لا تفرق آلة الحرب التي يستعملها الاحتلال الإسرائيلي بين صغير أو كبير في قطاع غزة، إذ إن الجميع بلا استثناء مستهدفون في واحدة من أبشع وأفظع "حروب الإبادة" التي يشنها الاحتلال ضد المدنيين في القطاع منذ 105 أيام.
ولعلّ أفظع مآسي تلك الحرب هي ما يتعرض له الأطفال والنساء الأبرياء، الذين لا حول لهم ولا قوة، فقد وجدوا أنفسهم في مرمى الطيران والغارات الإسرائيلية ودعوات إبادتهم من أعلى المسؤولين في تل أبيب وسط صمت وتخاذل العالم عنهم.
ومن بين تلك القصص التي تدمي القلب، ما روته الطبيبة فاديا ملحيس حول استشهاد جنين قبل أن يرى النور، بعدما أصيب بجروح ونزيف داخلي في بطن أمه التي فارقت الحياة جراء قصف إسرائيلي.
وتروي طبيبة التوليد ملحيس قصة "الجنين الشهيد"، وتقول: "الحادثة وقعت قبل يومين، عندما أرادت سيدة حامل المجيء إلى المستشفى مع زوجها وأخيه، بعد أن جاءها المخاض منتصف الليل".
وتضيف: "عندما خرجوا من المنزل، استُهدفوا بصاروخ، الزوج وأخوه وصلا المستشفى شهيدين، أما السيدة فاستشهدت بعد 8 دقائق من وصولها المستشفى".
وتكمل الطبيبة: "على الفور أجريت عملية قيصرية لإنقاذ الجنين، لم يكن يتنفس وقلبه متوقف عن النبض، بعد التدخلات الطبية بدأ قلبه ينبض".
واستدركت بالقول: "ولكن الجنين كان جريحاً بشظايا الصاروخ، كان لديه نزيف داخلي، ففقدنا الجنين أيضاً".
وتذكر ملحيس وجود 50 ألف سيدة حامل في غزة، وأن القصف الإسرائيلي يهدد حياتهن، علاوة على عدم حصولهن على الرعاية والغذاء الكافي.
وروت الطبيبة كثيراً من الوقائع التي عاشتها في الشهرين الماضيين، ولا سيما خلال اقتحام الجنود الإسرائيليين مستشفى الشفاء، أكبر منشأة صحية بالقطاع.
وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي بدباباته مستشفى الشفاء، وفيها آلاف المرضى والنازحين، ودمّر بعض أجزائه، قبل أن ينسحب منه بعد 10 أيام من احتلاله.
وتعرضت ملحيس وأسرتها حسب ما ذكرت، للحصار داخل المنزل، بسبب الهجمات الإسرائيلية على الحي الذي تقطنه.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشنُّ الجيش الإسرائيلي حرباً مدمّرة على غزة خلّفت حتى الجمعة "24 ألفاً و762 شهيداً و62 ألفاً و108 مصابين وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وتسببت في نزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.