وتأتي تصريحات بوتين في ظل ضغوط أمريكية متزايدة لدفعه نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف في أوكرانيا.
ومع استمرار التقدم التدريجي للقوات الروسية، يرفض بوتين مطالب كييف بوقف فوري وشامل لإطلاق النار، لكنه يرى أن إحراز تقدم نحو معاهدة جديدة للحد من الأسلحة يمكن أن يعزز صورته كطرف منخرط في مساعي السلام، وربما يقنع ترمب بتأجيل فرض عقوبات جديدة على روسيا وصادراتها النفطية وغيرها من القطاعات الرئيسية.
ومنذ اندلاع الحرب، لوّح بوتين مراراً بإمكان استخدام السلاح النووي، عبر تصريحات مباشرة، ومناورات عسكرية، وتعديل معايير الاستخدام، في رسالة تحذير للغرب من مغبة المواجهة المباشرة مع روسيا.
وتمتلك موسكو أكبر ترسانة نووية في العالم، تُقدَّر بنحو 4309 رؤوس حربية، مقابل 3700 لدى الولايات المتحدة، بينما تأتي الصين ثالثًا بـ600 رأس، وفق اتحاد العلماء الأمريكيين.
تعود آخر معاهدة استراتيجية بين البلدين إلى عام 2010، حين وقع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ونظيره الروسي آنذاك دميتري ميدفيديف معاهدة "نيو ستارت"، التي حددت سقفًا أقصى بـ1550 رأسًا نوويًا استراتيجيًا و700 منصة إطلاق لكل طرف.
دخلت المعاهدة حيز التنفيذ عام 2011، وتم تمديدها في 2021 لخمس سنوات إضافية، قبل أن يعلّق بوتين مشاركة بلاده فيها عام 2023 مع الإبقاء على الالتزام العملي بسقف الرؤوس الحربية.
ومن المقرر أن ينتهي سريان المعاهدة في 5 فبراير/شباط 2026، ويحذر خبراء الأمن من أن غياب التمديد أو بديل عنها قد يدفع البلدين لتجاوز الحدود المتفق عليها.
ترمب، الذي أعلن الشهر الماضي رغبته في الحفاظ على بنود المعاهدة، قال في 25 يوليو/تموز: "هذه ليست من الاتفاقيات التي تريدون أن تنقضي صلاحيتها. عندما تُرفع القيود النووية، نكون أمام مشكلة كبيرة".
في مؤشر على استمرار التصعيد، كشف ترمب مؤخراً أنه أمر بتحريك غواصتين نوويتين أمريكيتين قرب روسيا رداً على تصريحات لميدفيديف تحدث فيها عن احتمال نشوب حرب مع الولايات المتحدة.
ورغم تقليل الكرملين من أهمية الخطوة، فقد حذر من ضرورة "توخي الحذر الشديد" في الخطاب النووي.
وفي موازاة ذلك، يلوح في الأفق سباق تسلح جديد يشمل الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى القادرة على حمل رؤوس نووية.
فبعد انسحاب واشنطن في 2019 من معاهدة حظر هذه الفئة من الأسلحة، أعلنت الولايات المتحدة خططاً لنشر صواريخ "توماهوك" و"إس.إم-6" وأسلحة فرط صوتية في ألمانيا بدءاً من 2026.
في المقابل، أكدت روسيا هذا الشهر أنها لم تعد تفرض أي قيود على مواقع نشر صواريخها متوسطة المدى.