جاء ذلك في كلمة المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن بشأن خطة إسرائيل لاحتلال كامل قطاع غزة، ونشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) مقتطفات منها.
وقال منصور، خلال الاجتماع الطارئ الذي جاء طلب عقده من جميع أعضاء مجلس الأمن باستثناء الولايات المتحدة: "يجب أن لا نكتفي بالشعور بالذنب والعار وعلينا التحرك الآن لإيقاف الإبادة الجماعية"، مضيفاً أن "إسرائيل تقتل فلسطين في غزة وهذا هو هدفها، كما تسعى لتعزيز سيطرتها على غزة لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة".
وأشار إلى أنه في غزة "يعاني أكثر من مليوني ضحية معاناة كبيرة لا يمكن للعقل البشري أن يتصورها، ولم يعد مسموحاً لنا خذلانهم أكثر من ذلك، ويجب أن لا نكتفي بالشعور بالذنب أو العار، والمجلس مدين بالتحرك الآن لإيقاف الإبادة الجماعية".
وتابع: "لا يمكن نكران أن إسرائيل لا تبالي بما يقوله أحد، وأن كل ما يهم الآن هو القدرة على تحويل الإدانات إلى أعمال عادلة، وأن التاريخ سيحكم على الجميع"، وأعرب عن تقديره لـ"وصف الجميع تقريباً لعمق الألم والمأساة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني".
واستدرك قائلاً: "إلا أن ذلك ليس كافياً ويجب التحرك لمعالجة الوضع ووضع حد له وإلا فإن هذا الوصف لا يعني شيئاً إن لم يجرِ التحرك"، ودعا مجلس الأمن إلى التحرك "بموجب الفصل السابع، لحرمان إسرائيل من السعي وراء أو الاستمرار بهذه الحرب المليئة بالجرائم الفظيعة".
وعن خطط احتلال غزة، قال مندوب فلسطين إنّ "تدمير شعبنا والقضاء على الحياة في غزة ما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة، وبالتالي نظراً إلى إصرار نتنياهو للاستمرار بهذه المجزرة للقضاء على شعبنا من خلال الدمار والموت وضم أرضنا لتدمير فلسطين ومعها أي فرصة لتحقيق السلام، آن لهذا المجلس أن يتحرك".
والجمعة، أقر "الكابينت" خطة تبدأ باحتلال مدينة غزة (شمال)، عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية.
ويلي ذلك مرحلة ثانية تشمل احتلال مخيمات اللاجئين وسط قطاع غزة، والتي دمرت إسرائيل أجزاء واسعة منها، ضمن حرب متواصلة بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
"مجاعة خالصة"
وفي سياق متصل، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، اليوم الأحد، إن الوضع في قطاع غزة "لم يعد أزمة جوع وشيكة بل مجاعة خالصة".
جاء ذلك في كلمة لرئيس مكتب أوتشا بجنيف، راميش راجاسينغهام، أمام مجلس الأمن الدولي، الذي يعقد جلسة طارئة لبحث الوضع في الشرق الأوسط، وخاصة قضية فلسطين.
وقال راجاسينغهام إن "المعاناة التي كابدها الفلسطينيون على مدى الـ22 شهراً الماضية "لم تكن أقل من كونها مؤلمة للروح، وإنسانيتنا المشتركة تفرض علينا إنهاء هذه الكارثة على الفور"، وأضاف أن قرار إسرائيل احتلال كامل قطاع غزة "يمثل تصعيداً خطيراً في نزاع تسبب بالفعل في معاناة لا يمكن تصورها".
وتابع رئيس مكتب "أوتشا": "الوضع في قطاع غزة لم يعد أزمة جوع وشيكة بل مجاعة خالصة"، وأكد أنه "يجب على إسرائيل التوقف عن اعتقال الفلسطينيين بشكل تعسفي في الضفة الغربية، وتسهيل دخول المساعدات إلى قطاع غزة".
وقال راجاسينغهام: "على مدى أكثر من 670 يوماً، عانى الفلسطينيون في غزة من القتل والإصابات اليومية"، وحذر من أن التطورات في الضفة الغربية "تفاقم الوضع الإنساني القائم الذي للأسف يظل أقل وضوحاً، ليس لأنه أقل خطورة، ولكن لأن الاهتمام العالمي قد انصرف عنه".
“كارثة أخرى”
من جانبه، أشار مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أوروبا ميروسلاف ينتشا، في كلمته بمجلس الأمن إلى تقارير لوسائل إعلام عبرية أفادت بأن الحكومة الإسرائيلية تتوقع نزوح جميع المدنيين من مدينة غزة بحلول 7 أكتوبر/تشرين الأول 2025، ما سيؤثر على نحو 800 ألف شخص، كثير منهم نزحوا في السابق.
وحذر ينتشا، من أنه "إذا جرى تنفيذ هذه الخطط، فمن المرجح أن تؤدي إلى كارثة أخرى في غزة تتردد أصداؤها بجميع أنحاء المنطقة، وتتسبب في مزيد من التهجير القسري والقتل والدمار، ما يزيد من معاناة السكان التي لا تطاق".
وأضاف: "للجميع الحق في الحياة والحرية والأمن. ويجب أن يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى ديارهم"، وأكد، موقف الأمم المتحدة الواضح في أن "السبيل الوحيد لوقف المعاناة الإنسانية الهائلة في غزة هو وقف كامل وفوري ودائم لإطلاق النار"، ودعا إلى "إطلاق سراح جميع الرهائن فوراً ودون شروط".
وطالب المسؤول الأممي، إسرائيل بـ"التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع إلى السكان بسرعة وأمان ودون عوائق"، وشدد على "ضرورة حماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني الذين يسعون للحصول على المساعدة".
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، والسماح بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفاً و258 شهيداً و152 ألفاً و45 مصاباً من الفلسطينيين، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.