الإسرائيلي في غزة. وكشفت شبكة "ABC" الأسترالية، عن أن الأمر يتعلق بشخص اسمه ليون سيفان، يبلغ من العمر 32 سنة، وكان يقاتل ضمن لواء المدرّعات التابع للجيش الإسرائيلي.
وكان الجيش الإسرائيلي قد سبق وأعلن مقتل ضابطه الأسترالي، خلال معارك مع المقاومة في جنوب القطاع، يوم الـ19 من ديسمبر/كانون الأول الماضي. وحسب الشبكة الأسترالية، فقد كان سيفان يحمل رتبة نقيب، ويقود الكتيبة 363 من لواء المدرعات الإسرائيلي "هارئيل".
وتعيد هذه الأخبار إلى الواجهة ملف آلاف المرتزقة ومقاتلي الاحتياط من جنسيات أخرى، والذين يقاتلون إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة. وهو ما يطرح أسئلة حول طبيعة المهام المنوطة بهم خلال المعارك، والسبب كامن وراء اعتماد الجيش الإسرائيلي عليهم بهذه الأعداد الكبيرة.
آلاف المقاتلين من جنسيات مختلفة
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، يعتمد الجيش الإسرائيلي في عدوانه على غزة، على آلاف المرتزقة من جنسيات مختلفة. وتداولت تقارير إعلامية دولية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً ومقاطع فيديو تثبت وجود مقاتلين من جنسيات أجنبية، أغلبها غربية أو حليفة للغرب، يقاتلون إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة.
وأظهرت مقاطع فيديو وجود مقاتلين أوكرانيين في غزة، كما ظهر في إحداها مقاتل وهو يرسم شعار أوكرانيا، ويكتب "أمي.. أنا أقاتل في غزة" على سبورة بإحدى مدارس القطاع. وفي 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكد تقرير لشبكة الجزيرة القطرية، مقتل سبعة من المرتزقة الأوكرانيين خلال المعارك بحي الشجاعية.
كما أظهر مقطع فيديو آخر، جرى تداوله بشكل واسع على منصة "إكس"، لمقاتل في الجيش الإسرائيلي، يحمل على خوذته علم اليونان.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، جرى تداول فيديو، ظهر فيه جندي وهو يتحدثلكنة أمريكية واضحة أمام عدد كبير من الجنود الإسرائيليين متوعداً بمحو الفلسطينيين ومدنهم. وقال الجندي: "سوف أحرق مدينتهم لأسوّيها بالأرض، أجل سوف أجد جميع جحور الجرذان التي يختبئون فيها، إنه موسم الصيد في غزة".
وقبل هذا، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت صحيفة إلموندو الإسبانية، تقريراً عن أن "جيشاً صغيراً" من المرتزقة الإسبان يقاتلون إلى جانب إسرائيل. من بينهم شاب يُدعى بيدرو دياز فلوريس كوراليس، 27 سنة، وهو جندي سابق في الجيش الإسباني سبق أن قاتل مرتزِقاً في كل من أوكرانيا والعراق، بالإضافة إلى هذا، فهو معروف بانتمائه إلى النازيين الجدد، وفق موقع ميدل إيست مُونيتور.
وبرر كوراليس ذهابه إلى القتال في الأراضي المحتلة بالمكافآت المُغرية التي يقدمها إليهم الجيش الإسرائيلي. وأوضح أن الواحد منهم يتقاضى نحو 3900 يورو (4187 دولاراً) راتباً أسبوعياً، فضلاً عن المكافآت التكميلية المرتبطة بالمهام التي يؤدونها، حسب قوله.
وتعاقدت إسرائيل مع شركتي "ريفن" و"غلوبال سي إس تي"، وهما شركتان للتعهد الأمني. ومنذ سنوات تحوم اتهامات حول "غلوبال سي إس تي" وضلوعها في الاتجار غير المشروع بالأسلحة، فضلاً عن الارتزاق.
احتياطيون أجانب
بالإضافة إلى المرتزقة، يعتمد الجيش الإسرائيلي على نوع آخر من المقاتلين الأجانب، وهم الجنود الاحتياطيون مزدوجو الجنسية التابعون له، والذين توجهوا بكثافة من دول أوروبية وأمريكا، للقتال في غزة عقب 7 أكتوبر/تشرين الماضي.
