وأسفرت الغارة عن مقتل خمسة من صحفيي الجزيرة، بينهم الشريف وزميله محمد قريقع، ليرتفع عدد الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل منذ بداية الحرب إلى 237 صحفياً، وفق بيانات مؤسسات إعلامية وحقوقية.
وأنس الشريف، من مواليد 3 ديسمبر/كانون الأول 1996 في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، نشأ في بيئة مشبعة بالصراع، وعايش الحروب المتكررة التي شهدها القطاع.
تلقى تعليمه في مدارس وكالة "الأونروا" ومدارس وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، قبل أن يلتحق عام 2014 بجامعة الأقصى لدراسة الإذاعة والتليفزيون، وتخرج فيها عام 2018.
بدأ الشريف مسيرته الإعلامية متطوعاً في شبكة محلية، ثم التحق بقناة الجزيرة مراسلاً ميدانياً، وتميّز في تغطيته للحرب المستمرة على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ تمركز في شمال القطاع ووسط مدينة غزة، ونجح في توثيق المجازر الإسرائيلية، وأوضاع الحصار، والمجاعة، والانهيار الصحي والإنساني في المناطق المنكوبة.
وفي ظل انقطاع الكهرباء والاتصالات، كان الشريف يستخدم أسطح المنازل والمستشفيات للعثور على إشارات إنترنت تمكنه من إرسال تقاريره. وقدّم في تغطيته مشاهد صادمة لأطفال جوعى، وعائلات تبحث عن الطعام وسط الأنقاض، وملاجئ مدرسية تحولت إلى مساكن جماعية للنازحين.
وثّق أنس هجمات مباشرة على مدارس "الأونروا" والمستشفيات، وأكد في تقاريره استخدام القصف المتعمد على مناطق مكتظة بالمدنيين. وقد حاز العام الماضي جائزة "المدافع عن حقوق الإنسان" من منظمة العفو الدولية في أستراليا، تكريماً لشجاعته وإصراره على نقل الحقيقة.
تعرض الشريف لحملة تحريض وتهديد مستمرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي اتهمه بالانتماء لفصائل مسلحة، في محاولة لتبرير استهدافه، وهي اتهامات نفاها مراراً. وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، استهدفت غارة إسرائيلية منزل عائلته في جباليا، ما أدى إلى استشهاد والده.
وردّاً على اتهامات الاحتلال، كتب الشريف في تغريدة عبر منصة "إكس": "أنا، أنس الشريف، صحفي بلا انتماءات سياسية، ومهمتي نقل الحقيقة من أرض الواقع كما هي".
من جانبها، وصفت مقررة الأمم المتحدة الخاصة بحرية الرأي والتعبير، إيرين خان، الاتهامات الإسرائيلية للصحفيين بأنها "باطلة وخطيرة"، ودعت إلى حماية الصحفيين ووقف استهدافهم.
وفي أواخر يوليو/تموز الماضي، أصدرت شبكة الجزيرة بياناً نددت فيه بتحريض جيش الاحتلال ضد طواقمها الصحفية، وعلى وجه الخصوص المراسل أنس الشريف، مؤكدة أن هذه الحملة تشكل تهديداً مباشراً لسلامة الصحفيين.
وحسب مراقبين، فإن استهداف أنس الشريف يأتي في سياق خطة إسرائيلية لتصفية الصحفيين قبيل التمهيد لاحتلال مدينة غزة بالكامل، وهو ما يؤكد، وفقاً للمنظمات الدولية، أن استهداف الصحافة بات سياسة ممنهجة ضمن حرب الإبادة الجارية في القطاع.