وكشف تقرير سابق لصحيفة الإندبندنت البريطانية، نُشر يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول، بأنه في الساعات الأولى لاندلاع المعارك، سافر أكثر من 100 مقاتل بريطاني للالتحاق بالجيش الإسرائيلي.
وذكر تقرير نشرته شبكة "أوروبا1" الفرنسية، أن إسرائيل جنّدت نحو 4185 مقاتلاً فرنسياً للقتال في غزة. ونقل التقرير شهادة مرتزِق فرنسي يهودي يدعى إيثان (22 سنة) التحق بالجيش الإسرائيلي قبل سنتين، ويقاتل حالياً في الخطوط الأمامية بقطاع غزة برتبة رقيب أول في قوات النخبة.
وأحدثت هذه التقارير ضجة في فرنسا، ووصلت أصداؤها إلى قبة البرلمان الفرنسي، إذ طالب النائب توماس بورتس، عن حزب "فرنسا الأبية" اليساري، بمحاسبة هؤلاء المجندين مزدوجي الجنسية، وإدانة مشاركتهم في جرائم الحرب بأكبر قدر من الحزم".
ورداً على هذا، ظهر مقاتلان فرنسيان وهما يرتديان بدلة الجيش الإسرائيلي، في مقطع فيديو وجّها من خلال رسالة إلى النائب الفرنسي المذكور، وقالا: "توماس بورتس، حزب فرنسا الأبية، شكراً على دعمكم".
كيف تستخدم إسرائيل المرتزقة في معارك غزة؟
ومن أجل تجنيد هؤلاء المرتزقة، تعتمد إسرائيل على متعهدين أمنيين يعملون بشكل خاص، من أبرزهم شركة "غلوبال سي إس تي" المحلية. وتُتَّهم العناصر المرتزقة التي تعمل لهذه الشركة بارتكابها جرائم ضد الإنسانية في النزاعات التي شاركت فيها بأمريكا اللاتينية وأوسيتيا الجنوبية وإفريقيا.
وحسب الإسباني بيدرو دياز فلوريس كوراليس، تقتصر مهام هؤلاء المرتزقة على الدعم الأمني لخطوط الإمداد وضمان أمن نقاط التفتيش ومراقبة الحدود. بالمقابل، أصبحت المقاومة تعلن عن قتلها عدداً من هؤلاء المقاتلين المأجورين، وهو ما يوضح إقدام القيادة الإسرائيلية على الزج بهم في الاشتباكات.
ويؤكد المحلل العسكري ورئيس تحرير موقع "مينا ديفانس"، أكرم خريف، في حديثه لـTRT عربي أنه "لا يوجد استخدام استراتيجي للمرتزقة (بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي) أفضل من الدفع بهم كفرق استطلاع في مواقع متقدمة من الجبهة".
ويوضح رئيس تحرير الموقع المتخصص في العتاد العسكري أن: "وجودهم (في تلك المواقع) يسمح للجيش الإسرائيلي بتقليل خسائره، ذلك بعدم إحصائهم ضمن خسائر الجيش (...) كما يمكنه الاستفادة من مقاتلين ذوي تجربة حديثة في القتال (عوض مقاتليه الذين لم يشاركوا في معارك برية منذ زمن طويل)".
وفي هذه النقطة، لم يخف الناطق العسكري باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، في7 ديسمبر/كانون الأول الجاري، شكوكهم في استعانة الجيش الإسرائيلي "بمرتزقة في عدوانه على قطاع غزة"، مستدلاً بالفارق بين عدد القتلى الذين يسقطون في القتال مع مقاتليهم وما يعلنه الجيش الإسرائيلي.
ومن ناحية أخرى، حسب المحلل العسكري أكرم خريف، فإن الجيش الإسرائيلي "يواجه صعوبة كبيرة في جمع المقاتلين"، كما "تعاني قواتهم من مشكلة هيكلية في الانضباط والتنظيم، إذ يفتقر مقاتلوهم إلى الشجاعة ويفضلون الابتعاد عن الخطر بدلاً من أداء مهامهم كقوات مشاة، وهذا يفسر بشكل ما السهولة التي يهاجم بها مقاتلو حماس دباباتهم".